الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عقوبات الصواريخ الباليستية باقية.. إحياء الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران في مهب الريح

  • مشاركة :
post-title
محادثات نووية سابقة بين ممثلى إيران والغرب-أرشيفية.

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

وضع الاتحاد الأوروبي عقبة جديدة أمام المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، إذ يعتزم تكتل القارة العجوز الإبقاء على عقوبات الصواريخ الباليستية المقرر أن تنتهي في أكتوبر، بموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015، وذلك في خطوة قد تستفز طهران وتدفعها للرد عليها، وفق ما نقلت "رويترز" عن أربعة مصادر.

ومن شأن الإبقاء على عقوبات الاتحاد الأوروبي، وفق "رويترز"، أن يعكس رغبة الغرب في منع إيران من تطوير الأسلحة النووية، وحرمانها من سبل تحقيق ذلك، على الرغم من انهيار الاتفاق النووي الموقع في 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018.

وكان الاتفاق الذي أبرمته إيران مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة يهدف إلى الحد من برنامج طهران النووي، وزيادة صعوبة حصولها على المادة الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة نووية، في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

ونتيجة لانسحاب ترامب من الاتفاق وإخفاق الرئيس الأمريكي جو بايدن في إحيائه، تشير تقديرات أمريكية إلى احتمال أن تتمكن إيران من صنع المادة الانشطارية اللازمة لقنبلة واحدة خلال 12 يومًا تقريبًا، بينما كان يستغرقها ذلك عامًا كاملًا حينما كان الاتفاق ساريًا.

ودعت الدول الأوروبية إيران لعدم اتخاذ خطوات لتطوير صواريخ باليستية يمكنها حمل أسلحة نووية، وهي عبارة لا تتضمن أي منع إلزامي.

كما حظرت على أي طرف من التعامل مع إيران في شراء أو بيع أو نقل الطائرات المسيرة القادرة على التحليق لمسافة تزيد على 300 كيلومتر أو مكوناتها دون موافقة مسبقة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهي موافقة لم يمنحها المجلس قط.

ومنذ 2017، اختبرت إيران عددًا من الصواريخ الباليستية وأطلقت عدة أقمار صناعية رغم القرار، وأطلقت في مايو صاروخًا قد يصل مداه إلى ألفي كيلومتر.

تلك الخطوات التصعيدية من قبل إيران، أثارت قلق الغرب، ودفعت واشنطن وحلفاءها للبحث عن سبل للتهدئة، والسعي إذا نجحت في ذلك لإعادة فرض أحد أشكال القيود النووية.

المحادثات بين إيران والدول الغربية

وشهدت الأسابيع الأخيرة جريان ماء جديد في نهر النشاط الدبلوماسي بين إيران والدول الغربية، ما جدد الآمال في نزع فتيل التوترات.

ولفتت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، إلى أن إيران تُجري في الوقت الحالي "محادثات متزامنة" مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وقالت الشبكة إنه خلال الأسبوع الماضي، عُقد لقاء بين كبير المفاوضين الإيرانيين بشأن الملف النووي، علي باقري كني، والوسيط من قبل الاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، في العاصمة القطرية الدوحة، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، إذ لا يزال الاتحاد الأوروبي، على عكس واشنطن، طرفاً في هذا الاتفاق.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أفادت مصادر مطلعة للشبكة الأمريكية، بأن واشنطن "استأنفت بهدوء" محادثاتها غير المباشرة مع إيران، أواخر العام الماضي "في محاولة لكبح جماح برنامج طهران النووي".

وأشارت "سي. إن. إن" إلى أن كلاً من الولايات المتحدة وإيران نفتا التوصل إلى "اتفاق مؤقت". ومع ذلك، اعتبرت الشبكة الإخبارية الأمريكية أن هذه المحادثات قد "جددت الآمال" في أن يكون "التعاون مثمرًا".

"اعتبارات انتخابية"

ولفتت الشبكة إلى "اعتبارات انتخابية" لدى كلا الجانبين. فطهران بصدد إجراء انتخاباتها البرلمانية في العام المقبل، ويمكن أن يمنح "تخفيف العقوبات" من قبل الدول الغربية، حكامها الحاليين دفعة قوية في استطلاعات الرأي وصناديق الاقتراع.

على الجانب الآخر، فقد وضعت الولايات المتحدة، التي تستعد لإجراء انتخاباتها الرئاسية في 2024، تأمين إطلاق سراح العديد من الأمريكيين المحتجزين في إيران على رأس أولوياتها.

في هذا السياق، قالت سانام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد تشاسام هاوس في لندن، إن "كلًا من طهران وواشنطن تجدان فرصة سانحة قبل انطلاق السباقين الانتخابيين، البرلماني والرئاسي على الترتيب، للتوصل إلى حلول وسطية واحتواء الأزمة".

وفي خضم تقارير عن استئناف المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران هذا الشهر، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إنه "لا توجد أخطاء" فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع الغرب، شريطة أن تظل "البنية التحتية النووية" في بلاده "كما هي"، دون أن يتعرض لها أحد، وفقاً لما أوردته "سي. إن. إن".

رياح تغيير

ورغم ذلك، تبشر الإشارات القادمة من الولايات المتحدة بـ"رياح تغيير". ففي الشهر الجاري، وافقت واشنطن على إعفاء يسمح بتحويل 2.7 مليار دولار من العراق إلى البنوك الإيرانية.

وقد أوضحت إيران أنها "غير عابئة" بالتوصل إلى اتفاق يحل محل "خطة العمل الشاملة المشتركة" (الاتفاق النووي). وعلى الصعيد الأمريكي، ستتطلب العودة إلى هذا الاتفاق على الأرجح موافقة الكونجرس، التي قد تثبت أنها "غرض بعيد المنال"، وفق الشبكة الأمريكية.

واعتبر محللون أن "إحياء هذا الاتفاق غير مرجح على الإطلاق في الوقت الحالي". وبدلاً من ذلك، يمكن أن تتوصل طهران وواشنطن إلى اتفاق يقر إطلاق سراح بعض السجناء الأمريكيين البارزين في إيران مقابل تخفيف بعض العقوبات.

ووفق تقارير عديدة، فإن كوريا الجنوبية تدين لإيران بـ7 مليارات دولار مقابل الواردات النفطية التي توقفت بسبب العقوبات الأمريكية، وقد تكون هذه الأموال موضوع المحادثات الأمريكية الإيرانية.

الملفات "غير النووية"

في هذا السياق، قال نيسان رافاتي، كبير محللي إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن النقاش يتمحور حول العديد من الملفات "غير النووية"، مثل الدعم الإيراني لروسيا الذي ترقبه الحكومات الغربية بقلق بالغ.

من جانبها، رجحت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد تشاسام هاوس أنه في حال تم التوصل إلى اتفاق، فإنه سيكون "مجرد ضمادة أولية"، وليس "ترياقًا" للقضايا العالقة بين إيران والولايات المتحدة.

وأشارت إلى أن "المفاوضين قد خاضوا هذا المسار من قبل. ولكن من غير الواضح ما إذا كان ثمة إجماع في طهران أو في إدارة بايدن".

وحسب "رويترز"، قلل مسؤول إيراني آخر من احتمالية الإبقاء على العقوبات، وقال إن طهران أحرزت تقدمًا في برامجها النووية والصاروخية على مدى سنوات رغم العقوبات الغربية.

ونقلت الوكالة عن المسؤول، إن "الإبقاء على العقوبات، بأي طريقة أو شكل، لن يعرقل التقدم الذي تحرزه إيران.. إنها تذكرة بأنه لا يمكن الاعتماد على الغرب ولا الثقة فيه".

بلينكن: المحادثات مع إيران لا تهدف إلى إبرام اتفاق نووي

وقد جدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الأربعاء، التأكيد أن المباحثات غير المباشرة التي بدأت في الآونة الأخيرة بين واشنطن وطهران لا تهدف إلى إبرام اتفاق جديد بشأن برنامج إيران النووي.

وقال بلينكن، إن أي اتفاق "ليس مطروحًا على الطاولة، وإن كنا ما زلنا مستعدين لاستكشاف المسارات الدبلوماسية".

وأشار الوزير الأمريكي إلى أن بلاده شاركت في مباحثات إحياء الاتفاق النووي "بنية حسنة"، وأن نجاحها "بدا ممكنًا" في مرحلة معينة، إلا أن "إيران لم تتمكن أو لم تقم بما هو ضروري للعودة إلى الامتثال" لبنود الاتفاق.