الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

معادن الصين أم رسوم أمريكا.. من ينتصر في مفاوضات ستوكهولم؟

  • مشاركة :
post-title
جولة المباحثات الصينية الأمريكية السابقة

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

تجتمع الولايات المتحدة والصين للمرة الثالثة خلال ثلاثة أشهر في أوروبا، وهذه المرة في ستوكهولم، حيث يدخل الوفد الصيني إلى طاولة المفاوضات بموقف أكثر جرأة وثقة من أي وقت مضى، مدعومًا بتفوقه في السيطرة على المعادن الاستراتيجية ونمو اقتصادي مفاجئ رغم الحرب التجارية المستمرة.

ويبحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فمن المتُوقع أن تفتتح جولة المحادثات الجديدة غدا الإثنين بمشاركة نائب رئيس مجلس الدولة الصيني "خه ليفنج"، الذي سيقود المفاوضين الصينيين بلغة أكثر صرامة وتصميمًا على انتزاع تنازلات أمريكية جديدة، خاصة بعد أن أجبرت بكين إدارة ترامب على التراجع عن بعض القيود التصديرية، بما في ذلك رفع الحظر المفاجئ عن بيع شريحة ذكاء اصطناعي رئيسية من إنتاج "إنفيديا".

تفوق صيني

وبحسب بيانات رسمية، فقد سجّل الاقتصاد الصيني أداءً يفوق التوقعات في ظل استمرار النزاع التجاري، حيث حقق فائضًا تجاريًا قياسيًا يعكس مرونة صادراته وقدرتها على التكيف مع تراجع التعاملات مع السوق الأمريكية.

وجاءت هذه المكاسب بعد قمة صينية أوروبية شهدت تمسك بكين بمواقفها الصلبة، وتقديمها استجابات محدودة لمخاوف بروكسل بشأن اختلالات التبادل التجاري ودور الصين في الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي هذا السياق، صرّح وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، الذي يرأس الوفد الأمريكي المفاوض، أن الجانبين سيعملان على تمديد محتمل للهدنة التجارية الحالية، التي من المفترض أن تنتهي في 12 أغسطس المقبل. هذه الهدنة، التي تم التوصل إليها في جنيف في مايو الماضي، جمّدت تعريفات جمركية تجاوزت 100% فُرضت في أبريل وكادت تؤدي إلى شلل تام في التبادل التجاري بين القوتين الاقتصاديتين.

مرحلة حرجة

كانت الجولة السابقة من المحادثات في لندن خلال يونيو الماضي أنقذت الاتفاق من الانهيار بعد تبادل الاتهامات بين الطرفين بخرق الالتزامات، أما محادثات ستوكهولم فقد تكشف إن كان بإمكان الطرفين البناء على التفاهمات السابقة، وخفض المزيد من الرسوم الجمركية، أو معالجة قضايا أكثر تعقيدًا مثل قيود التكنولوجيا.

وبينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أخيرًا عن سلسلة اتفاقيات تجارية مع بريطانيا واليابان وغيرها، بدا وكأنه خفف من نهجه التصادمي تجاه الصين، بل وأعرب عن رغبته في زيارة بكين "في المستقبل القريب"، بناءً على دعوة من الرئيس الصيني شي جين بينج.

وفي هذا السياق، رجّح جوش ليبسكي، رئيس قسم الاقتصاد الدولي في مجلس الأطلسي، أن تنتهي المحادثات باتفاق مؤقت جديد يمتد 90 يومًا، تُبقى فيه التعريفات عند نسبة 30%، ويُمهّد لاجتماع محتمل بين ترامب وشي في المستقبل القديب. لكنه حذّر من هشاشة هذا الهدوء المؤقت، قائلاً: "كما تعلمنا في الربيع، كل شيء يمكن أن ينقلب فجأة، سواء بسبب حظر السفر أو أي أزمة جديدة".

شروط صينية

ووفقًا لمحللين صينيين، فإن الأولوية القصوى لبكين في هذه الجولة هي الضغط لإزالة الرسوم الأمريكية المتبقية على الواردات الصينية، التي تبلغ حاليًا نحو 55%. وتشمل هذه الرسوم تعريفة بنسبة 10% فُرضت على جميع الشركاء التجاريين في أبريل الماضي، وأخرى بنسبة 20% استهدفت الصين بزعم مساهمتها في أزمة الفنتانيل داخل الولايات المتحدة.

كانت الصين أعلنت الشهر الماضي عن إدراج مادتين جديدتين من مكونات الفنتانيل ضمن قائمة المواد الخاضعة للرقابة، كما أدرجت مجموعة "نيتازين" من المسكنات الاصطناعية القوية ضمن قائمة العقاقير الممنوعة.

وقال "خه وي ون"، الزميل البارز في مركز الصين والعولمة، إن الهدف الأساسي هو البناء على ما تم إنجازه في الجولات السابقة وتحقيق نتائج ملموسة، مشددًا على أن "الأولوية الأولى هي إنهاء التعريفات، لا سيما تلك المتعلقة بالفنتانيل، ثم يأتي تعميق التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين".

كما ستطالب بكين واشنطن بتخفيف القيود التكنولوجية، بما في ذلك شطب مئات الشركات الصينية من "قائمة الكيانات" التابعة لوزارة التجارة الأمريكية.

أوراق الضغط الصينية

من جانبه، قال وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأمريكية بجامعة فودان في شنجهاي، إن الولايات المتحدة أدركت أن الصين تمتلك أوراق ضغط حقيقية، بل مستعدة الآن لاستخدامها عند الضرورة.

وأوضح أن هذه الأوراق تشمل اعتماد واشنطن على سلاسل التوريد الصينية، من المعادن النادرة إلى البطاريات والطائرات المسيّرة، مضيفًا أن مصير "تيك توك" هو ورقة أخرى بيد بكين.

وأشار إلى أنه خلال ذروة الحرب التجارية في أبريل الماضي، فرضت الصين تراخيص جديدة على تصدير سبعة أنواع من المعادن النادرة وبعض أنواع المغناطيسات، وهو ما أدى إلى انخفاض حاد في صادراتها، وردّت واشنطن حينها بفرض قيود على برامج رقائق الحواسيب ومحركات الطائرات وغاز الإيثان. لكن التوترات هدأت بعد اجتماع لندن، حيث سمحت بكين مجددًا بتصدير المعادن النادرة، مقابل رفع الولايات المتحدة لقيودها التصديرية.