كشف تحليل سياسي لموقع "ذا انترسيبت" الأمريكي عن دور الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في اندلاع الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران، مؤكدًا أن فشل إدارته في إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، ساهم مباشرة في خلق الظروف التي أدت إلى هذا الصراع المدمر الذي أسفر عن مقتل مئات الأبرياء.
تحذيرات أوباما التي تحققت
قبل عقد من الزمن، حذّر الرئيس السابق باراك أوباما أثناء التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 قائلاً: "دعونا لا نتجمل بالكلمات: الخيار الذي نواجهه في النهاية هو بين الدبلوماسية وشكل من أشكال الحرب - ربما ليس غدًا، ربما ليس بعد ثلاثة أشهر، لكن قريبًا".
وبحسب موقع "ذا انترسيبت"، فقد تحقق هذا التحذير بالضبط عندما انسحبت إدارة دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018، مما أدى إلى انهياره نهائيًا بعد فترة قصيرة.
اندلعت الحرب التي تنبأ بها أوباما هذا الشهر، إذ شنت إسرائيل وابلاً من الصواريخ والقنابل والهجمات بالطائرات المسيرة ضد المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية والأحياء السكنية، فردت إيران بضربات انتقامية ضد إسرائيل.
ثم دخلت الولايات المتحدة الصراع بعد محاولة دبلوماسية ظاهرية، منفذة حملة قصف واسعة ضد المنشآت النووية الإيرانية، مما أثار شبح صراع إقليمي شامل أو حرب عالمية، قبل أن تتفق إسرائيل وإيران على وقف إطلاق النار بعد 12 يومًا من التبادل العسكري.
الفرصة الذهبية الضائعة
رغم أنه قد يكون من السهل إلقاء اللوم على ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أن موقع "ذا انترسيبت" يؤكد أن هذا يخفي مسؤولية الأشخاص الذين كان بإمكانهم استعادة الاتفاق النووي وتجنب هذا الكابوس الجديد، إذ إن بايدن، الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد أوباما، أضاع الفرصة لتصحيح المسار وتجنب الأزمة الحالية، إذ إنه عندما تولى الرئاسة عام 2021، كان لديه قائمة طويلة من تعديات ترامب التي وعد بالتراجع عنها لاستعادة الحالة الطبيعية، نجح في تنفيذ بعض هذه الوعود، مثل إنهاء سياسات حظر السفر والعودة إلى اتفاقية باريس للمناخ بجرة قلم في اليوم الأول من رئاسته.
التعقيدات المصطنعة والتأخير القاتل
لكن التزام بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، كما قال مستشاروه، كان أكثر تعقيدًا، إذ اقترح الأخير وفريقه أن شرطًا مسبقًا لعودة الولايات المتحدة سيكون معالجة إيران للخطوات التي اتخذتها لتوسيع عملها النووي انتقامًا من انتهاك الولايات المتحدة للاتفاق، بدلاً من استعادة الولايات المتحدة امتثالها لالتزاماتها التي انتهكتها، ما أدى إلى أسابيع من الجدل وأخذ وقتًا في المفاوضات التي لم يكن بإمكان أي من الطرفين تحمل خسارتها.
التأخير لم يؤثر فقط على احتمالات الاتفاق نفسه، بل كان له تأثير أوسع على السياسة الإقليمية، إذ اعتقد العديد من المراقبين أن الإدارة الجديدة تفهم الحاجة للتحرك بسرعة لاستعادة الاتفاق قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي كانت في ذلك الصيف، والتي كانت من الممكن أن تعيد المتشددين الذين عارضوا الاتفاق النووي بقوة إلى السلطة.
إهمال الشرق الأوسط وتفويت النافذة الزمنية
بدلاً من استعادة الالتزامات الأمريكية تحت الاتفاق بإلحاح، أمر بايدن مستشاريه بـ"إبقاء الشرق الأوسط بعيدًا عن مكتبه"، بينما ركز على أجندته المحلية، وفقًا لـ"ذا انترسيبت"، ومستشارين مثل بريت ماكجورك، الذي ظل يدافع عن دخول أمريكا في حرب إسرائيل ضد إيران ويحتفل به على CNN خلال الأسبوعين الماضيين.
بدأت المفاوضات، لكنها كانت دائرية، مقوضة من قبل صقور الكونجرس والتخريب الإسرائيلي، بما في ذلك هجوم إسرائيلي عام 2021 على منشأة نطنز النووية الإيرانية تمامًا عندما كانت المفاوضات تبدأ أخيرًا في التقدم.
في النهاية، فوت فريق بايدن النافذة للاتفاق قبل أن يؤدي اليمين كرئيس لإيران الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي الذي يعد ناقدًا قاسيًا للاتفاق النووي الأصلي.
تقدم البرنامج النووي الإيراني في عهد رئيس بقفزات وخطوات واسعة، حيث أصبحت إيران قادرة على إنتاج ما يكفي من المواد المخصبة لسلاح نووي في غضون أسابيع.
من الدبلوماسية إلى التفكير في الضربات العسكرية
بحلول نهاية ولاية بايدن، لم يعد مستشاروه يناقشون حلاً دبلوماسيًا للمسألة النووية، بل كانوا يناقشون ضرباتهم العسكرية الخاصة ضد إيران لتأخير برنامجها، في حين أن الأزمة النووية، القابلة للحل بشكل وشيك تحت بايدن، تم تفاقمها بدلاً من ذلك طوال فترة ولايته وتم تسليمها إلى ترامب، الذي تصرف بحكمة في البداية، على حد وصف التحليل، بالانخراط في مفاوضات نووية مع إيران لكنه استسلم في النهاية لنتنياهو.