تواجه حكومة بنيامين نتنياهو أزمة سياسية حادة في أعقاب قرار إدخال مساعدات محدودة إلى قطاع غزة، الذي جاء تحت ضغط أمريكي مباشر، وفقًا لوسائل الإعلام العبرية، في حين هاجم وزراء إسرائيليون رئيس حكومتهم بشدة على خلفية هذا القرار، ما يهدد بتفكك الائتلاف الحاكم ويثير تساؤلات حول استمرارية الحكومة.
تمرد الوزراء المتطرفين
تصاعد الخلاف بشكل حاد بين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش حول إدخال المساعدات للقطاع، حسبما كشفت هيئة البث الإسرائيلية، إذ أعلن وزير المالية المتطرف، أنه سيعقد مشاورات سياسية حول مستقبله في الحكومة، احتجاجًا على عدم التنسيق معه في هذا القرار، بينما هاجمت الوزيرة أوريت ستروك، التي تنتمي إلى حزب سموتريتش، سياسة الحكومة بشأن غزة وكشفت في محادثات مغلقة أنها تفكر في الاستقالة من منصبها.
وفي وقت لاحق اليوم، وصف سموتريتش، إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يُعد خطوة استراتيجية جيدة بهدف القضاء على حركة حماس، وفق تعبيره.
وقال وزير المالية الإسرائيلي لنواب حزبه: "سنختبر نتيجة الهدنات الإنسانية في غزة وسنعرف قريبًا مدى نجاحها، أن الخوض في حسابات سياسية بشأن هدنات غزة ليس من الصواب حاليًا".
من جهته، وجّه وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير انتقادات لاذعة لنتنياهو، واصفًا إدخال المساعدات للقطاع بأنه "إفلاس أخلاقي"، خاصة في وقت لا يزال فيه المحتجزون الإسرائيليون في قبضة الفصائل بقطاع غزة.
وقال بن جفير بلهجة متشددة: "أعتقد أنه في هذه المرحلة، الشيء الوحيد الذي كان يجب إرساله إلى غزة، هو القنابل، القصف، الاحتلال، تشجيع الهجرة، والانتصار في الحرب".
ضغوط أمريكية
كشفت قناة "كان 11" أن إسرائيل قررت تخفيف سياسة التجويع التي كانت تنتهجها في قطاع غزة، بسبب ضغوط أمريكية متزايدة، موضحًا أن النقاشات التي أجراها المستوى السياسي الإسرائيلي تناولت الحاجة إلى الحصول على "شرعية" لمواصلة الحرب، وتحدثت عن انتقادات لإسرائيل حتى من داخل الحزب الجمهوري الذي يقوده ترامب.
وبحسب القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، فإن تحذيرات من وزير الخارجية جدعون ساعر والسفير الإسرائيلي في واشنطن، دفعت المستوى السياسي إلى التخفيف من حدة سياسة التجويع.
كما كشفت قناة "آي 24" الإسرائيلية أن أطرافًا في الكونجرس الأمريكي يُوصفون بأنهم "أصدقاء إسرائيل"، نقلوا رسالة إلى مسؤولين إسرائيليين مفادها: "عليكم تنفيذ خطوات لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ساعدونا لكي نتمكن من مساعدتكم".
وأشارت القناة إلى أن كبار المسؤولين بعثوا رسائل مشابهة لإدارة ترامب للضغط على إسرائيل لإدخال مساعدات إلى القطاع.
إجراءات محدودة
أعلن جيش الاحتلال تعليقًا تكتيكيًا لعملياته العسكرية في القطاع، بدءًا من العاشرة صباحًا وحتى الثامنة مساءً"، مضيفًا أن هذا التعليق سيشمل المناطق التي لا يتحرك فيها الجيش "وهي المواصي ودير البلح ومدينة غزة، وسيكون يوميًا حتى إشعار آخر".
كما زعم تحديد "ممرات مؤمنة بشكل مستدام، بدءًا من السادسة صباحًا وحتى الحادية عشرة مساءً، التي ستسمح بالتحرك الآمن لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لإدخال وتوزيع الأغذية والأدوية إلى السكان في قطاع غزة".
لكن الواقع على الأرض يكشف محدودية هذه الإجراءات، إذ أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن 73 شاحنة مساعدات فقط دخلت قطاع غزة، أمس الأحد، تعرض معظمها للنهب والسرقة تحت أنظار الاحتلال.