شلّت مجموعة قراصنة موالية لأوكرانيا تُدعى "الغراب الصامت" أكثر من 50 رحلة جوية لشركة "أيروفلوت" الروسية أمس الاثنين، في هجوم إلكتروني مدمّر استهدف أنظمة المعلومات الحيوية للناقلة الجوية الرسمية لروسيا، في حين أكد المدّعون الروس أن اضطراب الطيران، جاء نتيجة للقرصنة الإلكترونية، وفتحوا تحقيقًا جنائيًا، بينما وصف الكرملين الوضع بأنه "مثير للقلق"، وفقًا لما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
عملية إلكترونية واسعة النطاق تشلّ حركة الطيران
تبنّت مجموعة "الغراب الصامت" الموالية لأوكرانيا مسؤولية الهجوم، مؤكدة أنه جاء بالتعاون مع مجموعة بيلاروسية تُسمى "الثوار الإلكترونيون".
وأعلنت المجموعة أن هجومها على "أيروفلوت" كان "عملية طويلة وواسعة النطاق" تمكنت من خلالها من "الاختراق العميق لأنظمة المعلومات الخاصة بالشركة، مما تركها محطّمة ومخترقة بالكامل"، حسب ما نقلته "نيويورك تايمز".
وقالت "أيروفلوت" في بيان رسمي إنها اضطرت لإجراء "تعديلات قسرية على جدول الرحلات، بما في ذلك إلغاءات جزئية للرحلات"، حيث تم إلغاء 56 رحلة ذهاب وإياب من أصل 260 رحلة مجدولة من مطار شيريميتيفو الدولي قرب موسكو. ومعظم الرحلات الملغاة كانت داخلية، لكن بعض الرحلات الدولية تأثرت أيضًا.
تعطيل شامل للخدمات الإلكترونية والحجوزات
أدى الهجوم الإلكتروني إلى تعطيل واسع في الخدمات الرقمية لأيروفلوت، حيث أشارت الشركة إلى أن وظيفة استرداد التذاكر لم تعد متاحة بسبب فشل أنظمة المعلومات جرّاء الهجوم.
كما ظلّ الوصول إلى الحسابات الشخصية على موقع "أيروفلوت" الإلكتروني مقيّدًا حتى مساء يوم الاثنين، مما أثّر على آلاف المسافرين الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى حجوزاتهم أو معلومات رحلاتهم.
ونفت جهة الرقابة على الاتصالات الروسية "روسكومنادزور" تعرّض بيانات عملاء وموظفي أيروفلوت للاختراق، وفقًا لما نقلته وكالة "تاس" الروسية للأنباء.
استراتيجية أوكرانية لتعطيل الحياة اليومية الروسية
يأتي هذا الهجوم ضمن حملة منسقة تهدف لتعطيل الحياة اليومية في روسيا وكسر إحساس الروس بالحياة الطبيعية منذ بداية الحرب، في حين شهدت الأشهر الماضية هجمات متكررة بطائرات مسيّرة أوكرانية على مناطق حول المطارات الروسية، مما تسبب في فوضى في صالات الركاب خلال موسم الإجازات الصيفية، وأصبحت الهجمات وإغلاق المطارات أحداثًا شبه يومية في المدن الروسية الكبرى، مسببة مئات من تأخيرات وإلغاءات وتحويلات الرحلات.
وبحسب تحليل المحلل الحربي الروسي المستقل فاليري شيرياييف المنشور في "نيويورك تايمز"، فإن "أعمال أوكرانيا تكشف عن سمات جهد متتالٍ مخطط له، ففي بداية موسم الصيف، عندما يسافر العديد من الروس في إجازات، تتعطل الرحلات مرارًا وتكرارًا".
كما تعرضت أكثر من 50 قطار ركاب جنوب وسط روسيا للتأخير الأسبوع الماضي، بعد هجوم بطائرة مسيّرة ضرب محطة رئيسية، وفقًا لبيان شركة السكك الحديدية الروسية.
وفي يوم الخميس، هاجمت طائرات مسيّرة مدينة سوتشي، المنتجع الروسي على البحر الأسود، مما أسفر عن مقتل شخصين وإجبار الفنادق على إخلاء نزلائها.
تأثير متعدد الجوانب على البنية التحتية
امتد تأثير الهجمات الأوكرانية إلى قطاعات متنوعة من الحياة الروسية، حيث أدت هجمات الطائرات المسيّرة أيضًا إلى اضطرابات في شبكات الهاتف المحمول الروسية، مما حدّ من الخدمات اليومية مثل التوصيل وسيارات الأجرة ومشاركة السيارات.
وسبق لمجموعة "الغراب الصامت" أن تبنّت مسؤوليتها في وقت سابق من هذا العام عن هجمات ضد قاعدة بيانات عقارية روسية، وشركة اتصالات حكومية، وقسم تكنولوجيا المعلومات في مدينة موسكو، من بين أهداف أخرى، وفقًا لما ذكرته "نيويورك تايمز".
تهديدات بمواصلة الحرب الإلكترونية
أعلنت مجموعة "الثوار الإلكترونيون" البيلاروسية أن هجماتها ستستمر طالما أن الحكومة الروسية "تشكل تهديدًا مباشرًا للسلامة الإقليمية واستقلال بيلاروسيا وأوكرانيا".
وتأتي هذه التهديدات في وقت ترد فيه روسيا بإطلاق آلاف الطائرات المسيّرة على أوكرانيا في هجمات تصاعدت بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة، حتى مع بداية محادثات وقف إطلاق النار في الربيع.
وعلّق المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، على هجوم أيروفلوت، قائلًا إن "القرصنة تمثل تهديدًا يبقى قائمًا لجميع الشركات الكبيرة"، مما يشير إلى قلق روسي من تنامي التهديدات الإلكترونية.