مع إتمام العام الأول في منصبه، تراجعت شعبية رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في استطلاعات الرأي لدرجة أن بعض نواب حزب العمال بدأوا يتساءلون عمّا إذا كان سيصمد في "داوننيج ستريت" حتى الانتخابات المقبلة.
ووصف تقرير لصحيفة "ذا تليجراف" العام الأول لرئيس الوزراء، والذي شهد تراجعًا كبيرًا في الإصلاحات الاجتماعية، بأنه "كارثي"، مشيرًا إلى أنه "من بين رؤساء الوزراء منذ مارجريت تاتشر، لم يكن سوى جوردون براون صاحب نسبة تأييد صافية أسوأ في نفس المرحلة من رئاسته".
وفي استطلاعات الرأي الحالية، يتجه حزب العمال نحو هزيمة ساحقة، لكن الانقسام في اليمين البريطاني بين حزبي الإصلاح والمحافظين هو ما يُبقي ستارمر في منافسة، ولو طفيفة، مع حزب نايجل فاراج، الذي يتصدر استطلاعات الرأي اليوم.
يكشف استطلاع شامل أجرته وكالة أبحاث السياسات العامة "بابليك فيرست" عن حجم المشكلات التي يواجهها رئيس الوزراء. إذ إن لدى 53% من الناخبين نظرة سلبية جدًا تجاهه، بينما لا ينظر إليه سوى 26% بإيجابية.
قبل عام، قال 47% من الناخبين إنهم يُحبون ستارمر، بينما قال 47% إنهم لا يُحبونه، لكن الآن يُصرّح 62% بأنهم لا يُحبونه، بينما يُصرّح 33% فقط بذلك.
أيضًا قبل عام، وافق 32% من الناخبين على عبارة "لا أُحب حزب العمال أو كير ستارمر"، وبعد عام ارتفعت هذه النسبة إلى 44%.
الأهم من ذلك، أنه قبل عام، اعتبره الناخبون قائدًا جيدًا بنسبة 40% مقابل 29%، أما اليوم فيعتبره 48% قائدًا سيئًا، بينما لا يزال 25% فقط يدعمونه، وبنسبة 53% مقابل 23%، يعتقدون أن أداءه رئيسًا للوزراء كان سيئًا.
تراجع ستارمر
بدأت الأمور تسوء بالنسبة لكير ستارمر بعد أسابيع قليلة من توليه رئاسة الوزراء، ففي أواخر صيف عام 2024، كان يواجه بالفعل مشكلة خطيرة مع الناخبين، ورغم أنه واجه موقفًا صعبًا "إلا أنه اتخذ سلسلة من القرارات التي أبعدته عن الرأي العام، لدرجة أن من صوتوا له قد لا يعودون أبدًا"، حسب "ذا تليجراف".
ويشير التقرير إلى أن أعمال الشغب التي اندلعت في يوليو 2024، عقب مقتل ثلاث فتيات صغيرات في ساوثبورت، شكلت تحديًا مبكرًا لم ينجح ستارمر في مواجهته في البداية، ثم جاءت الأحكام على الجناة لتشعل الغضب أكثر.
أيضًا، كان الضرر الأشد خطورة الذي لحق بسمعة ستارمر هو ووزيرة الخزانة راشيل ريفز، في الوقت نفسه تقريبًا، بالإعلان عن تخفيضات كبيرة في مدفوعات وقود الشتاء للمتقاعدين.
كما كانت أسابيع ستارمر الأولى في السلطة كارثية لدرجة أن شعبيته انخفضت بشكل كبير خلال تلك الفترة، وعلى مؤشر YouGov لتتبع الشعبية، انخفضت درجته الصافية من صفر إلى سالب تسعة (-9) في غضون أسبوعين فقط.
ثم ازدادت الأمور سوءًا، ففي سبتمبر، غرقت الحكومة في أزمة بشأن الإفراج المبكر عن السجناء، واعترفت وزارة العدل بارتكاب بعض المفرج عنهم جرائم خطيرة للغاية، خلافًا لما أُوهم به الجمهور.
وقتها، تلقت شعبية ستارمر ضربة أخرى عندما شكره أحد السجناء المفرج عنهم، في تصريحٍ سيء السمعة، على "امتياز" خروجه المبكر.
فشل كبير
تُعزى شعبية السياسيين إلى تقييم الناخبين لقدرتهم على إحداث تغيير في السياسات، ويلفت التقرير إلى أن فشل حزب المحافظين في سياساته -الخدمات الصحية والهجرة وتكاليف المعيشة- يُفسر حجم هزيمتهم في عام 2024، بينما يُفسر فشل حزب العمال في سياساته سرعة وحجم سقوطه.
عند سؤالهم في استطلاع "بابليك فيرست" عن الوعود التي أحرز ستارمر تقدمًا بشأنها، كانت الإجابة الأكثر شيوعًا هي "لا شيء مما سبق"، إذ اختارها أكثر من 39% من الناخبين، ولم تعتقد سوى أقلية ضئيلة أنه أحرز تقدمًا بشأن أي من الوعود الأخرى الواردة في بيان حزب العمال الانتخابي لعام 2024.
وقال 24% فقط إنه أحرز تقدمًا في خفض أوقات انتظار الخدمات الصحية، وفي قضايا أخرى ذات أهمية مماثلة، قال 8% فقط إن ستارمر أحرز تقدمًا في نظام اللجوء، بينما اعتقد 12% فقط أنه حسّن أمن الحدود.
كما يعتقد 10% فقط أنه أحرز تقدمًا في تغيير البلاد نحو الأفضل، بينما يرى 11% أنه بدأ باستعادة الأمل؛ ويشعر 14% أنه بدأ بإنهاء الفوضى داخل الحكومة.