رغم محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق، والمرشح الجمهوري الأقرب لانتخابات 2024، دونالد ترامب، في مؤتمره الانتخابي في بنسلفانيا، إلا أن الأخير قابل الأمر بعنادٍ كبيرٍ، وأعلن التوجه إلى مدينة "ميلووكي" التي تستضيف مؤتمر الحزب الجمهوري، الذي سيعلنه مرشحًا للانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، وذلك بعد يوم واحد فقط من نجاته.
وكتب الرئيس السابق على منصته الاجتماعية: "بسبب الأحداث الرهيبة بالأمس، كنت قررت أن أؤخر رحلتي إلى ميلووكي ليومين. لكنني لن أدع قناصًا أو قاتلًا يفرض عليّ تغيير البرنامج الزمني"، وفقًا لما ذكرته "فرانس برس".
وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي، وكالة الاستخبارات الرئيسية لتأمين المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي، إنه لم ير أي "تهديدات محددة ومفصلة" معروفة ضد المؤتمر أو أي شخص يحضر الحدث.
بينما قالت الخدمة السرية، خلال مؤتمر صحفي في الولاية، إنها لن تعلق على محاولة الاغتيال وستحيل جميع الأسئلة إلى مقرها في واشنطن، وأكدوا مرارًا وتكرارًا أنه لن يتم إجراء أي تغييرات على الخطة الأمنية الخاصة بالحدث.
لكن، يثير إطلاق النار الذي أصيب فيه ترامب، ومشهد عملاء الخدمة السرية وهم يخرجونه من المسرح، بينما كان الدم ينزف على وجهه، تساؤلات جديدة حول "وكالة تحظى بالاحترام لدورها في حماية حياة الرؤساء الأمريكيين، لكنها عانت لسنوات من ضغوط شديدة، وسط نقص في الموظفين، وثغرات أمنية متكررة"، حسب صحيفة "واشنطن بوست".
مع هذا، رفضت الخدمة السرية مزاعم أطلقها بعض الجمهوريين بعد إطلاق النار، بأن ترامب، أو حرسه الشخصي، طلبوا المزيد من الحماية وتم رفض ذلك.
وقال متحدث باسم الوكالة إن عملاء إضافيين أضيفوا إلى حراس ترامب، وبايدن، ونائبة الرئيس، كمالا هاريس، مع زيادة وتيرة حملاتهم في الشهرين الماضيين.
لن نترك حجرًا
على خلفية محاولة الاغتيال، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، إن السلطات "لن تدخر جهدًا" في تحقيقاتها في محاولة اغتيال الرئيس السابق؛ وفي اتصال مع الصحفيين، أمس الأحد، وصف إطلاق النار بأنه "هجوم على الديمقراطية".
وقال "راي" أن محاولة اغتيال مرشح رئاسي "لا يمكن وصفها إلا بأنها حقيرة تمامًا ولن يتم التسامح معها في هذا البلد"، لافتًا إلى أنهم "لن يتركوا حجرًا على حجر"، كما نقلت وكالة "أسوشيتد برس".
بينما أشار نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، بول أباتي، إلى أن الخطاب التهديدي عبر الإنترنت "تزايد" منذ محاولة اغتيال ترامب، لافتًا إلى أن "الناس يذهبون إلى الإنترنت ليتظاهروا بأنهم "مطلق النار"، الذي قتلته أجهزة الخدمة السرية الأمريكية".
ويقول "أباتي" إن مكتب التحقيقات الفيدرالي "على دراية بالنشاط المتزايد" ويراقبونه عن كثبٍ.
لكن في الواقع، لم يتمكن مكتب التحقيقات الفيدرالي -حتى الآن- من تحديد أي كتابات تهديدية أو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مطلق النار في تجمع ترامب في بنسلفانيا؛ وأشار مسؤولون في المكتب إلى أنهم يعتقدون أن مطلق النار "تصرف بمفرده"، كما أشارت صحيفة "نيوزويك".
ولم يتم التعرف بعد على أيديولوجية منفذ الهجوم، لكنهم يبحثون في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي والأسلحة التي استخدمها. فقط عثروا على جهاز مشبوه وقاموا بتفكيكه، وتلقوا أكثر من 2000 بلاغ متنوع بشأن هذا، وفق "أسوشيتد برس".
ويقول المكتب الفيدرالي إن مطلق النار "لم يكن على رادار مكتب التحقيقات الفيدرالي من قبل".
ويعرّف مكتب التحقيقات الفيدرالي الإرهاب المحلي بأنه الأفعال التي ترتكب داخل الولايات المتحدة؛ بهدف ترهيب المدنيين أو إكراههم أو التأثير على سياسة الحكومة.
تساؤلات حول الخدمة السرية
لأكثر من نصف قرن، منذ اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي، كان بروتوكول الخدمة السرية في الولايات المتحدة، هو مسح وتأمين جميع المباني القريبة، لمنع أي شخص مسلح من الوصول إلى الرئيس، أو أي شخص آخر تحت حماية الوكالة.
والآن، أصبحت تصرفات جهاز الخدمة السرية والثغرات المحتملة في شبكته الوقائية تحت التدقيق المكثف، حيث دعا المشرعون من كلا الحزبين مديرة الجهاز، كيمبرلي شيتل، إلى تحمل المسؤولية، كما أعرب مسؤولون وخبراء إنفاذ القانون عن صدمتهم إزاء ما قاله كثيرون بأنه "أسوأ انهيار لجهاز الخدمة السرية منذ محاولة اغتيال الرئيس رونالد ريجان في عام 1981"، وفق صحيفة "واشنطن بوست".
وكتب النائب جيمس كومر -جمهوري من كنتاكي- رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، إلى "شيتل" في رسالة يطلب منها الإدلاء بشهادتها في وقت لاحق من هذا الشهر: "هناك العديد من الأسئلة والأمريكيون يطالبون بالإجابات".
ودعا جو هاجين، الذي عمل بشكل وثيق مع جهاز الخدمة السرية بصفته مسؤولًا كبيرًا في البيت الأبيض في إدارتي ترامب وجورج دبليو بوش، إلى مراجعة شاملة لكيفية حدوث ذلك.
وقال هاجين: "من أجل مصلحة جميع المحميين، بدءًا من الرئيس وحتى أدنى مستوى، نحتاج إلى إجراء تحقيق شامل وعادل من قبل أشخاص يعرفون ما يتحدثون عنه".
ودفاعًا عن وكالته، أكد المتحدث باسم جهاز الخدمة السرية، أنتوني جوجليلمي، الأحد، أن الوكالة "اعتمدت على الشرطة المحلية في تجمع ترامب لاستكمال أجزاء كبيرة من مجموعتها النموذجية من وحدات الحماية المتخصصة، بما في ذلك فريق الهجوم المضاد المدجج بالسلاح الذي قدم الغطاء، بينما كان العملاء يقومون بإجلاء ترامب، وفرق القناصة المضادة التي رصدت مطلق النار وقتلته في النهاية".
وقال جوجليلمي إن الخدمة السرية أرسلت اثنين من وكلائها لمكافحة الهجوم إلى مكان الحادث، كما قامت بتجهيز بقية الفصيلة بما لا يقل عن ستة أفراد من وحدات مقاطعة بتلر التكتيكية.
وأضاف، في تصريحات لـ "واشنطن بوست"، أن فريقين لمكافحة القناصة تابعين للخدمة السرية، كانا في مكان الحادث "لكن الفريقين الإضافيين اللذين تمت التوصية بهما لتوفير الحماية الكافية في التجمع كانا يعملان بواسطة وحدات محلية".