في أحدث علامة على تراجع نفوذ أكثر القطاعات المثيرة للجدل في الإدارة الأمريكية بعد رحيل مؤسسها، فقدت وزارة كفاءة الحكومة الأمريكية (DOGE) السلطة على التحكم في عملية الحكومة لمنح مليارات الدولارات من الأموال الفيدرالية.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست"، سيطر موظفو كفاءة الحكومة، قبل ثلاثة أشهر، على موقع المنح الفيدرالية الرئيسي grants.gov، الذي يُعدّ مركزًا لتبادل المنح السنوية التي تتجاوز قيمتها 500 مليار دولار.
في السابق، كانت الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك وزارة الدفاع، تنشر فرص التمويل الخاصة بها مباشرةً على الموقع، وكان بإمكان آلاف المنظمات الخارجية الاطلاع عليها والتقدم بطلبات للحصول عليها، وظل ذلك حتى أبريل الماضي، عندما عدّل موظفو وزارة الكفاءة خوارزميات الموقع لمنح أنفسهم صلاحية مراجعة جميع المنح الحكومية والموافقة عليها.
لكن صدرت تعليمات للمسؤولين الفيدراليين، الخميس الماضي، بالتوقف عن توجيه عملية منح المنح عبر وزارة كفاءة الحكومة، وفقًا لرسائل بريد إلكتروني ومصدريْن تحدثا للصحيفة، وذلك في أعقاب مخاوف من تحول التأخيرات إلى حجز غير قانوني للأموال الفيدرالية.
تخفيف الإجراءات
وغادر مؤسس إدارة الكفاءة الحكومية وصاحب فكرتها الملياردير إيلون ماسك الحكومة، الشهر الماضي، على وقع خلاف حاد مع الرئيس دونالد ترامب، انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما دفع مسؤولي الحكومة وكبار الموظفين في مختلف أنحاء الحكومة إلى استعادة السلطة من فريق الملياردير المسؤول عن خفض التكاليف.
ومنذ ذلك الحين، ظل مصير موظفي كفاءة الحكومة غامضًا، إذ استقال بعض كبار المساعدين المقربين من ماسك، بينما انتقل آخرون إلى وظائف حكومية دائمة.
في الوقت نفسه، أصر البيت الأبيض على أن إدارة الكفاءة الحكومية لا تزال تلعب دورًا مهمًا، ويأمل مدير الميزانية راسل فوجت في تولي جهود ماسك لتقليص الإنفاق الفيدرالي، حسبما ذكرت "واشنطن بوست".
لكن في رسالة بريد إلكتروني أُرسلت الخميس الماضي إلى الوكالات الحكومية الأمريكية، جاء: "يسرنا إبلاغ الوكالات بإمكانية استئناف إجراءات (إشعار فرصة التمويل) القياسية على موقع Grants.gov، بدءًا من الآن.. يرجى التنسيق مع قيادة وكالتكم لضمان استكمال جميع المراجعات والموافقات اللازمة من قبل المعينين السياسيين قبل نشر فرصة التمويل الخاصة بكم".
وعلّق البيت الأبيض للصحيفة، في بيانٍ، أن وزارة كفاء الحكومة "ستواصل تسهيل مراجعة المنح، والعمل جنبًا إلى جنب مع أمناء الوكالات لتحديد المنح التي يجب أن تستمر، والتي يجب إنهاؤها، والتي تتطلب مزيدًا من التدقيق".
وجاء في البيان: "لا تزال الضوابط الصارمة قائمة، موظفو كفاءة الحكومة موجودون في كل وكالة، لمساعدة مكاتب الأمناء في مراجعة المنح يوميًا".
وأضاف: "سيواصل أمناء الوكالات وكبار مستشاريها تطبيق الضوابط التي وضعتها وزارة الطاقة والموارد الطبيعية في البداية، والاستفادة منها للحد من الهدر والاحتيال وإساءة الاستخدام، مع الاحتفاظ بكامل السلطة التقديرية للوكالة لتحديد التدفق المناسب للأموال على مستوى المشروعات".
أموال فيدرالية
أشارت "واشنطن بوست" إلى أنه خلال الفترة التي كانت فيها وزارة الكفاءة الحكومية تسيطر على موقع المنح، فشلت إدارة ترامب في أكثر من عشرين فرصة تمويل مخطط لها، ما هدد صرف الأموال الفيدرالية التي خصصها الكونجرس، وفقًا لشخصين مطلعين على النظام.
ويأتي هذا التعطيل في نشر المنح في الوقت الذي تستعد فيه إدارة ترامب لاختبار قانون الميزانية لعام 1974 برفضها إنفاق الأموال التي أقرها الكونجرس على الحكومة.
ونقل التقرير عن مصدرين أن ما لا يقل عن 30 فرصة تمويل تراكمت وظلت راكدة في صندوق البريد الذي تسيطر عليه كفاءة الحكومة.
ومن بين فرص التمويل المتأخرة منحة مخطط لها بقيمة 6 ملايين دولار تركز على دعم العاملين الصحيين الذين يعتنون بالمرضى المصابين بمرض الزهايمر، ومنحة مخطط لها بقيمة 1.6 مليون دولار لدعم رعاية الخرف للأمريكيين الأصليين، وثلاث منح بنحو 7 ملايين دولار من التمويل، لدعم الوقاية من السقوط لدى كبار السن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين فيدراليين حاليين وسابقين أنه إذا لم تُنشر فرص التمويل بسرعة، فسيكون الأوان فات لاختيار الجهات المستفيدة، وستنتهي صلاحية الأموال فعليًا خلال السنة المالية.