وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحذيرًا صارمًا للمعارضة البرلمانية بعدم رفض ميزانية الدفاع، مستخدمًا خطابًا عسكريًا حادًا، يحذر فيه من التهديدات الأمنية المحيطة بأوروبا، وذلك في إطار حملة إعلامية غير مسبوقة لحماية الإنفاق العسكري من رفض أحزاب المعارضة.
ضغط وتهديد مبطن
تبنى ماكرون، خلال خطابه أمام القوات المسلحة في حديقة فندق بريين، استراتيجية ضغط مكثفة على المعارضة، حيث دعا النواب إلى "تحمل مسؤولياتهم" وعدم رفض ميزانية الدفاع كما حدث في ديسمبر 2024.
وأكد الرئيس الفرنسي، وفقًا لصحيفة "لوموند"، أن "الرقابة في نهاية العام لها نتيجة بسيطة: تأخير ميزانية الجيش"، في إشارة واضحة لتداعيات الأزمة السياسية على القطاع العسكري.
تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن هذا الخطاب جاء في إطار حملة إعلامية دفاعية غير مسبوقة شملت مقابلة لرئيس الخدمات السرية نيكولا ليرنر على قناة LCI، ومؤتمرًا صحفيًا لرئيس أركان الجيش تييري بوركارد، بهدف التحذير من تفاقم التهديدات الأمنية.
خطاب حاد وزيادات ضخمة
اتخذ ماكرون نبرة عسكرية حادة، معلنًا أن "أوروبا تعيش لحظة تحول" وأن "الحرية لم تكن مهددة بهذا الشكل منذ 1945".
وأضاف، حسب "لوموند"، أنه "مع نقل الحرب إلى أراضينا من خلال اشتعال الصراع الروسي الأوكراني، وإضافة الولايات المتحدة شكلًا من أشكال عدم اليقين، ووضع أوروبا على حافة قوس أزمة واسع، يجب علينا نحن الأوروبيين الآن ضمان أمننا بأنفسنا".
وفي هذا السياق، طالب ماكرون بزيادة ميزانية الدفاع بـ3.5 مليار يورو إضافية في 2026، و3 مليارات في 2027، محذرًا من أن رفض الميزانية العام الماضي "تسبب في تأخير تعاقدات الشركات الصغيرة والمتوسطة والصناعيين الدفاعيين".
وشدد على أن هذا التسليح يجب أن يُمول من خلال "المزيد من النشاط والإنتاج"، وليس عبر المديونية، وهو خطاب "نسمعه منذ ثماني سنوات" كما أشار النائب تشارلز دو كورسون.
ردود فعل منتقدة وتحديات دستورية
واجه خطاب ماكرون انتقادات حادة من النواب، إذ اعتبر تشارلز دو كورسون، المقرر العام للميزانية والنائب الوسطي عن إقليم مارن، أن "تقديم هذه الزيادة كقرار رئاسي يفتقر للاحترام تجاه مؤسسات الجمهورية"، مؤكدًا أن "الجميع يدرك حالة التوتر وضرورة الجهد في إعادة التسليح، لكن ليس الرئيس من يقرر، بل البرلمان، لأننا في ديمقراطية برلمانية".
من جانبه، وصف إيريك كوكريل، رئيس لجنة المالية البرلمانية من حزب "فرنسا الأبية"، تصريحات الرئيس بأنها "غير متناسبة ومتلاعبة"، مضيفًا: "استخدام خطر الوطن لإجبار النواب على التصويت لميزانية أقلية أسلوب مكشوف. فرنسا ليست في حرب، قريبًا سيُشهر بالنواب كخونة للوطن. يجب أن ندافع عن حريتنا، لكن أيضًا عن ديمقراطيتنا".
تحديات سياسية واقتصادية معقدة
توضح "لوموند" أن هذه الضغوط تأتي في ظل غياب أغلبية برلمانية واضحة منذ حل الجمعية الوطنية في يونيو 2024، مما يضع رئيس الوزراء فرانسوا بايرو في موقف صعب بين ضرورة زيادة الإنفاق العسكري وهدف تقليص العجز المالي. ويذكر دو كورسون أن الوعود الاقتصادية لم تتحقق: "بينما كان النمو 1.1% في 2017، أعلن برونو لومير أننا سننتقل إلى 2.5%. اليوم، ما زلنا عند 1%".
كما أكد النائب أن "الميزانية كل متكامل"، وأن تصويت النواب سيعتمد على الهيكل العام للميزانية.
وختم ماكرون خطابه بعبارة جيوسياسية واضحة: "لنكون أحرارًا في هذا العالم، يجب أن نكون مخيفين، ولنكون مخيفين، يجب أن نكون أقوياء". وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أنها صيغة تنطبق على الساحة السياسية الداخلية كما تنطبق على الجيوسياسة.