يواجه سكان قطاع غزة مستويات غير مسبوقة من المجاعة وسوء التغذية، إذ بات الموت جوعًا مشهدًا يوميًا يتكرر في القطاع المنكوب، إثر انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي.
وفقًا لقناة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، كان يوسف الصفدي، البالغ من العمر ستة أسابيع، مُكدّسًا على طاولة معدنية باردة، وقد نزع عامل المشرحة ملابسه برفق داخل مستشفى الشفاء في مدينة غزة، كاشفًا عن ضلوعه البارزة وبطنه المجوف.
توفي "يوسف" أمس الثلاثاء بسبب سوء التغذية. وقال والده، أدهم الصفدي، لـ"إن بي سي نيوز": "لم نتمكن من توفير أي نوع من الحليب له.. لا حليب صناعي، ولا مكملات غذائية، ولا فيتامينات. وإذا عثرتم عليه، فسيكلفكم 100 دولار على الأقل".
حذّر الأطباء ومنظمات الإغاثة من أزمة جوع بلغت ذروتها في غزة. وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أمس الثلاثاء أن أربعة أطفال كانوا من بين 15 شخصًا لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية الحاد في غضون 24 ساعة فقط، مضيفة أن اليوم لقي 10 أشخاص آخرين حتفهم بسبب سوء التغذية.
بينما حذّرت أكثر من مئة منظمة إغاثة اليوم الأربعاء من انتشار "مجاعة جماعية" في غزة، حيث يعاني عمال الإغاثة من نقص الغذاء الكافي، كما ذكرت وكالة الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية أن الناس ينهارون في الشوارع.
وأعلنت الأمم المتحدة، أمس استشهاد أكثر من ألف فلسطيني على يد القوات الإسرائيلية أثناء بحثهم عن الطعام منذ بدء نظام توزيع المساعدات الجديد الذي أطلقته مؤسسة غزة الإنسانية أواخر مايو الماضي.
وقال مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: "إن معظم هذه الوفيات وقعت بالقرب من مواقع تديرها مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل".
يقول الأطباء داخل غزة إن أزمة الجوع المتفاقمة أثرت بشكل كبير على الأطفال والنساء الحوامل.
وصرّحت الجراحة الأمريكية أمبرين سليمي، التي بدأت علاج المرضى في مستشفى ناصر في خان يونس قبل ثلاثة أسابيع، بأن وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة "تعج بالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والذين يجدون صعوبة في الحصول على الحليب الصناعي أو الرضاعة الطبيعية".
وأضافت سليمي أنها شاهدت حالات سوء تغذية "في كل مكان"، بما في ذلك لدى النساء الحوامل والمواليد الجدد وبين موظفي المستشفى.
وقالت سليمي، التي جاءت إلى غزة من نيويورك، إن نقص التغذية أدى في كثير من الحالات إلى مضاعفات صحية أخرى، بما في ذلك ارتفاع معدلات الإصابة.
كذلك، صرحت إليداليس بورجوس، ممرضة أمريكية متطوعة في العناية المركزة بقطاع غزة، لشبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، بأنها شهدت "شعبًا بأكمله" يعاني من الجوع بسبب الحصار الإسرائيلي.
وأضافت: "العلامات واضحة، ليس فقط لدى مرضى وحدة العناية المركزة، بل لدى العاملين الصحيين أنفسهم أيضًا الذين كانوا يعانون من سوء تغذية حاد، وهزال في الفك السفلي، وهزال في العضلات، وضعف".
أدت الأزمة المتفاقمة إلى مشاهد يائسة في المواقع القليلة في غزة القادرة على تقديم الطعام. إذ تجتمع الحشود عند أبواب المطابخ الخيرية التي لا تستطيع بأي حال من الأحوال استيعاب الحشود الغفيرة التي تلجأ إليها أ إليها.