دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نظيره الأمريكي دونالد ترامب، إلى إنهاء الحرب التجارية ضد حلفاء الولايات المتحدة، بعد توصل حلف شمال الأطلسي "ناتو" إلى اتفاق تاريخي لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وجاءت هذه الدعوة في ختام قمة الناتو التي عقدت في لاهاي يومي 24-25 يونيو، إذ حذر ماكرون من تناقض مطالبة الحلفاء بزيادة الإنفاق الدفاعي مع شنِّ حرب تجارية ضدهم في الوقت نفسه.
السلام التجاري
أكد ماكرون، وفقًا لصحيفة "بوليتيكو"، أنه "لا يمكن -بين الحلفاء- أن نقول إننا يجب أن ننفق أكثر على الدفاع ونشن حربًا تجارية في الوقت نفسه".
وشدد الرئيس الفرنسي على أهمية العودة إلى "السلام التجاري الحقيقي" بين مجموعة الحلفاء، مؤكدًا أنه طرح هذه النقطة مع قادة آخرين، ولقيت تأييدًا من رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
انتصار عظيم
نجح حلف شمال الأطلسي في التوصل إلى اتفاق طال انتظاره حول رفع هدف الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، وهو الرقم الذي طالب به ترامب لشهور طويلة.
يتكون هذا الهدف من 3.5% للقدرات "الصلبة" مثل الأسلحة والقوات، و1.5% للاستثمارات المرتبطة بالدفاع مثل الأمن السيبراني والتنقل.
ووصف ترامب هذه النتيجة بأنها "انتصار عظيم للولايات المتحدة"، مشيدًا بالضغط الذي مارسه على أعضاء التحالف.
وقال إن رؤية القادة الحلفاء يريدون الدفاع عن بلدانهم وحاجتهم للمساعدة الأمريكية "كانت مؤثرة حقًا".
من جهته، أشاد الأمين العام للناتو مارك روته بترامب، وقال إن "هذا تحالف أقوى وأكثر عدالة وفتكًا بدأ قادة الناتو في بنائه"، مؤكدًا أن "ترامب وضَّح أن أمريكا ملتزمة بالناتو، وفي الوقت نفسه وضَّح أن أمريكا تتوقع من الحلفاء الأوروبيين وكندا المساهمة أكثر".
كما وصف روته ترامب بـ"الأب" لتدخله في القتال بين إسرائيل وإيران، بينما أكد الرئيس البولندي أندريه دودا أن "هذا نجاح الرئيس دونالد ترامب" الذي "طالب دول الناتو برفع إنفاقها الدفاعي".
تهديد إسبانيا
رغم الاتفاق العام، لم يُخفِ ترامب استياءه من موقف إسبانيا التي رفضت الالتزام بهدف الـ5%، واصفًا تردد مدريد بأنه "فظيع".
وهدد الرئيس الأمريكي بأن الولايات المتحدة ستجعل إسبانيا تدفع "ضعف المبلغ" في المحادثات التجارية الجارية، قائلًا: "إذا لم تدفع إسبانيا 5% فستدفع في التجارة".
من جهته، دافع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن موقف بلاده، ويرى أن مدريد يمكنها تحقيق أهداف الناتو الجديدة بإنفاق 2.1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، واصفًا هدف بلاده بأنه "كافٍ وواقعي ومتوافق".
ومن غير الواضح كيف يمكن للولايات المتحدة تنفيذ تهديداتها ضد إسبانيا، كونها جزءًا من الاتحاد الأوروبي الذي يتفاوض على الصفقات التجارية نيابة عن جميع أعضائه.
سباق ضد الزمن
تأتي هذه التطورات في وقت حرج، إذ يتسابق مفاوضو التجارة في الاتحاد الأوروبي للوصول إلى اتفاق مع إدارة ترامب قبل الموعد النهائي في 9 يوليو، إذ هدد الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 50% على البضائع الأوروبية.
من المقرر مناقشة هذه المحادثات التجارية في قمة القادة الأوروبيين في بروكسل، فيما وجه المستشار الألماني فريدريش ميرز الانتقادات إلى بروكسل لكونها "بطيئة جدًا وتفتقر للتركيز" في تعاملها مع واشنطن.
نبرة معتدلة
رغم التوترات، شهدت القمة أجواء أكثر إيجابية من المتوقع، إذ أكد ترامب التزام أمريكا بالناتو "لأربع سنوات".
وأشار مصدر مطلع لـ"بوليتيكو" إلى أن ترامب اتخذ نبرة "معتدلة بشكل غير متوقع" خلال المناقشات، لتأكيد الوحدة والإشادة بالحلفاء.
أما بشأن أوكرانيا، فأمضت القمة وقتًا أقل في مناقشة الملف الأوكراني مقارنة بالقمم السابقة، ما يعكس حذر ترامب تجاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وجهوده المستمرة لإقناع روسيا بالموافقة على وقف إطلاق النار.
وبعد لقائه مع زيلينسكي، قال ترامب إن كييف مهتمة بالسعي للسلام، واصفًا نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه "مضلل".
من جهته، حذَّر ماكرون من أن الحرب الروسية "تبقى الاهتمام الرئيسي للأوروبيين"، و"هي التي تبرر إعادة التسلح طويل المدى، لأنها تهديد سيستمر"، بينما أكد "روته" دعم الحلف الثابت لأوكرانيا.