يبدو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ انطلاق الحرب على قطاع غزة، استخدم واحدة من أكثر إستراتيجيات الحرب قساوة، التي يطلق عليها اسم "الضربة المزدوجة"، إذ يستهدف عمال الإنقاذ والمسعفين الفلسطينيين وغيرهم من المدنيين في أعقاب الغارات الجوية، لمنعهم من إنقاذ الجرحى.
وتعد تقنية "الضربة المزدوجة" غير قانونية على نطاق واسع بموجب القانون الدولي، ليس فقط لأنها تستهدف عمدًا المستجيبين الأوائل، مثل الصحفيين وعمال الإنقاذ والمسعفين، ولكن أيضًا لأنها تهدف إلى ردع جهود الإنقاذ تمامًا والتسبب في المزيد من الضرر للمدنيين، بسبب العشوائية في الاستهداف.
الضربة الثانية
ويتم استخدام أسلوب الضربة المزدوجة، من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال الغارات الجوية غير الدقيقة، والتي لم يتم التأكد من إصابة الهدف المقصود، وفقًا لتحقيق مشترك أجرته مجلة +972 العبرية وموقع "لوكال كول"، استند إلى مصادر أمنية إسرائيلية وشهادات فلسطينيين وأفراد إنقاذ، ودراسة عشرات الحالات.
ولزيادة احتمالية استشهاد الهدف، ينفذ الاحتلال بشكل روتيني هجمات إضافية في منطقة القصف الأولي، إذ تستهدف الضربة الثانية إحباط أي عملية إنقاذ للجرحى من تحت الأنقاض، والتي تعني أن الهدف الذي تم استهدافه سيموت إما متأثرًا بجراحه أو اختناقًا بالغازات السامة أو من الجوع والعطش.
الأسلحة المستخدمة
وتتنوع الأسلحة المستخدمة في الهجمات المزدوجة، فينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي ضربات باستخدام طائرات بدون طيارة تُلقي متفجرات، أو تثبيت قاذفات قنابل يدوية على طائرات مُسيَّرة تجارية وليست عسكرية، وذلك لمهاجمة المسعفين والمدنيين، في المناطق التي يسعى لإخلائها من سكانها.
ويعرف قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن تلك الإستراتيجية هي حكم بالإعدام على المئات من المدنيين الجرحى المحاصرين تحت الأنقاض، بجانب المسعفين الذين حضروا من أجل عمليات الإنقاذ وانتشال الجثامين، عقب الغارة الجوية الأولى، ولكن وفقًا لهم "ربما يكونوا فرق إنقاذ تابعة لحركة حماس".
المستجيبون الأوائل
ولكن مصادر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، كانت موجودة داخل غرف تنسيق الهجمات، أكدت أن الهجمات عادة ما يتم تنفيذها دون معرفة هوية الضحايا، ولا يملكون أي أدلة على انتمائهم للفصائل الفلسطينية، ولكن الهدف فقط هو استهداف المستجيبون الأوائل وقتلهم بدم بارد بالقنابل فوق رؤوسهم.
وكشف التحقيق عن أن "الضربات المزدوجة" أصبحت شائعة في الأشهر الأخيرة، وخاصة عندما تقصف إسرائيل المدارس في غزة، التي لجأ النازحون إليها، ما يؤكد أنه يتم استخدام تلك الإستراتيجية بعيدًا عن الأهداف العسكرية، وكان أكثر تلك الهجمات فظاعة تدمير مدرسة دار الأرقم، التي تم دفن عشرات الفلسطينيين تحت الأنقاض، بينهم أطفال ونساء حوامل.
ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة حتى يناير الماضي، استُشهِد نحو 100 من أفراد الدفاع المدني، نصفهم تم استهدافهم عمدًا أثناء التوجه لعمليات الإنقاذ، كما وثقت منظمة الصحة العالمية 180 هجومًا على سيارات إسعاف في القطاع منذ بداية الحرب وحتى مايو الماضي.