تتواصل التوترات داخل القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية على خلفية طريقة إدارة المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث هاجم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش رئيس الأركان إيال زامير متهمًا إياه بـ"الفشل الذريع" في أداء مهامه، كما وجّه انتقادات مباشرة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، متهمًا إياه بعدم تطبيق قرارات القيادة السياسية خلال الحرب.
مواجهة حادة
شهدت جلسة المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) التي انعقدت حتى فجر أمس الأحد، صدامًا علنيًا بين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، وخلال النقاش، قال زامير لسموتريتش: "أنت تؤذي الجنود والاحتياط، وتُضعف معنويات المقاتلين، وتنتقد كل شيء وتقول إننا لا نفعل شيئًا".
وأثار الخطاب غضب سموتريتش، الذي ردّ قائلًا: "ستقول ذلك لاحقًا في الصحف، مشكلتك أنك لا تتقبل النقد، أشيد بالنجاحات، لكنك فشلت فشلًا ذريعًا في ملف المساعدات الإنسانية، كان عليك توزيعها عندما طلبت منك ذلك".
وتدخل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لفض الاشتباك، قائلًا للطرفين: "أنتما تتحدثان بشكل غير لائق، أطلب منكما الهدوء".
طلب اختبار كشف الكذب
واتهم سموتريتش رئيس الأركان بتسريب معلومات من جلسات الكابينت إلى الإعلام، فردّ زامير: "لم أُسرّب شيئًا، أنت من يسرّب المعلومات"، عندها رد سموتريتش متحديًا: "لنذهب إلى جهاز كشف الكذب".
بعد الجلسة، نشر وزير المالية منشورًا هاجم فيه رئيس الأركان بشكل مباشر، وكتب: "رغم الإنجازات الكبيرة في جميع جبهات الحرب، فإن رئيس الأركان لا يؤدي مهمته في إدارة الجهود الإنسانية، ويجبر القيادة السياسية على إدخال مساعدات تصل إلى حماس وتتحول إلى إمدادات لوجستية للعدو".
وأضاف: "وافق الكابينت ورئيس الحكومة على إدخال المساعدات بهذه الطريقة الخاطئة، أنا أرفض ذلك، وسأستمر في نقدي، هذا ليس هجومًا على الجيش الإسرائيلي أو مقاتليه، بل على قيادة الجيش التي تتجاهل قرارات القيادة السياسية".
وتابع: "من غير المقبول أن يعجز الجيش، الذي نفّذ عمليات معقدة في إيران وسوريا ولبنان، عن منع وصول المساعدات إلى حماس، القرار بإدخالها بالطريقة الحالية مرفوض وسندرس خطوات ضده".
انتقادات موجهة لنتنياهو
لم يتوقف نقد سموتريتش عند رئيس الأركان، بل شمل رئيس الحكومة أيضًا، حيث قال: "أوجه انتقادي أيضًا لرئيس الوزراء، الذي فشل طوال الحرب في فرض قرارات القيادة السياسية على قيادة الجيش، خاصة في ملف المساعدات، وهو ملف حاسم لتحقيق النصر والقضاء على حماس وعودة المخطوفين".
خلال جلسة الكابينت التي استمرت أكثر من خمس ساعات، قال سموتريتش أمام الحاضرين: "الجيش غير مستعد لإدارة المساعدات الإنسانية، لقد فشلتم فشلًا ذريعًا، ينبغي على الجيش أن يتولى هذا الملف".
هذا التصريح جاء في سياق تصاعد التوترات بين المستويين السياسي والعسكري، لا سيما في ظل الضغط الأمريكي والدولي لضمان استمرار تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.
خلفية الأزمة
رغم التوترات، لا ينوي سموتريتش تحدي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قبل سفر الأخير إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووفق ما أفادت به مصادر نقلتها صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، يجري سموتريتش حاليًا مشاورات مع مقربين، وقد تتغير مواقفه بعد عودة نتنياهو من زيارته الخارجية.
وتدور الأزمة الحالية حول كيفية توزيع المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث يزعم سموتريتش أن قسمًا كبيرًا منها يصل مباشرة إلى حماس، الأمر الذي يعزز من قدراتها اللوجستية في خضم الحرب، ويطالب الوزير الإسرائيلي بأن يتولى الجيش مسؤولية توزيع المساعدات بنفسه لضمان عدم تسربها إلى التنظيمات المسلحة.
وتكشف هذه المواجهة الجديدة اتساع الفجوة بين القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، كما تؤكد تصاعد الخلافات داخل حكومة نتنياهو في ظل استمرار العمليات العسكرية في غزة، والضغوط الداخلية والخارجية المتعلقة بإدارة الحرب والمساعدات.
وحسب "يديعوت أحرونوت" حتى هذه اللحظة، لا تلوح في الأفق بوادر لحل هذه الخلافات، بل تشير المؤشرات إلى مزيد من التصعيد بعد عودة نتنياهو من واشنطن.