أقرّ مجلس الاتحاد الروسي (الدوما)، الجمعة، قانونًا جديدًا للرقابة، سيدخل حيز التنفيذ فور توقيع الرئيس فلاديمير بوتين عليه، يفرض غرامات على كل من يبحث عن محتوى مصنف رسميًا بأنه "متطرف" أو يصل إليه.
أيضًا، يفرض التشريع الشامل الجديد عقوبات على الترويج لخدمات الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، والتي يعتمد عليها الكثير من الروس لتجاوز الرقابة الحكومية والوصول إلى المواقع المحظورة.
وعقب إقرار مجلس الدوما للقانون في 22 يوليو، احتجّت مجموعة صغيرة أمام البرلمان الروسي، لأول مرة منذ فترة طويلة، بينهم بوريس ناديجدين، المرشح الليبرالي المحتمل الوحيد في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، لكن اللجنة الانتخابية رفضت تسجيل ترشيحه.
وكُتب على إحدى اللافتات: "من أجل روسيا بلا رقابة"، لكن الشرطة اعتقلت الرجل الذي كان يحمل اللافتة؛ كما ذكرت "دويتش فيله".
محتوى متطرف
يبرز التشريع الجديد بين العشرات من قوانين الرقابة التي أقرها مجلس (الدوما) قبل وبعد انطلاق العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا في عام 2022؛ كما تشير "دويتش فيله".
ووفقًا لمشروع القانون، سيُعتبر مجرد البحث عمّا يُسمى "مواد متطرفة" على الإنترنت مخالفة إدارية، يُعاقب عليها بغرامة تصل إلى ما يعادل 55 يورو. وفي السابق، كانت العقوبة تتطلب التفاعل مع مواد محظورة، مثل نشر تعليق ناقد على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما تُعرّف قائمةٌ تُديرها وزارة العدل الروسية ما يُعتبر مواد متطرفة؛ حيث تحتوي القائمة حاليًا على أكثر من 5000 عنوان. ويزعم المسؤولون والمُشرّعون أن القانون يستهدف من يبحثون بشكل مُمنهج عن المحتوى المحظور، وليس المواطنين العاديين الذين يتصفحون الإنترنت بشكل عرضي، لكنهم لم يُقدّموا توضيحًا بشأن ماهية عمليات البحث المُمنهجة.
وتضم القائمة منشورات وكتيبات وكتبًا وصحفًا وأفلامًا ومقاطع فيديو وأعمالًا فنية وأغاني، وتهدف نظريًا إلى تضمين محتوى يُحرّض على الكراهية بين الأعراق، بالإضافة إلى كتابات قادة حزب العمال الوطني الاشتراكي الألماني والحزب الفاشي الإيطالي.
أيضًا، تتضمن القائمة أعمالًا تنتقد الحكومة الروسية أو تُهاجمها، من بينها كتاب صدر عام 2002 للمنشق الروسي والضابط السابق في جهاز الأمن الفيدرالي ألكسندر ليتفينينكو، والذي يحمل عنوان "مجموعة لوبيانكا الإجرامية"، ويشرح بالتفصيل كيف دبرت أجهزة الأمن الروسية، كما يُزعم، تفجير مبانٍ سكنية في موسكو عام 1999 وأعمالًا إرهابية أخرى في محاولة لمساعدة بوتين على الوصول إلى السلطة.
وكذلك تضم هذه القائمة السوداء مواد من حركة "شهود يهوه" الدينية، التي صنفتها روسيا باعتبارها منظمة متطرفة في عام 2017.
وفي عام 2023، أفاد صحفيون من وكالة الأنباء الروسية المستقلة "7×7" أن قائمة المواد "المتطرفة" لدى الحكومة تتزايد بمئات الإدخالات الجديدة سنويًا.
وتشير "دويتش فيله" إلى أنه بين عامي 2011 و2022، فُتح ما يقرب من 15500 قضية إدارية لتوزيع محتوى "متطرف"، أي بمعدل 1300 قضية سنويًا، نتج عن معظمها غرامات تصل إلى حوالي 50 يورو.
تزايد "المتطرفين"
تنقل الشبكة الألمانية ما وصفته بـ "استنكار شعبي واسع النطاق" للقانون الجديد، حتى إن شخصياتٍ مواليةً للكرملين نشرت رسائلَ انتقاديةً على مواقع التواصل الاجتماعي. بينهم مارجريتا سيمونيان، رئيسة تحرير قناة "آر تي الروسية" الحكومية، والتي اشتكت من أن القانون الجديد سيمنعها من التحقيق في المنظمات المتطرفة و"فضحها".
ومنذ بدء الحرب مع أوكرانيا، أضافت السُلطات عشرات الشخصيات والمنظمات الروسية البارزة التي تنتقد الحرب إلى قائمة المتطرفين والإرهابيين المحظورين. من بينهم كُتّاب وموسيقيون وصحفيون ومدونون مشهورون، منهم الكاتب بوريس أكونين، والمذيع التلفزيوني ألكسندر نيفزوروف.
كما تم إعلان شركة "ميتا"، المالكة لمنصتي "فيسبوك" و"إنستجرام"، شركة متطرفة في مارس 2022 بعد إعلان الشركة أنها ستسمح بمنشورات تؤيد قتل الجنود الروس على منصاتها.
في المقابل، سعى نائب رئيس مجلس (الدوما)، سيرجي بويارسكي، من حزب "روسيا المتحدة" الحاكم والمحافظ، إلى طمأنة المواطنين هذا الأسبوع، مؤكدًا أن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي التابعة لشركة "ميتا" أو البحث عن مواد أنشأها أشخاص مُعلنون تطرفهم لن يُعاقب عليه.
وأوضح بويارسكي أن الغرامات ستُطبق فقط على عمليات البحث عن محتوى مُصنف رسميًا على أنه متطرف.