الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

التشريعات الضريبية على المحك.. خلاف ترامب وماسك يهدد أجندة الجمهوريين

  • مشاركة :
post-title
الملياردير الأمريكي إيلون ماسك والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والملياردير إيلون ماسك، في صراع علني حاد يُهدّد بتعطيل الأجندة التشريعية للحزب الجمهوري، خاصة مشروع قانون الضرائب الأساسي للرئيس. 

وكشف هذا الخلاف، الذي اندلع بسبب انتقادات ماسك الشديدة لتكلفة التشريع الرئيسي لترامب، عن انقسام جوهري داخل الحزب الجمهوري بين دعاة التقشف المالي وأنصار وعود ترامب الشعبوية بعدم المساس ببرامج الرعاية الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.

تبادل للاتهامات

وصل الخلاف إلى ذروته عندما وصف ترامب ماسك في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه أصبح "مجنونًا" وهدّد بإلغاء العقود الفيدرالية لشركتي تسلا وسبيس إكس التابعتين لماسك.

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن" صباح الجمعة، قال ترامب: "لست أفكر حتى في إيلون، لديه مشكلة، الرجل المسكين لديه مشكلة"، مضيفًا أنه لن يتحدث مع ماسك "لفترة على ما أعتقد، لكنني أتمنى له الخير"، كما وصفه في مقابلة أخرى بـ"الرجل الذي فقد عقله".

في المقابل، رد ماسك بزعمه أنه السبب الوحيد وراء فوز ترامب في انتخابات 2024، واقترح عزل الرئيس.

كما شن ماسك هجومًا شرسًا على مشروع القانون عبر منصة إكس، واصفًا إياه بأنه كارثة "مليئة بالمشاريع غير المفيدة" وأنه سيخلق "عبودية الديون" للأمريكيين، وفقًا لما ذكرته واشنطن بوست.

انقسام جمهوري

عبر رئيس مجلس النواب مايك جونسون عن استيائه الشديد من تدخل ماسك في العملية التشريعية، قائلاً في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" يوم الجمعة: "أنا لا أُجادله حول كيفية بناء الصواريخ، وأتمنى ألا يُجادلني حول كيفية صياغة التشريعات وتمريرها"، ما يُسلّط الضوء على حجم الإحباط الذي وصل إليه قادة الكونجرس من تدخل ماسك المستمر.

من جانبه كشف ستيفن مور، الاقتصادي المؤيد لترامب، لصحيفة واشنطن بوست عن حجم الغضب داخل أوساط القيادة الجمهورية، قائلاً: "سمعت من القادة الجمهوريين في الأسبوع الماضي عبارات تكاد تكون شتائم يقولون فيها إنه يُقوّض الأشياء ذاتها التي يحاول تحقيقها، من خلال سلوكه والانتقاد بطرق عدوانية، يشعرون وكأنها خيانة، هناك خليط من الحيرة والغضب".

فشل "إدارة الكفاءة الحكومية"

كان المشرعون الجمهوريون يعوّلون بشدة على برنامج "خدمة دوج الأمريكية" الذي يقوده ماسك لتحقيق تخفيضات كبيرة في الإنفاق الحكومي تساعد في تعويض تكلفة حزمة الضرائب الباهظة، إلّا أن "إدارة الكفاءة الحكومية"، الذي يرمز لها "دوج"، فشلت في تحقيق الوعود الطموحة التي قطعها ماسك.

وفقًا لواشنطن بوست، وعد ماسك خلال الحملة الانتخابية بتوفير 2 تريليون دولار من الميزانية الفيدرالية، قبل أن يُقلص هذا الرقم إلى تريليون دولار واحد عند وصوله للبيت الأبيض.

وبحلول نهاية الشهر الماضي، عندما غادر منصبه، ادّعى برنامج "إدارة الكفاءة الحكومية" أنه وفر 175 مليار دولار فقط، وهو رقم يُعتبر مُبالغًا فيه على الأرجح، ما ترك الجمهوريين بدون الحجة القوية التي كانوا يأملون في استخدامها لتبرير التخفيضات الضريبية.

وأوضحت جيسيكا ريدل، الزميلة الأولى في معهد مانهاتن، مركز الأبحاث المحافظ، الوضع للصحيفة الأمريكية قائلة: "كانت هناك نقطة نقاش أن التعريفات الجمركية وبرنامج (دوج) سيوفران تخفيضًا كافيًا في العجز للقول على الأقل أن التخفيضات الضريبية مُموّلة، وقد تحطم كلا الأملين، برنامج (دوج) يوفر القليل جدًا من المال، مما كشف عدم القدرة التامة على تحمل تكاليف مشروع قانون الضرائب. الجمهوريون في الكابيتول محبطون لأنهم لا يستطيعون القول بشكل معقول أن (دوج) سيدفع تكاليف التخفيضات الضريبية".

استغلال الخلاف

استغل النشطاء المحافظون في الكونجرس، الذين يُطلق عليهم "صقور الميزانية"، هذا الخلاف لتعزيز موقفهم ضد مشروع قانون الضرائب المُكلف.

أعرب النائب توماس ماسي من كنتاكي، وهو من أشد دعاة التقشف المالي والذي كان واحدًا من اثنين فقط من الجمهوريين الذين عارضوا مشروع قانون التخفيضات الضريبية الشهر الماضي، عن ابتهاجه بالخلاف، قائلًا للصحفيين خارج مبنى الكابيتول يوم الجمعة، وهو يحمل لافتة تُظهر الدين القومي الأمريكي الذي يتجاوز حاليًا 36 تريليون دولار: "قلت لزملائي إذا صُدمت في شارع الاستقلال واضطروا لإلقاء كلمة في جنازتي، فليقولوا: لقد كان يعيش أفضل يوم في حياته"، ما يُظهر مدى الرضا الذي شعر به المحافظون الماليون من انتقادات ماسك للمشروع.

ومن جانبه عبر النائب تشيب روي من تكساس، الذي دعم في النهاية مشروع قانون التخفيضات الضريبية تحت ضغط من ترامب، عن أمله أن تؤدي حملة ماسك إلى إجبار مجلس الشيوخ على تعديل المشروع؛ لتضمين المزيد من تخفيضات الإنفاق قبل إرساله مرة أخرى لمجلس النواب للتصويت النهائي.

وقال روي: "نحن في الكونجرس سنفعل ما نأمل أن نفعله من قبل، وهو أن نكون مسؤولين مالياً فعلاً، سيتعين على مجلس الشيوخ تحسين مشروع قانون مجلس النواب".

تحديات تشريعية

يواجه الجمهوريون تحديًا كبيرًا في تمرير مشروع القانون، حيث وضع مجلس الشيوخ موعدًا نهائيًا ذاتيًا لتمرير مشروع قانون التخفيضات الضريبية بحلول الرابع من يوليو، والذي سيحتاج بعدها للمرور مرة أخرى عبر الأغلبية الضئيلة في مجلس النواب للوصول إلى مكتب ترامب للتوقيع عليه.

هجمات ماسك المتواصلة على التشريع تُحبط قادة الكابيتول الذين يُجادلون بأن حزمة التخفيضات الضريبية ستُطلق نموًا اقتصاديًا سيُعوض إلى حد كبير تكاليفها. البيت الأبيض أيضًا حريص على دفع المشروع للأمام لتمويل أجندة الهجرة المُكلفة؛ نظرًا لأن مشروع القانون ينفق عشرات المليارات على بناء جدار حدودي وتسهيل خطة ترامب للترحيل الجماعي.

من جانب آخر، يُتوقع أن ينظر الجمهوريون في مجلس النواب في تقنين الجولة الأولى من تخفيضات الإنفاق الخاصة ببرنامج "دوج" الأسبوع المقبل، والتي تمثل جزءًا ضئيلًا مما وعد به البرنامج. حزمة الإلغاءات، التي تحتاج فقط لأغلبية بسيطة للتمرير في كلا المجلسين، تُخفض أكثر من 9 مليارات دولار من وكالة المساعدات الخارجية الأمريكية والبث العام.