الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عين على الشرق وأخرى على تايوان.. ردود الفعل الصينية على الضربة الأمريكية

  • مشاركة :
post-title
دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

مع تزايد انخراط الولايات المتحدة في النزاع بين إسرائيل وإيران، يبدو أن الصين تتابع المشهد عن كثب، مستخلصة مؤشرات حول توجهات التدخل الأمريكي في أزمات المنطقة، وسط قراءة استراتيجية لأداء واشنطن المتذبذب. وبحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، فإن بكين قد تكون "المستفيد على المدى البعيد" من تراجع القيادة الأمريكية، خاصة بعد أن كشفت الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية عن صورة قوة عظمى غير مستقرة.

واشنطن تحت المجهر

تأتي هذه التقييمات عقب تنفيذ الولايات المتحدة نهاية الأسبوع الماضي ضربات جوية على منشآت نووية إيرانية، في عملية وصفها وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث بأنها "نجاح مدوٍ" دمر القدرات النووية الإيرانية. وجاء الهجوم الأمريكي ردًا على التصعيد المفاجئ الذي بدأ في 13 يونيو، عندما شنت إسرائيل ضربات جوية على منشآت عسكرية ونووية داخل إيران.

وبعد 12 يومًا من القتال، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى وقف إطلاق نار بين الجانبين، بينما سارع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى التقليل من تأثير الضربات، مؤكدًا أن إيران "صفعت وجه أمريكا" عبر قصف قاعدة أمريكية في قطر.

من جانبها، أعربت بكين عن انتقادات شديدة للولايات المتحدة وإسرائيل، إذ اتهم مندوب الصين لدى الأمم المتحدة، واشنطن بانتهاك سيادة إيران وتغذية التوترات في الشرق الأوسط. كما جدّد وزير الخارجية الصيني وانج يي خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الإيراني دعم بلاده لجهود طهران في الدفاع عن سيادتها وأمنها.

مَن المستفيد؟

يرى الأستاذ المساعد في الفلسفة بجامعة هونج كونج، براين وونج، أن الضربات الأمريكية كانت ستشكل أزمة حادة للصين على المدى القصير لو أدت إلى ارتفاع أسعار النفط، نظرًا لاعتمادها الكبير على الخام الإيراني.

لكنه أضاف في تصريحات على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في تيانجين: "على المدى الطويل، تشعر الصين بشيء من الارتياح، إذ إن الولايات المتحدة اليوم ليست تلك القوة التي كانت في السابق قادرة على الجمع بين النفوذ الدبلوماسي وأدوات الضغط لفرض أجندتها في الشرق الأوسط بطريقة كانت قد تهمّش دور الصين الصاعد".

وأشار "وونج" إلى أن الإدارات الأمريكية السابقة كانت توفر نموذجًا لقوة موثوقة ومستقرة تحظى بثقة الشركاء الإقليميين، لكن إدارة ترامب بدّدت هذا التصور، مضيفًا أن "السلوك غير المتوقع من ترامب وغياب الثبات في قراراته أسقطا صورة القوة الموثوقة. ومن هذا المنظور، تعتبر الصين مستفيدة من تراجع واشنطن عن دور القيادة المستقرة".

دروس صينية نحو تايوان

ويعتقد "وونج" أن بكين لا ترى في تحرك ترامب العسكري تجاه إيران مؤشرًا على ميله لاستخدام القوة، بل دلالة على تجنبه الانخراط في حروب طويلة، وهو ما تراه الصين حدًا واضحًا للتدخل الأمريكي.

هدف التوحيد

وأضاف الأستاذ بجامعة هونج كونج: "ترامب لا يريد نشر قوات على الأرض، ولا يريد التورط في نزاع طويل، ولا يستطيع الالتزام بخط سياسي موحد لأكثر من بضعة أيام. هذه رسائل تلتقطها بكين جيدًا". ومع ذلك، شدد على أن الصين لا ترى في هذا الوضع فرصة مباشرة للتحرك تجاه تايوان، مشيرًا إلى أن بكين "تسير وفق جدولها الزمني الخاص" بشأن ما تسميه "إعادة التوحيد السلمي".

حذر صيني

وعلى الرغم من انتقاداتها العلنية وتأكيدها على لعب دور "بنّاء" في قضايا الشرق الأوسط، يرى "وونج" أن بكين لا تزال غير مستعدة للاضطلاع بدور الوسيط الحقيقي في النزاع الإقليمي، مشيرًا إلى أن "الصين تفتقر إلى فهم عميق لتعقيدات الشرق الأوسط الثقافية والسياسية. كما أن صنّاع القرار في بكين حذرون للغاية، ولا يريدون المجازفة بمكانة بلادهم إذا فشلت جهود الوساطة".

وأضاف: "بكين لا تريد أن تتلطخ يداها. فالفشل في الوساطة يمكن أن يُلحق ضررًا كبيرًا بمصداقيتها، وهو ما لا ترغب به القيادة الصينية في هذه المرحلة".

بدورها، قالت مونيكا توفت، مديرة مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة تافتس، إن الصين يجب أن تظل منخرطة في الأزمات العالمية لأنها "تعتمد على استقرار النظام الدولي".

وأضافت: "صحيح أن الصين لا تحب الأزمات، لكنها لا تستطيع الانعزال عن المجتمع الدولي. ومن مصلحتها محاولة تهدئة الصراعات، سواء في الشرق الأوسط أو في أوكرانيا".

وتابعت: "الصين لا تريد صراعات، بل تريد بيئة تجارية مستقرة تسمح لها بمواصلة النمو الاقتصادي. وإذا كان هناك بلد يحتاج إلى الاستقرار قبل كل شيء، فهو الصين".