في الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منتشيًا بالضربة الجوية على المنشآت الإيرانية، كان المزاج العام داخل البيت الأبيض أقل تفاؤلًا، بعد ان استعد المسؤولون لهجوم مضاد محتمل من إيران، بحسب "بوليتيكو".
وقد أدى قرار قيام قاذفات أمريكية من طراز بي-2 بمهاجمة إيران، إلى دفع الولايات المتحدة إلى صراع آخر في الشرق الأوسط، رغم وعود ترامب ونائب الرئيس جيه دي فانس منذ فترة طويلة بتجنبه، وبناء عليه ساد القلق الإدارة الأمريكية، إذ قال مسؤول مطلع على النقاشات داخلها: "هناك مخاطر كبيرة للتصعيد، وإذا وقع حادثٌ يسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا الأمريكيين نتيجةً للرد الإيراني، فسيزداد الضغط على الولايات المتحدة للتدخل أكثر".
مخاطر كبيرة للتصعيد
وأضاف المسؤول أن وزير الدفاع بيت هيجسيث "سيشعر بالضغط وسيثبت بطريقة ما أن الضربات ناجحة كما ادعى ترامب"، قائلًا إن البنتاجون قدّر هذا العام أن الجيش الأمريكي سيحتاج إلى القيام بضربات متواصلة لمدة 30 يومًا لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، بسبب عمقها تحت الأرض وتخطيطها المنتشر.
كذلك أضاف مسؤول في الإدارة الأمريكية، لم يكشف عن هويته لصحيفة "بوليتيكو": "لا نعلم إلى أي مدى سيُطيل هذا الأمر أمد الأزمة، ونريد التخلص من القدرة النووية والتركيز على المفاوضات".
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن ترامب أصبح خلال الأيام القليلة الماضية مقتنعًا بشكل متزايد بأنه لديه فرصة نادرة للقضاء على القدرة النووية لطهران بأقل قدر من المخاطر على الأفراد الأمريكيين.
كانت خطط الهجوم، التي اعتبرها ترامب "ناجحة للغاية" بعد وقت قصير من اكتمالها، قيد الإعداد بالفعل عندما قال الرئيس إنه سيقرر "في غضون أسبوعين" ما إذا كان سينضم إلى إسرائيل في جهودها لتدمير المواقع النووية لطهران، وفقًا لمسؤول ثانٍ في الإدارة وشخص مقرب من البيت الأبيض، وأضاف المسؤول نفسه أن "ترامب نظر إلى حزم الضربات المختلفة واختار حزمة محددة ومصممة خصيصًا له".
معارضة الأمريكيين
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أشار مسؤول كبير في البيت الأبيض إلى أن الضربة التي لا تضع قوات على الأرض أو تعرّض حياة الأمريكيين للخطر بشكل مباشر، لن تتعارض مع تعهد الرئيس بتجنب أنواع الحروب الطويلة والمكلفة التي لاحقت الإدارات السابقة، "والتي هي نوع من التوجهات الرئيسية للأشياء التي يعارضها غالبية الأمريكيين في الأمد المتوسط إلى الطويل".
في خطابٍ موجزٍ ألقاه أمس السبت، بدا ترامب وكأنه يُلمّح إلى أن الضربات الأمريكية على إيران قد انتهت، في الوقت الحالي، وشكر أفراد القوات الأمريكية الذين نفّذوا الضربات، مؤكدًا أمله في أن خدماتهم لن تكون هناك حاجةٌ إليها بعد الآن.
في الوقت نفسه، حثّ الرئيس طهران على صنع السلام، محذرًا من أنه إذا لم تفعل ذلك، فإن إيران ستواجه مأساة "أكبر بكثير" مما شهدته خلال الأيام الثمانية الماضية، حيث ضربت إسرائيل منشآت عسكرية ونووية في جميع أنحاء البلاد.
رهان على الضعف الأمريكي
يعتمد الكثير الآن على كيفية رد إيران على الهجوم، وهناك أكثر من 40 ألف جندي أمريكي ومدني من وزارة الدفاع متمركزين في الشرق الأوسط، وقد يكونون هدفًا للاستهداف إذا قررت طهران الرد.
لدى الإدارة ثقة متزايدة بأن إيران وشبكة وكلائها في المنطقة أصبحت أضعف بما يكفي بفعل العمل العسكري الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة، ما سيُحد من قدرة طهران على الرد وإشعال حرب أوسع، وصرّح مسؤول أمريكي بأنه "احتمال واقعي" أن تستسلم إيران بعد الضربات الأمريكية أو تردّ بشكل محدود يفسح المجال لمسار دبلوماسي مؤقت.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن البيت الأبيض أبلغ قيادات الكونجرس من الجمهوريين والديمقراطيين مسبقًا بالتفجيرات في إيران، لكن الديمقراطيين، بمن فيهم كبار أعضاء لجنتي الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ، ردّوا قائلين إنهم لم يتلقوا إحاطة قبل الضربات.
وقال النائب جيم هايمز (ديمقراطي من ولاية كونيتيكت)، وهو أبرز الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، على موقع" إكس": "وفقًا للدستور الذي أقسمنا على الدفاع عنه، فإن اهتمامي بهذه المسألة يأتي قبل سقوط القنابل".
وعلى الرغم من أن قرار ترامب بضرب المواقع النووية الإيرانية اتُّخذ خلال الأسبوع الماضي، فإن إصراره على منع إيران من تطوير سلاح نووي كان ركيزةً أساسيةً في تفكيره في السياسة الخارجية لسنواتٍ عديدة، وقال ترامب في تصريحاته أمس السبت: "لقد قررتُ منذ زمنٍ طويل أنني لن أسمح بحدوث هذا، ولن يستمر".