الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

جارة القمر تودع "موسيقارها الخاص".. فيروز وابنها زياد "تعاون تاريخي"

  • مشاركة :
post-title
فيروز وابنها الراحل زياد الرحباني

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

ودع لبنان والعالم العربي، اليوم الاثنين، الموسيقار زياد الرحباني في مراسم التشييع التي أقيمت داخل كنيسة "رقاد السيدة" في المحيدثة بكفيا.

توفي زياد الرحباني صباح السبت 26 يوليو 2025، عن عمر ناهز 69 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا استثنائيًا وقصة حب موسيقية فريدة مع والدته فيروز، التي فقدت ليس فقط ابنها الحبيب، بل "موسيقارها الخاص" الذي فهم صوتها كما لم يفهمه أحد من قبل.

ريما الرحباني ووالدتها فيروز أمام نعش الراحل زياد رحباني في كنيسة "رقاد السيدة" في المحيدثة بكفيا
بداية التعاون

كانت أغنية "سألوني الناس" أول ألحان زياد الرحباني لفيروز، إيذانًا ببداية تعاون استمر لعقود. في عام 1979، أصدرا معًا ألبوم "وحدن"، الذي مثّل نقطة تحول في مسيرة فيروز الفنية بعد توقف والده عاصي الرحباني عن التلحين.

لم يكن زياد مجرد ملحن عادي لأمه، بل كان يفهم احتياجات صوتها في مرحلة نضجها الفني، فبعد عقود من الأغاني الكلاسيكية مع الأخوين رحباني، قدم زياد لفيروز موسيقى تعكس روح العصر مع الحفاظ على جوهرها الفني الأصيل.

الألبومات الذهبية

شهد التعاون بين فيروز وزياد ذروته في سلسلة من الألبومات الاستثنائية، ألبوم "معرفتي فيك"، عام 1987 بدأ فصلًا جديدًا من مسيرة فيروز عندما سلّمت ابنها زياد الدفة ليقود مشروعها الفني، تبعه ألبوم "كيفك أنت" عام 1991، و"إلى عاصي" عام 1995 من كلمات الأخوين رحباني وتوزيع زياد، ثم "مش كاين هيك تكون" عام 1999.

لحّن زياد لفيروز عددًا من أشهر أغانيها مثل "كيفك إنت، قهوة، عودك رنان، ولا كيف"، إضافة إلى "سألوني الناس، رح نبقى سوى، يا عصفور البرد، سفينتي بانتظاري، زعلي طول أنا وياك، والحالة تعبانة".

فيروز وزياد رحباني
حفلات أسطورية في بيت الدين

في عام 2000، سجلت فيروز ألبوم "فيروز في بيت الدين"، الذي كان تسجيلًا حيًا من مجموعة حفلات أقامتها بمصاحبة ابنها زياد وأوركسترا تضم عازفين أرمن وسوريين ولبنانيين، هذه الحفلات حظيت بنجاح منقطع النظير لما قدمته من جديد على صعيد التوزيع الموسيقي والتنوع في الأغاني بين القديمة والحديثة.

كانت تلك الحفلات بمثابة شهادة حية على التفاهم الموسيقي الفريد بين الأم وابنها، إذ كان زياد يقود الأوركسترا ويعزف البيانو بينما تؤدي فيروز أغانيها بصوتها الملائكي، في مشاهد تجسد قمة التناغم الفني والعاطفي.

التحديات والمرحلة الأخيرة

مع مرور السنين، واجه التعاون تحديات عديدة، إذ بدأ زياد يتجه أكثر نحو المسرح السياسي الساخر والنشاط السياسي، كما عانى مشكلات صحية أثرت على نشاطه الفني.

وأصدرت فيروز آخر ألبوم مشترك مع زياد بعنوان "ببالي"، عام 2017، الذي اعتُبر بمثابة الوداع الفني لهذا التعاون الاستثنائي.

إحدى حفلات "فيروز في بيت الدين"
كلمات الوداع الأخيرة

تتردد اليوم على لسان محبي فيروز وزياد كلمات أغنية من ألحانه: "أنا صار لازم ودعكن وخبركن عني.. أنا كل القصة لو منكن ما كنت بغني.. غنينا أغاني عوراق.. غنية لواحد مشتاق.. ودايما بالأخر في آخر في وقت فراق!"، كأنها رسالة وداع كتبها زياد بنفسه.

إرث خالد من التعاون الأسطوري

اليوم، وبينما تقف فيروز أمام نعش ابنها الراحل، تُدرك أنها فقدت ليس فقط ابنًا عزيزًا، بل "موسيقارها الخاص" الذي أنتج معها 6 ألبومات استثنائية وعشرات الأغاني التي ستبقى خالدة في ذاكرة الأجيال.

إن قصة فيروز و"موسيقارها الخاص" تذكرنا بأن أجمل الفن يولد من أعمق المشاعر الإنسانية، وأن الحب بين الأم وابنها يمكن أن يترجم إلى لحن خالد يعيش في قلوب الملايين، حتى بعد صمت الصوت إلى الأبد.