كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن أجواء العمل المتوترة التي وصفتها بـ"السامة" داخل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تؤدي تدخلات زوجته سارة نتنياهو في شؤون الموظفين والمستشارين إلى سلسلة من الإقالات والاستقالات المتواصلة، وسط اتهامات بالمحاباة وتفضيل الولاء الشخصي على الكفاءة المهنية.
مكتب "عش الدبابير"
بحسب التقرير المنشور في "يديعوت أحرونوت"، فإن سارة نتنياهو تُعد من أبرز العوامل غير الرسمية المؤثرة في شؤون المكتب، حيث تتدخل بشكل مباشر في أداء الموظفين، ما يخلق أجواء توتر متواصلة، ونقل التقرير عن موظف سابق قوله إن المكتب "عش دبابير"، في إشارة إلى البيئة العدائية والمشحونة.
أحد أبرز المغادرين هو عمر دوستري، المتحدث باسم المكتب، الذي أعلن استقالته يوم السبت الماضي، في حين تشير المصادر إلى أنه أقيل بعد خلافات متكررة مع سارة نتنياهو التي لم تكن راضية عن أدائه، ورغم البيان الرسمي الذي أفاد بأن دوستري هو من اختار المغادرة، تؤكد الصحيفة أن قرار الإقالة اتُخذ منذ أسابيع، عندما عُيّن زيف أغمون، المقرب من عائلة نتنياهو، كمتحدث إضافي.
الأقرب لـ"سارة"
أشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن تساحي برافرمان، رئيس ديوان رئيس الوزراء، هو الشخصية الأقرب لسارة نتنياهو، وتكمن مهمته غير المعلنة في "إخماد الحرائق" الناجمة عن تدخلاتها، ويُتداول اسمه سياسيًا كمرشح لتولي منصب سفير إسرائيل في لندن خلفًا لتسيبي حوتوفلي، ضمن التعيينات السياسية المرتقبة.
وفي قضية منفصلة، أشارت الصحيفة إلى أن يائير كاسباريوس، مدير مكتب نتنياهو السابق، قد تلقى راتبه لأشهر وهو في منزله بعد أن رفضت سارة نتنياهو وجوده في المكتب، ورغم فتح لجنة الخدمة المدنية تحقيقًا في الأمر، إلا أنها أعلنت إغلاق القضية لعدم وجود مخالفة تأديبية مثبتة.
في المقابل، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان رسمي مسؤولية برافرمان عن تشغيل كاسباريوس، مؤكدًا أن صلاحية التوظيف تعود إلى المدير العام للمكتب.
تنقلات سارة السياسية
من بين المغادرين أيضًا يوسيف شيلي، المدير العام السابق للمكتب، الذي نُقل إلى منصب سفير إسرائيل في الإمارات، وتقول الصحيفة إن إقالته جاءت بعد شكوى من سارة نتنياهو بأنه لم يُلبِّ مطالبها، وتم تعيين دروريت شتاينميتز بدلًا منه، وهي شخصية توصف بأنها مخلصة ومقربة من عائلة نتنياهو.
وقوبل التحاق زيف أغمون بالمكتب رغم افتقاره إلى الخبرة الإعلامية، باستياء واسع في الوسط السياسي، وفق ما أوردته الصحيفة، وقد تم تقديمه كشخص "مطيع" لسارة نتنياهو، تربطه علاقة عائلية ببرافرمان، ما جعله محل شكوك في دوافع التعيين.
وقالت مصادر من داخل المكتب إن وصول أغمون أدى إلى اضطرابات تنظيمية، حيث طالب بصلاحيات أوسع، الأمر الذي جعل من الصعب على دوستري الاستمرار، وأضاف مصدر آخر أن حذف اسم دوستري من قائمة المسافرين إلى واشنطن هذا الأسبوع، جاء تأكيدًا لرغبة نتنياهو أو دوستري في إنهاء العلاقة فورًا.
في بيان لاحق، نفى مكتب نتنياهو أن تكون سارة وراء إنهاء خدمة دوستري، مشيرًا إلى أن القرار تم بالتنسيق بين نتنياهو، وبرافرمان، ودوستري نفسه، واتهم وسائل الإعلام بـ"تشويه الحقائق" وتحويل سارة إلى "كيس ملاكمة إعلامي".
الولاء أكثر من الخبرة
بحسب التقرير، يعتمد نتنياهو في تعييناته داخل المكتب على الولاء أكثر من الخبرة، إذ أحاط نفسه بمستشارين يفتقر معظمهم إلى الكفاءة المتخصصة، مثل نيفو كاتس المستشار لشؤون الكنيست، من بين القلائل المؤهلين في المكتب، يبرز اسم الدكتور أوفيك فالك، المستشار السياسي.
وتؤكد "يديعوت أحرونوت" أن العديد من المناصب لا تزال شاغرة منذ مدة طويلة، ومنها رئاسة منظومة المعلومات الوطنية التي ظلت شاغرة منذ استقالة موشيك أفيف لأسباب شخصية، في ظل إخفاق نتنياهو في العثور على بديل مناسب.
وشهد مكتب نتنياهو خلال الأشهر الماضية سلسلة من الاستقالات، بينها استقالة المستشار يوناتان أوريتش بسبب ما وصفته الصحيفة بـ"الفضائح"، رغم أهميته في إدارة الاستراتيجية الإعلامية وآلة الدعاية.
ولتدارك التدهور الإعلامي، استعان نتنياهو مجددًا بـتوباز لوك، الذي عاد إلى الساحة السياسية كمستشار إعلامي بعدما غادر إلى القطاع الخاص، ومن المتوقع أن يرافقه إلى واشنطن هذا الأسبوع، وإن عبر رحلة تجارية كونه ليس موظفًا حكوميًا، إلى جانبه، لا يزال عوفر جولان أحد القلائل الذين ما زالوا ضمن الدائرة المقربة، ويُتوقع أن يتوليا مسؤولية تغطية نشاطات المكتب إعلاميًا إلى جانب أغمون.
تسلّط صحيفة "يديعوت أحرونوت" الضوء على التدهور التنظيمي والإداري في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث تبرز تدخلات سارة نتنياهو بوصفها عاملًا رئيسيًا في الصراعات الداخلية والإقالات المتواصلة، في ظل أجواء مهنية وُصفت بـ"السامّة"، يغيب فيها معيار الكفاءة لتحل محله معايير الولاء الشخصي والسياسي.