الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"جريمة مالية" أم ضرورة اقتصادية؟.. الجمهوريون منقسمون حول مشروع الميزانية العملاق

  • مشاركة :
post-title
مبنى الكابيتول الأمريكي - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يشهد الحزب الجمهوري انقسامًا حادًا حول مشروع قانون الميزانية الضخم الذي يروج له الرئيس دونالد ترامب، في صراع يكشف عن تناقضات عميقة بين أجنحة الحزب حول الأولويات المالية والاقتصادية. وبحسب مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، فإن محافظي مجلس النواب يتهمون زملاءهم في مجلس الشيوخ بارتكاب "جريمة مالية" من خلال تجاهل الاتفاقيات المالية المبرمة مسبقًا.

صراع الأرقام

تكمن جذور الأزمة في تضارب الأرقام والالتزامات المالية، إذ إنه وفقًا لـ"بوليتيكو"، فإن الإطار المالي المتفق عليه بين رئيس مجلس النواب مايك جونسون والمحافظين الماليين ينص على ضرورة مطابقة أي تخفيضات ضريبية تزيد على 4 تريليونات دولار بتخفيضات إنفاق مماثلة، بما يتجاوز الـ1.5 تريليون دولار المدرجة في مشروع قانون مجلس النواب.

لكن الواقع يرسم صورة مختلفة تمامًا، إذ تشير بيانات اللجنة المشتركة للضرائب، كما ذكرت "بوليتيكو"، إلى أن خطة مجلس الشيوخ تتضمن 4.45 تريليون دولار من التخفيضات الضريبية مقابل 3.8 تريليون دولار في النسخة التي أقرها مجلس النواب.

أما مكتب الميزانية في الكونجرس فيقدر أن خطة مجلس الشيوخ تشمل حوالي 1.5 تريليون دولار في تخفيضات الإنفاق الإجباري، لكن هذا المبلغ ينخفض بحوالي 300 مليار دولار بسبب الاستثمارات لمرة واحدة في تمويل الحدود وسياسة الأمن القومي.

"جريمة مالية"

لم يتردد المحافظون في استخدام أقسى العبارات لوصف ما يعتبرونه خيانة للاتفاقات المبرمة، إذ إن النائب كيث سيلف من تكساس، أحد الموقعين على الاتفاق الأصلي مع رئيس مجلس النواب، كتب على منصة "إكس" أن أعضاء مجلس الشيوخ "يتجاهلون تمامًا" الإطار المالي لمجلس النواب، مضيفًا: "هذا ليس مجرد تهور، بل جريمة مالية".

وتصاعدت حدة الانتقادات عبر بيان مجموعة "حرية مجلس النواب" على منصة إكس، حيث قالت: "النسخة المقترحة من مجلس الشيوخ تضيف 651 مليار دولار للعجز، وهذا قبل احتساب تكاليف الفوائد التي تضاعف المبلغ الإجمالي تقريبًا".

ودعت المجموعة مجلس الشيوخ إلى "إجراء تغييرات جوهرية والالتزام على الأقل بالإطار المالي المتفق عليه"، كما انضم النائب رالف نورمان من ساوث كارولينا والنائب تشيب روي من تكساس إلى جوقة المنتقدين، مؤكدين ضرورة التزام مجلس الشيوخ بالحسابات المالية كما حددها مجلس النواب.

دفاع مجلس الشيوخ

في المقابل، يدافع أعضاء مجلس الشيوخ عن موقفهم بحجج تقنية ومرونة في التفسير المالي، إذ أوضح السيناتور ماركواين مولين من أوكلاهوما لـ"بوليتيكو" أن حوالي 250 مليار دولار من التخفيضات في الإنفاق المدرجة في مشروع قانون مجلس النواب تم استبعادها لأنها لا تتوافق مع قواعد ميزانية مجلس الشيوخ، بعد مراجعات مستمرة من إليزابيث ماكدونو، البرلمانية في مجلس الشيوخ.

ويقترح مولين نهجًا مختلفًا في الحسابات، قائلاً: "أعتقد أن الأمر متروك لمجلس النواب في كيفية النظر إلى هذا الأمر، لأنه يمكنهم الذهاب في اتجاهين مختلفين. إذا نظرت تحت القانون الحالي، فستحصل على عجز. وإذا ذهبت إلى السياسة الحالية، فستحصل في الواقع على فائض قدره 507 مليار دولار".

تدخل ماسك يشعل الجدل

أضاف الملياردير إيلون ماسك بُعدًا جديدًا للصراع من خلال انتقاداته اللاذعة لمشروع القانون، حسبما نقلت "بوليتيكو"، إذ قال في سلسلة منشورات على منصة إكس: "كل عضو في الكونجرس روج في حملته الانتخابية لتقليل الإنفاق الحكومي، ثم صوت فورًا لأكبر زيادة في الدين في التاريخ، يجب أن يخجل من نفسه! وسيخسرون انتخاباتهم التمهيدية العام المقبل، حتى لو كان آخر شيء أفعله على هذه الأرض".

السباق مع الزمن والمخاطر السياسية

تواجه القيادة الجمهورية تحديًا زمنيًا حرجًا مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده ترامب في الرابع من يوليو، إذ يواجه رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الذي وعد المحافظين بما اعتبروه "قسم دم" للالتزام بالاتفاق، ضغوطًا متزايدة.

وحذّر خبراء من أنه إذا تمسك محافظو مجلس النواب بموقفهم ولم تتغير النسخة المقترحة من مجلس الشيوخ، فقد يضطر القادة الجمهوريون لعقد "مؤتمر" بين المجلسين، مما قد يؤخر إقرار القانون.

ومن جانبه، حذر بول وينفري، الرئيس التنفيذي لمركز ابتكار السياسة الاقتصادية والمسؤول الاقتصادي السابق في إدارة ترامب الأولى، من أن "مشروع قانون مجلس الشيوخ لا يتوافق حاليًا مع الإطار المالي بفارق 651 مليار دولار".

وفي الوقت الذي أمر فيه قادة مجلس النواب الجمهوري الأعضاء بالعودة إلى واشنطن لبدء التصويت على مشروع القانون صباح الأربعاء، كتبت مجموعة من 38 نائبًا جمهوريًا بقيادة النائب لويد سموكر من بنسلفانيا، إلى زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون في أوائل يونيو، محذرين من أن أي تغييرات على مشروع القانون الجمهوري يجب أن تلتزم بالإطار المالي الذي وضعه مجلس النواب.