الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مَن المنتصر؟.. واشنطن وطهران تخوضان معركة الحقيقة

  • مشاركة :
post-title
ترامب وخامنئي

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

احتدم السجال داخل الولايات المتحدة حول نتائج الغارات الجوية الأخيرة على منشآت إيران النووية، وبينما يرفع البيت الأبيض سقف التفاؤل بشأن نجاح الضربات، ترفض طهران الاعتراف بالخسائر وتعلن النصر، وتتجه نحو خطوات تصعيدية قد تُعيد أزمة النووي الإيراني إلى نقطة الصفر، وبين هذا وذلك تجد وسائل الإعلام نفسها في مرمى الاتهام، بين التقدير الاستخباراتي والتصريحات المتضاربة.

مؤتمر البنتاجون

خلال مؤتمر صحفي عُقد في البنتاجون، وجّه وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، انتقادات حادة لوسائل الإعلام، بسبب نشرها تقييمًا أوليًا يفيد بأن البرنامج النووي الإيراني تأخر عدة أشهر، نتيجة الغارات الجوية التي نفذتها القوات الأمريكية على منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية.

وأحجم "هيجسيث" عن تقديم تفاصيل جديدة بشأن تقييمات الاستخبارات حول الأضرار، مُكتفيًا بالتشكيك في دقة المعلومات المسربة، واعتبر أن نشرها "تصرف غير مسؤول يستند إلى معلومات أولية ضعيفة المصداقية".

كما تهرّب هيجسيث من الإجابة على أسئلة الصحفيين حول ما إذا كانت إيران نقلت مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب قُبيل الضربات، مكتفيًا بالقول: "نحن نراقب كل جانب بعناية"، ووجّه انتقادات شخصية لأحد المراسلين، متهمًا إياه بـ"تشويه تصريحات الرئيس عمدًا".

ترامب يهاجم الصحافة

لم يتأخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إبداء رأيه، إذ وصف عبر منشور على منصة "تروث سوشيال"، المؤتمر الصحفي بأنه "أحد أعظم المؤتمرات وأكثرها احترافية وتأكيدًا"، مردفًا ذلك بهجوم على الإعلام الأمريكي، قائلًا: "الأخبار الكاذبة يجب أن تطرد كل من شارك في هذه الحملة الشرسة، وتعتذر لمحاربينا العظماء".

وتباينت التقييمات داخل الدوائر الأمريكية بشأن فاعلية الضربات، ففي حين اعتبرت وكالة المخابرات المركزية "CIA" أن البرنامج النووي الإيراني تضرر بشدة، نقل تقييم أوليّ لوكالة استخبارات الدفاع تم تسريبه، أن البرنامج تأخر عدة أشهر فقط، وهو ما يقل عن التقديرات التي روج لها ترامب ومسؤولون آخرون.

وخلال المؤتمر، قال الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، إن تقييم الأضرار لا يزال قيد الدراسة، مضيفًا أن وصف المنشآت بأنها "مدمّرة" مسألة يجب أن تُحال إلى أجهزة الاستخبارات.

الرد الإيراني

على الجانب الآخر، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي عن صمته، بعد أسبوع من الهجمات، وصرّح في خطاب متلفز بأن بلاده حققت النصر ووجهت صفعة على وجه أمريكا.

وأكد خامنئي أن "الولايات المتحدة لم تربح شيئًا من هذه الحرب"، معتبرًا أن تدخلها العسكري جاء لأن إسرائيل كانت ستُدمّر تمامًا لولا الدعم الأمريكي.

وفي خطوة وصفت بأنها تصعيدية وخطيرة، صوّت البرلمان الإيراني بأغلبية ساحقة على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما سيعقّد قدرة المجتمع الدولي على مراقبة أنشطة إيران النووية.

وأكد مجلس صيانة الدستور، الهيئة المعنية بمراجعة القوانين، موافقته على هذا القرار، فيما أعلن رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، أن البرنامج النووي الإيراني السلمي سيستمر بوتيرة أسرع.

تحذير من كارثة

من جهته، حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، من أن الضربات على المنشآت النووية الإيرانية قد تؤدي إلى "خطر إشعاعي حقيقي"، مؤكدًا أن "التفتيش في مواقع قصفت أخيرًا لا يشبه أي عملية تفتيش تقليدية".

وشدد "جروسي" على أن "أولوية الوكالة رقم 1" الوصول إلى هذه المنشآت المتضررة، مشيرًا إلى أن أنقاض القصف تحتوي على ذخائر غير منفجرة، ما يعرّض المفتشين لخطر جسيم.

مع تعاظم الغضب داخل إيران، ظهرت دعوات داخل طهران للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، رضا بقائي، إن طهران "لن تلتزم باتفاق يُجردها من حقوقها"، مطالبًا بـ"الحق الكامل في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية".

ورأى "جروسي" أن أي انسحاب إيراني من المعاهدة سيقود إلى مزيد من العزلة، محذرًا من المشكلات التي ستنجم عن ذلك.

استطلاعات رأي

وبحسب استطلاع أجرته "NBC News Decision Desk"، فإن نسبة كبيرة من الأمريكيين باتت تُعارض الضربات ضد إيران، في وقت يحاول فيه الرئيس ترامب تحويل الأنظار إلى الداخل عبر الترويج لمشروع قانون جمهوري واسع للسياسات الداخلية، لا يحظى بدعم شعبي واسع وفق الاستطلاعات نفسها.

وسط هذا التصعيد، أجرى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اتصالًا هاتفيًا بنظيره المصري عبدالفتاح السيسي، معلنًا أن طهران مستعدة لتعزيز الأمن الإقليمي، كما دعا إلى "منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل".