بدأت إسرائيل إرسال مساعدات بالمظلات إلى غزة، مساء أمس السبت، للمرة الأولى منذ بدء الحرب على القطاع الفلسطيني المُحاصر، 7 أكتوبر 2023، في خطوة وصفتها وكالات الإغاثة بأنها رد غير كاف، ومحاولة إسرائيلية لتبرير سياسة التجويع المتعمد، وفق ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وتتعرض إسرائيل لانتقادات دولية لاذعة بسبب حصارها لغزة، في ظل انتشار صور الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون سوء التغذية حول العالم في الأيام الأخيرة.
وقال أحمد الفرا، مدير قسم الأطفال بمستشفى ناصر جنوب قطاع غزة، إن السلطات الصحية في غزة سجلت حتى الآن أربع حالات وفاة، بسبب سوء التغذية، عام 2023، و50 حالة عام 2024، و57 حالة في 2025، منها 46 حالة في شهر يوليو وحده.
وأفاد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة هذا الأسبوع، بأن ما يقرب من ثلث سكان غزة لم يتناولوا طعامًا لعدة أيام. وذكرت الأمم المتحدة، أمس الأول الجمعة، أن هناك حاجة لأكثر من 62 ألف طن متري من الغذاء شهريًا لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
وبدأت حكومة نتنياهو في منع دخول الغذاء والدواء إلى غزة، مارس الماضي، بذريعة أن آلية توزيع المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة كانت تفيد حماس، وهو الادعاء الذي رفضه المسؤولون الغربيون والأمم المتحدة.
الإنزال الجوي ملاذ أخير
ونقلت "واشنطن بوست" عن محللين في المجال الإنساني والعسكري، إنه لا ينبغي استخدام الإنزال الجوي إلا كملاذ أخير، في المناطق التي يصعب الوصول إليها. ولم يتضح نوع الطائرة المستخدمة. تستطيع طائرة C-130 حمل نحو 14 طنًا من المساعدات، بينما تستطيع بعض الشاحنات حمل أكثر من 25 طنًا.
وإلى جانب تكلفتها، تعرضت مهام الإنزال الجوي في بدايات الحرب على غزة لانتقادات بسبب تركها الطعام في البحر وسحقها الناس حتى الموت. ويقول المنتقدون إن إسقاط الطعام من طائرة قد يسبب المزيد من الفوضى أو الإصابات أو الوفيات.
ويقول خبراء الإغاثة إن عمليات الإنزال الجوي قد توفر حلًا مؤقتًا طارئًا لأولئك الذين هم على وشك الموت، لكن من غير المرجح أن توفر أكثر من جزء صغير من الاحتياجات اليومية لسكان يزيد عددهم على مليوني شخص.
وقال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن تبسيط توزيع المساعدات عبر الشاحنات سيكون أكثر فعالية بكثير.
وكتب "لازاريني" على منصة" إكس"، "أن عمليات الإنزال الجوي لن توقف المجاعة المتفاقمة. إنها عملية مكلفة وغير فعّالة، وقد تقتل حتى مدنيين جوعًا. إنها مجرد تشتيت وإخفاء. لا يمكن معالجة الجوع المصطنع إلا بالإرادة السياسية. ارفعوا الحصار".
وقالت جولييت توما، مديرة الاتصالات في "الأونروا"، إن إنزال المساعدات جوًا إلى غزة مكلف للغاية وينطوي على مخاطر. وأضافت توما لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، بشكل عام، في السياقات الإنسانية، يُستخدم الإنزال الجوي كخيار أخير. إنه باهظ الثمن للغاية وقد يكون خطيرًا جدًا، مشيرة إلى أنه "في سياق غزة، نعلم أن عمليات الإنزال الجوي لم تكن فعالة جدًا، وفي بعض الحالات أدت إلى سقوط ضحايا".
ولطالما انتقد المتطرفون اليمينيون في إسرائيل وكالات الأمم المتحدة بزعم مساعدتها لحماس، وتزايدت الدعوات داخل إسرائيل لتفكيك توزيع المساعدات الذي تقوده الأمم المتحدة في غزة بعد هجوم الفصائل على المستوطنات حول غزة، 7 أكتوبر 2023، وردت إسرائيل بعدوان وحشي سوى معظم القطاع بالأرض، وشرد جميع سكانه تقريبًا، وأودى بحياة أكثر من 59700 شخص.
وفند مسؤولو الأمم المتحدة ودبلوماسيون غربيون المزاعم الإسرائيلية بأن آلية المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة تفيد حماس وتحتاج إلى إصلاح شامل. ولم يعثر مكتب تابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على أي دليل على قيام حماس بسرقة ممنهجة للإمدادات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة، وفقًا لما ذكرته وكالة "رويترز"، أمس الأول الجمعة.
وسيطرت إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة على توزيع المساعدات في غزة أواخر مايو 2025، من خلال ما أطلقت عليه "مؤسسة غزة الإنسانية" التي أنشأها مسؤولون سابقون في الاستخبارات والدفاع الأمريكيين بالتشاور مع إسرائيل.
ووزعت "مؤسسة غزة الإنسانية" 90 مليون وجبة، أي أقل من وجبة واحدة يوميًا للشخص الواحد، وتعرضت لانتقادات لتوزيعها الطعام في أقصى جنوب غزة فقط، ولتشغيلها مواقع توزيع شهدت تدافعًا متكررًا من الفلسطينيين للحصول على الطعام. وأطلق جنود الاحتلال النار على الحشود المتدافعة، وتقول الحكومات الأوروبية إن أكثر من 800 فلسطيني استشهدوا في أثناء بحثهم عن الطعام.
شاحنات المساعدات المصرية
وبدأت شاحنات المساعدات المصرية، صباح اليوم الأحد، التحرك من أمام معبر رفح من الجانب المصري، في اتجاه قطاع غزة، مُحملة بكميات كبيرة من المواد الغذائية والطحين، والمواد الأساسية لتأهيل البنية التحتية، في إطار جهود مصر المتواصلة لتخفيف الأزمة الإنسانية المُتفاقمة في القطاع.
وقال رمضان المطعني، مُراسل "القاهرة الإخبارية"، إن عشرات من الشاحنات بدأت التحرك من الجانب المصري من معبر رفح، تحمل أطنانًا كبيرة من المساعدات الإنسانية، متجهة إلى معبر كرم أبو سالم، تمهيدًا لدخولها إلى قطاع غزة.
وأضاف "المطعني" أنّ الجهود المصرية، تسعى إلى تخفيف حدة الحصار المفروض على قطاع غزة، وتوفير الدعم اللازم بتسيير قوافل ضخمة من المساعدات، التي تشمل مواد غذائية، أدوية، مستلزمات طبية، بطاطين، ملابس، ومواد إغاثية أخرى.