الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ثورة صنعت تنمية شاملة.. كيف بنت مصر الجمهورية الجديدة بعد 30 يونيو؟

  • مشاركة :
post-title
استطاعت مصر بناء عشرات المدن الجديدة خلال فترة وجيزة

القاهرة الإخبارية - أحمد منصور

منذ أن انطلقت صيحات الملايين في 30 يونيو عام 2013، لم تكن مصر فقط تسترد قرارها الوطني، بل كانت تمهّد لطريق جديد، بشعار البناء والتنمية في الجمهورية الجديدة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وخلال أكثر من عقد، تغيّرت ملامح الدولة على نحو جذري، وكان من أبرز التحولات مشروع التوسع العمراني العملاق، الذي تمثل في مدن الجيل الرابع، كمحور استراتيجي لتحقيق التنمية، وضمان استيعاب الزيادة السكانية، وجذب الاستثمارات، واللحاق بركب المدن الذكية حول العالم.

وبالتوازي، قادت الدولة المصرية مشروعات ضخمة في البنية التحتية، والإسكان، وتنمية الصعيد، ومبادرات الريف المصري، حتى باتت هذه المشروعات مرآة واضحة لثمار التغيير بعد الثورة، وحجر زاوية في بناء الجمهورية الجديدة.

مدن الجيل الرابع.. مصر تضاعف عمرانها

لقد أَولت مصر اهتمامًا خاصًا، منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم في عام 2014، بإنشاء التجمعات العمرانية الجديدة بهدف تخفيف الازدحام عن المدن القديمة، ومجابهة الزيادة السكانية المطردة، كما يتم تنفيذ العديد من مشروعات الإسكان والبنية الأساسية والخدمات بمناطق توسعات التجمعات العمرانية القائمة.

وتعد مدن الجيل الرابع إحدى أكبر القفزات العمرانية في تاريخ مصر الحديث. فقد أسهمت هذه المدن في مضاعفة الرقعة المعمورة من 7% إلى 14%، عبر إطلاق 37 مدينة جديدة على مراحل، بدأت عام 2018.

هذه المدن لم تكن فقط استجابة للزيادة السكانية، بل مثّلت استراتيجية للهروب من التكدس القاتل في القاهرة الكبرى والدلتا، وإعادة توزيع السكان في مراكز حضارية جديدة، ذكية ومستدامة.

أبرز هذه المدن تشمل "العاصمة الإدارية الجديدة، العلمين الجديدة، المنصورة الجديدة، الجلالة، الإسماعيلية الجديدة، شرق بورسعيد، حدائق أكتوبر، غرب قنا، ناصر غرب أسيوط، توشكى الجديدة، شرق ملوى، والفشن الجديدة".

وتم تنفيذ عشرات الآلاف من الوحدات السكنية في هذه المدن، ما بين فيللات وإسكان فاخر وإسكان مختلط، منها أكثر من 34 ألف وحدة في العاصمة الإدارية وحدها، و35 ألف وحدة بمدينة العلمين الجديدة، وأكثر من 1500 فيللا بأسوان والمنصورة الجديدتين.

كما شهدت شبه جزيرة سيناء إنشاء نهضة بنائية شاملة تضمنت بناء أكثر من 550 وحدة سكنية، وإعادة بناء 284 منزلًا نوبياً، وإنشاء 4 قرى بدوية بشمال سيناء.

الصعيد يعود إلى الخريطة.. استثمار وتنمية

لأول مرة، تحولت مدن الصعيد إلى مناطق جذب حقيقي للاستثمار، بعد أن أطلقت الدولة 14 مدينة جديدة في وجه قبلي، منها 7 مدن في المرحلة الأولى و7 أخرى في المرحلة الثانية.

وتستوعب هذه المدن وحدها قرابة مليون نسمة، وتوفر ما يقرب من مليون فرصة عمل مباشرة، وشهدت إقبالًا غير مسبوق من شركات القطاع الخاص على الاستثمار.

رأس الحكمة.. مدينة عالمية

من أبرز التحولات الاستثمارية التي شهدتها مصر بعد ثورة يونيو، صفقة تطوير منطقة "رأس الحكمة" التي أُبرمت مع شركة أبوظبي التنموية القابضة.

تستهدف الصفقة تطوير مدينة متكاملة على مساحة 170 مليون متر مربع "أكثر من 40 ألف فدان"، تضم أحياء سكنية لجميع الشرائح، فنادق ومنتجعات عالمية، خدمات تعليمية وصحية، منطقة حرة، منطقة صناعية خفيفة وتكنولوجية، ومركز مالي وأعمال.

المدينة ستكون تحت إدارة شركة قابضة مصرية-إماراتية باسم "رأس الحكمة"، وتمثل نقطة ارتكاز جديدة على ساحل البحر المتوسط في جذب الاستثمارات العالمية.

شبكات طرق ومرافق عملاقة

لم يقتصر التوسع على الإنشاءات السكنية فقط، بل دعمته الدولة بمشروعات بنية تحتية ضخمة فنجد 2195 مشروعًا لمياه الشرب والصرف الصحي وتحلية مياه البحر، بتكلفة تتجاوز 254 مليار جنيه، و619 مشروعًا خدميًا بتكلفة 11 مليار جنيه، و18216 كم من الطرق، و136 كوبري سيارات، و42 نفقًا وكوبري للمشاة.

كما نجد مشاركة الدولة المصرية في مشروعات استراتيجية مثل محطتي "المحسمة" و"بحر البقر" لمعالجة مياه الصرف الزراعي بتكلفة 16 مليار جنيه.

العاصمة الإدارية.. الطريق إلى الجمهورية الجديدة

العاصمة الإدارية تعد تجسيدًا متكاملًا لمفهوم مدن الجيل الرابع، فهي تضم 7 أحياء سكنية، وحيا ماليًا، وآخر حكومي، وحيا دبلوماسيًا، إلى جانب منطقة الأعمال المركزية التي تضم أطول برج في أفريقيا.

كما تحتوي على مدينة رياضية، وأخرى ثقافية، وأكبر حديقة مركزية في الشرق الأوسط، ما يجعلها قلبًا حضاريًا جديدًا لمصر.

إسكان لكل المصريين.. وداعا العشوائيات الخطرة

يعتبر ملف العشوائيات أحد التحديات التي واجهتها الدولة المصرية بكل قوة، حيث أعطت هذا الملف أولوية قصوى حتى تحول مشهد العشوائيات في مصر إلى صورة حضارية ونموذج مشرف تسعى الدول إلى تنفيذ هذه التجربة الرائدة في القضاء على العشوائيات وبناء مناطق سكنية حضارية تليق بالمواطن.

فتم الإعلان عن خلو مصر من العشوائيات غير الآمنة بعد الانتهاء من تطوير أكثر من 95% من المناطق الخطرة.

وتم تنفيذ أكثر من 1.4 مليون وحدة ضمن مشروع "سكن كل المصريين"، إضافة إلى أكثر من 300 ألف وحدة بمشروعات "سكن مصر"، "دار مصر"، و"جنة"، كما وفرت الوحدات الفاخرة للمستويات الأعلى، لتلبية الطلب في كل الشرائح.

ووفق تقرير للبنك الدولي، فإن 66% من المستفيدين من الإسكان الاجتماعي هم تحت خط الفقر، و84% دون متوسط الأجور، ما يعكس عمق الأثر الاجتماعي للمشروع.

وشهدت العديد من محافظات الجمهورية فى الفترة الماضية، طفرة هائلة فى ملف تطوير المناطق العشوائية، التى تتبناها الدولة بشكل عام فى كل المحافظات، وظهرت مدينة الأسمرات بمراحلها المختلفة، أول وأهم وأكبر المشروعات لتطوير العشوائيات، التى استوعبت أكثر من 15 ألف أسرة، إضافة إلى منطقة بشائر الخير .

حياة كريمة.. ثورة شاملة في الريف المصري

في إطار المرحلة الأولى من مبادرة "حياة كريمة"، تنفذ وزارة الإسكان المصرية مشروعات في 25 مركزًا بـ10 محافظات، تشمل 741 قرية وتوابعها.

تشمل المشروعات "2710 مشروعًا للصرف الصحي، و900 لمياه الشرب، و3642 مشروعًا للكهرباء والطرق والخدمات"، وتتجاوز تكلفة تلك المشروعات 182 مليار جنيه، وتستهدف تحسين حياة نحو 60 مليون مواطن في الريف المصري.

خرائط جديدة للعمران

عملت الدولة المصرية خلال العقد الماضي على تحديث المخططات الاستراتيجية لمحافظات مثل "الأقصر، مطروح، سوهاج، قنا، وكفر الشيخ"، واعتمدت الأحوزة العمرانية لـ4576 قرية.

كما أعدت خرائط معلوماتية للبنية التحتية والطرق والنقل والموانئ، وخططًا لتطوير النقل السريع (BRT) والنقل غير الآلي (NMT)، ومخططات الهيكلة العمرانية لمدينة القاهرة الكبرى.

اقتصاد صناعي.. الرمال السوداء نموذجًا

من المشروعات التي تعكس تحول مصر إلى اقتصاد صناعي متكامل، مجمع الرمال السوداء في كفر الشيخ، الذي يعمل على تعظيم القيمة المضافة للمعادن المستخرجة، ويوفر آلاف فرص العمل، ويشكّل منصة جديدة للصناعات الدقيقة في مصر.

في الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، لم تقف مصر عند حدود استعادة الدولة من أيدي تنظيم الإخوان الإرهابي، بل مضت نحو بناء دولة حديثة، قوية، عمرانيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

وبين مدن الجيل الرابع، ومدينة رأس الحكمة العالمية، والمشروعات القومية العملاقة، تجسّد الدولة رؤيتها نحو جمهورية جديدة تقودها الإرادة والتخطيط والعمل، لتكون جديرة بثقة شعبها، وقادرة على التنافس في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء.