الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تأثير التغيرات الاقتصادية في أمريكا على موقف الداخل من ترامب

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب"

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

يتعرض الاقتصاد الأمريكي إلى مجموعة من القرارات التي تُحدث صدمة في العديد من المؤشرات الاقتصادية منذ تولي الرئيس دونالد ترامب فترته الرئاسية الثانية في يناير 2025، الأمر الذي أحدث حالة من القلق حول النظرة المستقبلية لهذا الاقتصاد من قبل الشعب الأمريكي، وهو ما ترتب عليه تراجع مستوى التأييد لترامب في الربع الثاني من العام الحالي.

وفي هذا الإطار، أصبح موقف الداخل من ترامب مرتبطًا بشكل أوضح بمؤشرات الأداء الاقتصادي، سواءً من خلال استقرار البطالة أو تذبذب التضخم أو أداء سوق الأسهم.

تأسيسًا على ما سبق، يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على الوضع الاقتصادي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى انعكاسات هذه الأوضاع على موقف الداخل من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

مؤشرات مُحددة

يُمكن توضيح الوضع الاقتصادي الحالي في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال النقاط التالية:

الشكل (1) يوضح معدل التضخم الأمريكي-المصدر: مكتب إحصاءات العمل الأمريكي

(-) معدل التضخم: ارتفع معدل التضخم الأمريكي في شهر مايو 2025 إلى 2.4%، بالمقارنة بـ 2.3% في أبريل كما يوضح الشكل (1)، وهو الأمر الذي يوضح أن معدل التضخم بات يبعد عن المعدل المستهدف من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، والذي يبلغ 2%، وهو ما دفعه إلى تثبيت سعر الفائدة وعدم الانسياق وراء ضغوط ترامب بخفضها.

وعلى هذا النحو، يتضح أن الأمريكيين ما زالوا يعانون من ارتفاع الأسعار، الذي دفعهم إلى تخفيض إنفاقهم، إذ انخفض إجمالي الإنفاق بنسبة 0.1%، وإنفاق المستهلكين بلغ 0.5% فقط في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، وظل بطيئًا في الشهرين الأوليين من الربع الثاني، مع تقليص الأمريكيين من إنفاقهم بشكل خاص على الترفيه والطعام، كما ارتفع الإنفاق على الخدمات بنسبة 0.1% فقط في مايو، وهي أقل زيادة شهرية في أربع سنوات ونصف.

وفي هذا النطاق، سجلت فئة المبيعات النهائية الحقيقية للمشتريين المحليين من القطاع الخاص، معدل نمو سنوي نسبته 1.9%، وهو أقل من معدل 2.9% المسجل في الربع الرابع من عام 2024، ومن تقدير وزارة التجارة السابق البالغ 2.5% في الفترة من يناير إلى مارس.

ويُمكن تفسير ذلك بأن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، رفعت نسبيًا تكلفة بعض السلع مثل الأجهزة والمعدات، ولكنها حتى الآن لا تُمارس تأثيرًا كبيرًا ملحوظًا؛ بسبب تقليص أو إيقاف أو تخفيف بعضها، كما يُعزى التراجع في إنفاق المستهلكين إلى انخفاض الأجور بنسبة 0.4%.

الشكل (2) يوضح معدل النمو الاقتصادي الأمريكي خلال الفترة من الربع الثاني 2022 إلى الربع الأول 2025-المصدر: مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي

(-) معدل النمو الاقتصادي: انكمش الاقتصاد الأمريكي بمعدل سنوي قدره 0.5% في الربع الأول من عام 2025، وهو ما يُعد أول انكماش ربع سنوي في ثلاث سنوات، وأكثر حدة من الانكماش التقديري الذي بلغ 0.2%.

ومن هنا يرجع ضعف الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الأول من عام 2025 إلى هبوط إنفاق المستهلكين، الذي وصل إلى أبطأ وتيرة منذ الانخفاضات الحادة في عام 2022، فضلاً عن انخفاض نمو الصادرات بشكل ملحوظ، إذ نمت بنسبة 0.4% فقط، بالمقارنة بتقدير سابق بلغ 2.4%.

ومن ناحية أخرى، انخفض إنفاق الحكومة الفيدرالية بنسبة 4.6%، وهو أكبر انخفاض منذ الربع الأول في عام 2022، وفي المقابل ارتفعت الواردات، حيث سارعت الشركات والأسر الأمريكية إلى شراء السلع الأجنبية في فترة حرب الرسوم الجمركية.

الشكل (3) يوضح معدلات التوظيف في الولايات المتحدة الأمريكية-المصدر: مكتب إحصاءات العمل الأمريكي

(-) معدلات التوظيف: انخفضت نسبة العمالة إلى السكان في الولايات المتحدة الأمريكية بمقدار 0.3 نقطة مئوية إلى 59.7% في مايو 2025، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ يناير 2022، فقد انخفضت معدلات التوظيف عن مستواها في فبراير 2025 بنسبة 0.7%، وهو الأمر الذي يوضح انخفاض المعروض من الوظائف داخل الاقتصاد الأمريكي، ومن الناحية الأخرى، يتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي ارتفاع معدل البطالة إلى 4.5% بحلول عام 2026.

وفي مايو 2025، انخفضت وظائف قطاع التصنيع بمقدار 8 آلاف وظيفة، كما تباطأ نمو الوظائف الزراعية، ويدعم هذا الاتجاه خطط ترامب نحو تخفيض الإنفاق الحكومي، إذ فقدت الحكومة الفيدرالية 22 ألف وظيفة، وهو أكبر انخفاض منذ عام 2020.

(-) معدلات الاستثمار: أثرت أجندة الرئيس ترامب على البيئة الاستثمارية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فسياساته المناهضة للاستثمارات المناخية خفضت من معدلات الاستثمار في هذا المجال، على الرغم من أن استطلاع "روبيكو" العالمي في نسخة عام 2025 حول الاستثمار في المناخ أوضح أن 46% من المستثمرين أفادوا بأن الاستثمار في المناخ محوري لسياساتهم.

ومن ناحية أخرى، تأثرت البيئة الاستثمارية من التأرجح في قرارات الرسوم الجمركية، فقد انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر من 69.4 مليار دولار في الربع الأول من عام 2023 إلى 66.7 مليار دولار في الربع الأول من عام 2025.

تراجع التأييد

يُستدل على تراجع تأييد دونالد ترامب من خلال النقاط التالية:

(-) زيادة معدلات عدم التأييد: يوضح الشكل (4) معدل الانخفاض في تأييد الداخل لترامب، حيث انخفضت معدلات التأييد من 48% في 6 مارس 2025 إلى 43% في 28 يوليو 2025، أي انخفضت بنسبة 10.42%، وفي نفس الوقت ارتفعت معدلات عدم التأييد من 48% إلى 53%، وهو الأمر الذي يُشير إلى التراجع الكبير في تأييد ترامب خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي دامت 12 يومًا.

الشكل (4) معدلات التأييد وعدم التأييد لدونالد ترامب خلال الربع الأول والثاني من عام 2025

(-) تراجع تأييد الشباب: تعتبر فئة الشباب من أكثر الفئات المُشكلة للرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي انخفاض معدل تأييدها لترامب، يوضح أن الوضع الاقتصادي في الداخل الأمريكي يشوبه حالة من القلق العام، فكما يوضح الشكل (5) ارتفعت نسبة عدم التأييد بين الشباب إلى 53.4%، كما انخفض التأييد إلى 43.1%.

الشكل (5) يوضح نسب تأييد أداء ترامب بين الشباب خلال الفترة من يناير إلى يونيو2025-المصدر: جيليوت موريس

(-) توافق استطلاعات الرأي: يُثبت دقة الاستطلاعات المختلفة من أن تكون نسبتها متوافقة مع الاتجاه العام، فإذا ارتفع عدم التأييد بين شركات الاستطلاع المختلفة، يُمكن الجزم بتراجع تأييد الداخل الأمريكي لترامب.

ووفقًا لذلك، يوضح الجدول (1) أن أغلبية شركات ومؤسسات الاستطلاع ارتفع لديها نسب عدم تأييد ترامب، ففي شركة الاستشاراتMorning Consult سجل عدم التأييد 50%، بينما بلغ التأييد نسبة 47%، وفي مجموعة تايسون سجل عدم التأييد 51%، بينما سجل التأييد 45% فقط، وذلك بالقياس على أغلب الشركات التي يتضمنها الجدول.

الجدول (1) يوضح معدلات التأييد وعدم التأييد لبعض الشركات الأمريكية

في النهاية، يُمكن القول إن المؤشرات الاقتصادية في عام 2025 أثرت بشكل كبير على الموقف الداخلي من دونالد ترامب، فالشعب الأمريكي كان هدفه الأساسي من انتخاب ترامب هو تخفيض تكاليف المعيشة وزيادة معدلات التوظيف داخل الاقتصاد، ولكن قراراته المختلفة حدت من تحقيق هذه الأهداف، وهو ما أصاب الشعب بالإحباط.

وعليه، إذا استمرت مؤشرات التباطؤ بلا رؤية واقعية، ستنخفض معدلات عدم التأييد بأكثر من معدل الـ 40-43% الحالي، فالرئيس دونالد ترامب يتأرجح في القرارات الاقتصادية المهمة، فبعد أن أشعل حرب الرسوم الجمركية، بدأ يتراجع عن بعضها، ولكن بعد أن ترك أثرًا سلبيًا في الاقتصاد الأمريكي، ومن هنا يحتاج الاقتصاد الأمريكي في هذه الفترة إلى اتخاذ قرارات تتسم بالرشادة الاقتصادية.