تعرّضت الحكومة البريطانية لاختراق ضخم تسبّب في تسريب كبير لبيانات عشرات الآلاف من الأفغان المتعاملين معها، ما عرّضهم لخطر القتل والتعذيب، ما دفع المملكة المتحدة لإنشاء خطة سرية بمليارات الجنيهات لنقل الآلاف منهم إلى لندن.
كانت العمليات القتالية البريطانية قد انتهت في أفغانستان عام 2014، بعد 13 عامًا من الوجود هناك برفقة الجيش الأمريكي، لكن القوات البريطانية بقيت حتى الانسحاب الأمريكي الفوضوي في عام 2021 الذي سمح بعودة طالبان إلى السلطة مرة أخرى.
قاعدة البيانات
وكشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، التفاصيل الكاملة للقصة، حيث تبيّن أن 25 ألف أفغاني، عملوا بشكل وثيق برفقة أفراد عائلاتهم مع المملكة المتحدة قبل استيلاء طالبان على السلطة، وعن طريق الخطأ من قِبل جندي بريطاني تم الكشف عن أسمائهم ومعلومات الاتصال معهم عبر رسائل بريد إلكتروني.
ولم يتم الكشف عن التسريب في قاعدة البيانات الضخمة التي وصِفَت بالحساسة للغاية، إلا بعد أن نشر شخص مجهول لقطات شاشة من جدول البيانات على فيسبوك في أغسطس 2023 وهدد بالكشف عن قاعدة البيانات بأكملها، وبحسب المصادر المطلعة، تم بيع قاعدة البيانات مرة واحدة على الأقل مقابل مبلغ مكون من 5 أرقام.
احتواء التسريب
كما زعموا أن أحد المستفيدين الأفغان استخدم حيازته لقاعدة البيانات كوسيلة ضغط على الحكومة لنقله و14 فردًا من عائلته إلى المملكة المتحدة، ولم يتم الكشف عن مصيره أو مصير الجندي الذي أخطأ في تسريب البيانات، سواء بالكشف عن هويتهم أو فرض عقوبات عليهم.
ولم تنجح وزارة الدفاع البريطانية في احتواء التسريب، الذي احتوى على عناوين بريد إلكتروني لمسؤولين حكوميين بريطانيين، وقدّرت الحكومة أن نحو 100 ألف شخص أفغاني كانوا معرضين للخطر، وردًا على ذلك، قام وزراء في حكومة ريشي سوناك السابقة بوضع خطة سرية لجلب الأفغان إلى المملكة المتحدة.
رفع السرية
وتضمنت الخطة التي وضعت حتى فبراير من هذا العام، في ظل إدارة حزب العمال الحالية بقيادة السير كير ستارمر، نقل 25 ألف شخص، بتكلفة محتملة تبلغ 7 مليارات جنيه إسترليني، وفقًا لتقديرات حكومية، وفي الأسابيع الأخيرة، وبينما كانت المحكمة العليا في لندن تتخذ خطوات نحو رفع السرية عن القضية، قامت الحكومة بتقليص الخطة.
ويرجع ذلك إلى أن الاستخبارات البريطانية كانت قد قيّمت أن الاختراق عرّض الأفغان لخطر القتل والتعذيب والمضايقة والترهيب على يد طالبان، لكن مراجعة وزارة الدفاع الجديدة هذا الشهر للتهديدات في أفغانستان أظهرت أن الخطر الذي يتهدد الأفغان الذين ما زالوا في البلاد أقل بكثير.
إغلاق البرنامج
وبحسب التقرير، نقلت الحكومة البريطانية حتى الآن نحو 18,500 أفغاني متضرر من اختراق البيانات إلى بريطانيا، وتبين أن معظمهم مؤهلون بالفعل للنقل إلى لندن، ومن المقرر وصول ما لا يقل عن 2,400 آخرين، لكن وزارة الدفاع أعلنت رسميًا إغلاق البرنامج السري أمام المتقدمين الجديد.
ووفقًا للصحيفة، بدأ أكثر من 665 أفغانيًا إجراءً قانونيًا جماعيًا لمقاضاة وزارة الدفاع بسبب خرق البيانات، سعيًا للحصول على تعويض لا يقل عن 50 ألف جنيه إسترليني لكل منهم، مع إمكانية انضمام آلاف الأشخاص الآخرين إلى الدعوى القضائية فور علمهم بحادث التسريب الخطير والتعرض المحتمل لهم من قبل طالبان.