مع مضاعفة ميزانيتها السنوية بين عشية وضحاها، وتكثيف ضغوط إدارة الرئيس دونالد ترامب لزيادة عمليات الترحيل، تسابق إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية الزمن لتوسيع مساحات الاحتجاز التابعة لها ببناء خيام مؤقتة، حيث يعتبر مسؤولو الإدارة أن محدودية أماكن الاحتجاز، تُعدّ أحد المعوقات الرئيسية التي تمنعهم من تسريع عمليات الترحيل بالسرعة التي وعد بها الرئيس.
وحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، يأمل المسؤولون أن يُسهم تخصيص 45 مليار دولار إضافية لمراكز الاحتجاز حتى نهاية ولاية ترامب الثانية في زيادة عدد الأسرّة إلى 100 ألف سرير بحلول نهاية العام، مقارنةً بنحو 40 ألف سرير عند تولي ترامب منصبه.
وحسب وثائق داخلية استعرضتها "وول ستريت جورنال"، اعتمدت خطة إدارة الهجرة والجمارك الجديدة للتوسعة على هذا الضخ النقدي الذي جاء كجزء من حزمة الضرائب والإنفاق الجمهورية التي أقرها الكونجرس هذا الشهر.
ومنح الكونجرس هيئة الهجرة والجمارك 74 مليار دولار لإنفاقها بحلول عام 2029، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ميزانيتها السنوية الحالية البالغة 8.7 مليار دولار، مما يجعلها وكالة إنفاذ القانون الأكثر تمويلًا في الحكومة الفيدرالية.
مرافق محصنة
حتى الآن، أعطت الخطط الأولوية لتشييد آلاف الخيام، أو ما يُعرف بـ "المرافق المحصنة ذات الجوانب اللينة"، بأسرع وقت ممكن لتوسيع سعة الاحتجاز بسرعة في القواعد العسكرية الأمريكية وسجون دائرة الهجرة والجمارك التقليدية، وفقًا للوثائق.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أنهم يفضلون هذا النهج في الوقت الحالي؛ لأنه يسمح لهم بإنشاء أعداد كبيرة من الأسرّة الجديدة في مواقع قليلة، بدلًا من إيجاد أعداد أقل من الزنازين المنتشرة في جميع أنحاء البلاد.
وقد أدى الاعتماد الكبير على المرافق المؤقتة بالفعل إلى خلق بعض التوترات الداخلية، حيث حذّر بعض المسؤولين في الإدارة وحلفاء الحزب الجمهوري من الخارج من أن "احتجاز المهاجرين على المدى الطويل في هياكل هشة قد يكون كارثيًا، وخاصة في المواقع المعرضة للفيضانات أو الأعاصير".
كما مارس مسؤولو إدارة ترامب ضغوطًا على الولايات الجمهورية؛ لتوفير المزيد من أماكن الاحتجاز. وأصبحت فلوريدا أول ولاية تُنشئ مركز احتجاز للمهاجرين تديره الدولة، حيث أُقيم معسكر خيام على مهبط طائرات مهجور في "إيفرجليدز"، والذي يُطلق عليه اسم "ألكاتراز التمساح".
تُظهر الوثائق أن أهم أولويات إدارة الهجرة والجمارك هي تسعة مشاريع جديدة، من شأنها إضافة أكثر من 9000 سرير احتجاز. أول هذه المشاريع المدرجة في الوثائق هو إنشاء مدينة خيام تتسع لـ 5000 سرير في "فورت بليس" بمدينة "إل باسو" بولاية تكساس، والتي سبق أن منحتها الحكومة ثم ألغت عقدها، وتشير الخطط إلى أن إدارة الهجرة والجمارك تأمل في تشغيلها بحلول أغسطس.
وتشمل الأولويات الأخرى إضافة أسرّة في سجن "هدسون" الإصلاحي بولاية كولورادو؛ ومعسكر "أتربري" بولاية إنديانا؛ وقاعدة "ماكجواير-ديكس-ليكهورست" المشتركة بولاية نيوجيرسي.
تكاليف الاحتجاز
ينقل التقرير عن أشخاص مطلعين أن كبار المسؤولين في وزارة الأمن الداخلي، بما في ذلك الوزيرة كريستي نويم ومستشارها الرئيسي كوري ليواندوفسكي، أعربوا عن تفضيلهم لمراكز الاحتجاز التي تديرها الولايات الجمهورية والحكومات المحلية بدلًا من شركات السجون الخاصة.
وقال بعض العاملين في قطاع الاحتجاز إن هذه الاستراتيجية ستُحمّل الولايات، وليس الحكومة الفيدرالية، مسؤولية ما إذا واجهت المرافق -التي فُتحت بسرعة- أية مشاكل.
في المقابل، نقلت "وول ستريت جورنال" عن تريشيا ماكلولين، المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، قولها: "لا يجب اعتقال أي شخص أو احتجازه في مركز احتجاز، بل لديهم خيار".
وأضافت: "إذا كانوا موجودين في هذا البلد بشكل غير قانوني، فيمكنهم أخذ مبلغ الألف دولار وتذكرة سفر مجانية إلى وطنهم والمغادرة الآن"، في إشارة إلى برنامج الإدارة للترحيل الذاتي.
وكانت وزارة الأمن الداخلي قد أبلغت مسؤولي الولايات أن لديها 600 مليون دولار من أموال وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية (FEMA) غير المستخدمة، والتي كانت مخصصة في الأصل لملاجئ المهاجرين، والتي يمكنهم استخدامها لسداد تكاليف مراكز الاحتجاز.
كما نقل التقرير عن حاكم ولاية إنديانا، الجمهوري مايك براون إنه لا يملك خططًا محددة لمنشآت تديرها الولاية، ولكنه مستعد لنصب خيام أو استخدام أماكن الاحتجاز الحالية إذا غطت الحكومة الفيدرالية التكاليف.
ورغم أن الإدارة لم تقبل عرض حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، استخدام سجنين، بسعة إجمالية تبلغ 4000 سرير، استخدمتهما الولاية لإيواء المهاجرين المعتقلين في إطار برنامج "لون ستار"؛ إلا أن وثائق هيئة الهجرة والجمارك الداخلية تُظهر خططًا لإقامة مخيمات في أنحاء تكساس، في إل باسو، وبورت إيزابيل، وبرييريلاند، وديلي، وهوتو.