تقف إسرائيل أمام واحدة من أكثر المحاكمات إثارة في تاريخها، إذ يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما بين اتهامات بالرشوة وخيانة الأمانة، ومحاولات التوصّل إلى صفقة إقرار بالذنب، وتلميحات إلى عفو رئاسي محتمل.
تهم متعددة
بحسب تقرير موسّع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يواجه نتنياهو ثلاث قضايا جنائية كبرى، هي القضية 1000 "قضية الهدايا" التي تلقّى خلالها نتنياهو وعائلته هدايا بقيمة 700 ألف شيكل من رجلي الأعمال أرنون ميلشان وجيمس باكر، تشمل سيجارًا وشمبانيا ومجوهرات.
والقضية الثانية هي 2000، إذ دار الحديث بين نتنياهو وناشر "يديعوت أحرونوت"، نوني موزيس، حول تحسين التغطية الإعلامية له مقابل تقليص نفوذ صحيفة "إسرائيل اليوم".
والقضية الثالثة هي 4000، التي يُتّهم فيها نتنياهو بمنح مزايا تنظيمية ضخمة لمجموعة "بيزك"، مقابل تغطية إيجابية على موقع "والا"، ما يدرّ أرباحًا تصل 1.8 مليار شيكل.
العار يمنع التسوية
رغم وجود مبادرات سابقة لعقد صفقة إقرار بالذنب، اصطدمت المحاولات بعقبة واحدة وهي شرط "العار"، فنتنياهو يرفض أي صفقة تؤدي إلى وصمة العار السياسي، ما يعني نهاية مسيرته السياسية، بينما ترى النائبة العامة غالي بهاراف-ميارا، أن أي صفقة دون العار تفتقد للمصداقية القانونية ولا يمكن القبول بها.
كما يرفض المدعي العام أميت إسمان، أي اتفاقات إقرار بالذنب، ويؤمن بضرورة النظر في القضايا داخل أروقة المحكمة لا عبر التفاهمات الخلفية.
القضية 1000
تظل القضية 1000 هي الأكثر صلابة من بين القضايا الثلاث، وتحتوي على شقين، تلقي الهدايا الفاخرة، واتخاذ قرارات وزارية لصالح ميلشان، ومنها إرسال المدير العام لوزارة الاتصالات لتقديم استشارات له، وهذه المعطيات تجعل التوصل إلى تسوية دون عار أمرًا شبه مستحيل، خصوصًا وأن العار، حسب المعايير القانونية السابقة، شرط جوهري لمثل هذه الاتفاقات.
كما شهدت القضية 4000 تطورات مفصلية بعد انهيار شهادة الشاهد الرئيسي شلومو فيلبر، ما دفع القضاة إلى إعلان "صعوبات كبيرة" في تهمة الرشوة، وبناء على ذلك، تراجع الادعاء عن السعي لإثبات الرشوة وركّز على تهمة خيانة الأمانة، ومن ثم، طالب دفاع نتنياهو بإسقاط جميع التهم.
وتم اقتراح وساطة جنائية بين الدفاع والادعاء برعاية المحكمة، لكن الادعاء رفض المبادرة باعتبارها محاولة لكسب الوقت، ومع بدء شهادة نتنياهو، ديسمبر الماضي، اعتبرت بهاراف-ميارا أن نافذة الاتفاقات أُغلقت.
هل يُمنَح العفو؟
بحسب مصدر قانوني رفيع نقل عنه موقع Ynet، فإن العفو الرئاسي يبقى الخيار الوحيد المتاح لإنهاء المحاكمة سريعًا، غير أن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج لن يقدم على هذه الخطوة إلا ضمن "رزمة" تشمل اعتراف نتنياهو بتهم مخففة، وصفقة إقرار بالذنب تُجنبه العار، والتنازل عن مشروع الإصلاح القضائي، وإجراء انتخابات مبكرة، وخطوات لرأب الصدع الاجتماعي والسياسي.
وأفادت صحيفة "كيشت نيوز" بأن محامي نتنياهو، أميت حداد، ومحامي شاؤول إلوفيتش التقوا رئيس المحكمة العليا السابق أهارون باراك لبحث وساطة جنائية، لكن اللقاء، الذي استمر نصف ساعة فقط، انتهى دون نتائج بعد إصرار حداد على استمرار نتنياهو في منصبه رغم العار المحتمل.