بالنسبة للإسرائيليين، طالما اكتسبت محطة الحافلات المركزية في جنوب تل أبيب ألقابًا كثيرة ساخرة. لكن هذه الأيام، عقب القصف الإيراني المتواصل، أُعيد فتح أحد أكبر أسرار المبنى أبوابه الحمراء الثقيلة بعد قرابة ثلاثة عقود، ليكشف عن ملجأ ضخم تحت الأرض، كان مغلقًا منذ زمن طويل وشبه منسي.
حسب تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، يتسع الملجأ لما يصل إلى 16,000 شخص، وهو أحد أكبر الملاجئ في البلاد، في محاولة لحل مشكلات الملاجئ التي لا تكفي العدد الأغلب من سكان دولة الاحتلال.
يشير التقرير إلى أنه "في الأحياء الإسرائيلية الأكثر ثراءً، يستطيع السكان الاحتماء في منازلهم في غرف مُحصّنة، وهو أمرٌ أصبح الآن معيارًا في جميع المباني الجديدة عند انطلاق صفارات الإنذار مُشيرةً إلى وابلٍ من الصواريخ. أما في جنوب تل أبيب، حيث يعود تاريخ معظم المساكن إلى ما قبل عام 1993، فإن العديد من السكان لا يجدون مأوىً على الإطلاق".
أزمة الملاجئ
وفقًا لجمعية البنائين الإسرائيليين، فإن 56% من المنازل في جميع أنحاء دولة الاحتلال غير مجهزة بملاجئ مناسبة. ويرتفع هذا العدد بشكل حاد في الأحياء القديمة والفقيرة.
وبالنسبة لسكان الاحتلال، تُعد الملاجئ المشتركة في الأقبية والمخابئ العامة، المعروفة باسم "الميكلاتيم"، خيارًا آمنًا آخر، لكن العديد منها إما مقفل أو غير صالح للاستخدام أو يصعب الوصول إليه في منتصف الليل. كما أن ما يقرب من نصف الملاجئ العامة في إسرائيل، والبالغ عددها 12,000، في حالة سيئة أو غير صالحة للاستخدام تمامًا.
وحسب التقرير، فإن الوضع في المدن العربية والقرى الفلسطينية أسوأ. فوفقًا لتقرير حديث صادر عن معهد الديمقراطية الإسرائيلي، يفتقر حوالي 120 ألف شخص إلى الملاجئ.
ومن بين 24 إسرائيلي قُتلوا حتى الآن في الهجمات الإيرانية (وفق الأرقام المعلنة) لم تكن الغالبية العظمى منهم في ملاجئ.
وتلفت الصحيفة العبرية إلى أنه "في هذا السياق، يُعدّ الافتتاح المفاجئ للمعقل الجوفي لمحطة الحافلات المركزية أمرًا مُرحّبًا به ومُقلقًا في آنٍ واحد".
وتوضح: "مُرحّب به، لأن عشرات الآلاف من سكان حيّي "نفيه شأنان" و"شابيرا"، بمن فيهم عدد كبير من العمال الأجانب وطالبي اللجوء (الذين يرفض الصهاينة أن يشاركوهم الملاجئ) ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه أثناء صفارات الإنذار. ومُقلق أيضًا، لأن نقطة الوصول الوحيدة هي شارع تسيماح داوود، أقصى أطراف المجمع من حيث يسكن الأغلبية".
مأوى مُهمل
بينما يفترض معظم الناس أن محطة الحافلات المركزية في مدينة كبرى ستكون مملوكة للدولة، إلا أن محطة الحافلات المركزية في تل أبيب كانت دائمًا في أيدي القطاع الخاص.
في ستينيات القرن الماضي، طُلب من رائد الأعمال العقاري آري بيلتز إنشاء بديل للمحطة الحالية المزدحمة والمتداعية. لكن محطة الحافلات المركزية الجديدة واجهت العديد من النكسات منذ البداية. وبحلول وقت افتتاحه عام 1993 -أي بعد 30 عامًا من الموعد المحدد- كان المشروع يُعتبر فاشلًا بالفعل.
في الواقع، ما كان من المفترض أن يكون مركزًا للنقل أصبح مبنى تجاري مترامي الأطراف. وتشير "هآرتس" إلى أنه لسنوات "أصبحت المحطة نقطة جذب لتعاطي المخدرات والاتجار بالجنس وغيرها من الأنشطة غير المشروعة، بينما تجاهلت جهات إنفاذ القانون المشكلة إلى حد كبير".
وتلفت الصحيفة العبرية إلى أنه "عند النزول إلى درج المحطة القديمة، يؤدي الممر الطويل المُعتم إلى باب معدني سميك، مطلي باللون الأحمر للطوارئ، ويُعتقد أنه "ثقيل بما يكفي لتحمل الانفجار". خلفه تقع أنفاق خرسانية، ومراوح صناعية، وبراميل مياه، وهناك شائعات عن شبكة كهرباء احتياطية، وإن لم تكن ظاهرة للعيان".
وحتى هذا الأسبوع، كان الملجأ مغلقًا، مغمورًا بالمياه، ومهملاً. اليوم، الوضع ليس أفضل حالًا "فرغم تصريف أسوأ المياه، لا تزال هناك برك كبيرة. الإضاءة تعمل، لا توجد حمامات أو مقاعد مريحة، ولا لافتات واضحة لإرشاد الناس في حالات الطوارئ".
ويُعيد التقرير الحالة السيئة للمبنى إلى أن الشركة القائمة على تطوير المحطة تتركه غارقا في الإهمال من أجل دفع المستأجرين للمحلات الموجودة إلى تركه "ومن المعروف أنهم يستخدمون أساليب الترهيب لطرد أصحاب المتاجر القلائل المتبقين الذين يرفضون المغادرة".