الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كيف تحركت المواقف الدولية تجاه الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟

  • مشاركة :
post-title
علما إسرائيل وإيران

القاهرة الإخبارية - ساجدة السيد

في لحظة فارقة من مسار الصراع في الشرق الأوسط، شهدت المنطقة تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق، عقب تنفيذ إسرائيل هجومًا جويًا واسع النطاق فجر الجمعة 13 يونيو 2025، استهدف مواقع حساسة داخل الأراضي الإيرانية، ضمن عملية أُطلق عليها اسم "الأسد الصاعد"، استهدفت قيادات بارزة في الحرس الثوري الإيراني.

لم يكن الهجوم لافتًا فقط في حجمه ونطاقه، بل في توقيته بالغ الحساسية، إذ جاء في ظل تحركات دبلوماسية مكثفة ومفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، ومساعٍ دولية لاحتواء حالة التوتر المتصاعدة. 

وتتابعت ردود الفعل الإقليمية والدولية بصورة متسارعة، تراوحت بين الإدانة الحادة والدعوات إلى التهدئة، وصولًا إلى مواقف غامضة تعكس توازنات دقيقة وحسابات استراتيجية متشابكة.

تأسيسًا على ما تقدَم، يسعى التحليل للإجابة عن سؤال: كيف تحركت المواقف الدولية تجاه الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟

المواقف الدولية

تجلّت أبرز المواقف الدولية على الحرب الإسرائيلية الإيرانية، فيما يلي:

(*) الأمم المتحدة: في بيان صدر فجر الجمعة 13 يونيو 2025، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن قلقه البالغ إزاء تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، داعيًا الطرفين إلى أقصى درجات ضبط النفس، كما حذَّر من أن التصعيد يأتي في وقت حساس تشهده المحادثات بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي.

ويعكس الموقف الأممي إصرار منظمة الأمم المتحدة على الدفع نحو خفض التوتر، وحرصها على تجنب المنطقة صراعًا واسعًا، في ظل عجز مجلس الأمن عن اتخاذ إجراءات حاسمة بسبب الانقسامات الدولية.

(*) الولايات المتحدة الأمريكية: في تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقناة "فوكس نيوز"، يوم الجمعة 13 يونيو 2025، أكد أنه تم إبلاغه مسبقًا بالضربة الإسرائيلية، مجدِدًا رفضه القاطع لامتلاك إيران سلاحًا نوويًا، وأضاف ترامب: "نأمل أن نعود إلى طاولة المفاوضات، وسنرى"، وعلى الرغم من غياب موقف رسمي أمريكي يدين الهجوم، فإن الصمت الأمريكي يعكس دعمًا ضمنيًا لإسرائيل، ويؤشر على تنسيق وثيق بين الحليفين في الملفات الأمنية الحساسة، إلا أن حرص ترامب على إبقاء باب التفاوض مفتوحًا يبرز تردد الإدارة الأمريكية في الانخراط المباشر في نزاع إقليمي واسع.

(*) الصين: في بيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية، الجمعة 13 يونيو 2025، أعربت بكين عن قلقها البالغ من تداعيات الضربة الإسرائيلية على إيران، مؤكدة رفضها التام لأي انتهاك للسيادة الإيرانية، ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس والعمل من أجل السلام والاستقرار، مشيرة إلى استعدادها للعب دور بناء في احتواء التصعيد.

ويعكس الموقف الصيني رغبة بكين في تعزيز مكانتها كوسيط دولي، والحفاظ على استقرار إمدادات الطاقة من الخليج، لا سيما في ظل شراكاتها الإستراتيجية مع إيران ودول المنطقة.

(*) روسيا: عبّرت موسكو على لسان وزارة خارجيتها، الجمعة 13 يونيو 2025، عن إدانة شديدة للهجمات الإسرائيلية على إيران، ووصفتها بأنها "غير مقبولة وغير مبررة" وتشكِّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأكدت أن التصعيد الإسرائيلي يهدد بزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط بأسرها.

ويأتي الموقف الروسي انسجامًا مع تحالفها مع طهران وتعارضها مع السياسات الغربية في المنطقة، كما يعكس سعي موسكو لتوسيع نفوذها الدبلوماسي في سياق التنافس الدولي على ملفات الطاقة والأمن.

(*) اليابان: أعرب وزير الخارجية الياباني تاكيشي إيوايا، الجمعة 13 يونيو 2025، عن إدانته الشديدة للهجوم الإسرائيلي، مؤكدًا أن "استخدام الوسائل العسكرية أمر مؤسف للغاية وسيزيد الوضع تعقيدًا".

ويظهر الموقف الياباني تمسك طوكيو بالحلول السلمية والنأي عن سياسات المحاور، في وقت تسعى فيه للحفاظ على علاقات متوازنة مع طهران وواشنطن من جهة، وضمان استقرار إمدادات النفط من الخليج من جهة أخرى.

(*) أستراليا: عبّرت وزيرة خارجية أستراليا بيني وونج، في تصريحات للصحفيين الجمعة 13 يونيو 2025، عن انزعاج بلادها من التصعيد، ودعت جميع الأطراف إلى "الإحجام عن أي أعمال أو لغة من شأنها أن تفاقم حدة التوتر"، كما أعربت عن قلقها من برنامج إيران النووي وضرورة إعطاء الأولوية للدبلوماسية.

ويعكس الموقف الأسترالي توجهًا غربيًا عامًا نحو تخفيف التوتر دون انخراط مباشر، مع الحرص على أمن الشركاء وحلفاء الناتو في الشرق الأوسط.

(*) إندونيسيا: في بيان صدر عن وزارة الخارجية الإندونيسية، الجمعة 13 يونيو 2025، نددت جاكرتا بشدة بالهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتبرت أنه "يفاقم التوترات الإقليمية القائمة بالفعل وقد يشعل صراعًا أوسع نطاقًا"، ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب الخطوات التي من شأنها تهديد الاستقرار الدولي.

الموقف الإندونيسي يأتي ضمن خط دبلوماسي ثابت تتبعه جاكرتا في دعم القضايا الإسلامية، لاسيما تلك المرتبطة بإيران وفلسطين.

المواقف الإقليمية

برزت في المحيط الإقليمي مواقف لافتة اتجاه الحرب الإسرائيلية الإيرانية، أبرزها:

(*) مصر: في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية الجمعة 13 يونيو 2025، أدانت القاهرة الهجمات العسكرية الإسرائيلية على إيران، ووصفتها بأنها تصعيد إقليمي خطير وانتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة، وأعربت مصر عن قلقها البالغ من تداعيات الحادث، محذِّرة من خطر انزلاق المنطقة إلى فوضى شاملة، كما أكدت القاهرة تمسكها بالحلول السياسية السلمية ورفضها لغطرسة القوة.

ويعكس هذا الموقف تقليدًا دبلوماسيًا مصريًا ثابتًا يقوم على الدفاع عن القانون الدولي، وتفادي الانزلاق في محاور إقليمية قد تهدد مصالحها الاستراتيجية.

(*) المملكة العربية السعودية: أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا يوم الجمعة 13 يونيو 2025 يدين الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على إيران، معتبرة إياها انتهاكًا لسيادة دولة شقيقة وخرقًا صارخًا للقانون الدولي، وشدد البيان على ضرورة تحرك مجلس الأمن والمجتمع الدولي لوقف العدوان فورًا. 

ويعكس هذا الموقف استمرارية التوجه السعودي نحو خفض التصعيد في المنطقة منذ اتفاق التقارب مع طهران، كما يبرز حرص المملكة على إبقاء النزاعات ضمن حدود الدبلوماسية لتفادي تهديد الأمن الإقليمي.

(*) سوريا: التزمت دمشق الصمت الرسمي رغم أن سماءها شهدت تحليقًا مكثفًا للطائرات المُسيَّرة، واعتراضًا من الجيش الإسرائيلي لمُسيَّرات إيرانية عبرت أجواءها.

وغياب البيان السوري عن حدث بهذا الحجم ليس اعتباطيًا، بل يُعبر عن موقف محسوب، فالنظام السوري يجد نفسه في وضع معقد، فهو من جهة حليف وثيق لطهران، ومن جهة أخرى يدرك أن أي انخراط مباشر في التصعيد قد يعرضه لهجمات إسرائيلية أوسع.

الصمت السوري يحمل في طياته إشارة إلى الرغبة في تجنّب التصعيد المفتوح، وربما ترك مساحة لطهران لتحديد شكل الرد دون أن يربك الحسابات العسكرية داخل الساحة السورية، التي لا تزال تحت ضغط الضربات الإسرائيلية المتكررة.

(*) تركيا: في بيان رسمي، أدانت وزارة الخارجية التركية الهجوم الإسرائيلي، مطالبة بوقف فوري للأعمال العدوانية التي قد تؤدي إلى اندلاع حرب شاملة، وقالت أنقرة إن هذا الهجوم دليل على رفض إسرائيل للحلول الدبلوماسية. 

ويعكس الموقف التركي استمرار معارضتها للتوجهات العسكرية الإسرائيلية، ويؤكد دورها كمنافس إقليمي يسعى لتوسيع نفوذه من خلال الوساطة والتصعيد الكلامي في آن واحد.

(*) سلطنة عُمان: في بيان رسمي صدر الجمعة 13 يونيو 2025، أدانت سلطنة عُمان الغارات الإسرائيلية ووصفتها بـ"التصعيد الخطير" الذي يهدد بتقويض الجهود الدبلوماسية بين طهران وواشنطن. 

وأكدت مسقط، التي تقوم بدور وساطة بين الجانبين، أن هذا التصعيد يقوِّض الأمن والاستقرار الإقليمي، ويشير موقف سلطنة عُمان إلى خشيتها من إفشال دورها كوسيط محايد، وحرصها على تجنيب الخليج مزيدًا من التوترات العسكرية.

(*) قطر: أدانت وزارة الخارجية القطرية، الجمعة، الضربات الإسرائيلية واعتبرتها "تصعيدًا خطيرًا يعطل جهود خفض التصعيد"، كما أعربت الدوحة عن قلقها إزاء السياسات الإسرائيلية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.

ويُبرِز موقف قطر تخوفها من تدهور إضافي قد ينعكس سلبًا على دورها كوسيط نشط في ملفات غزة وإيران، كما يعكس تمسكها بالدور الدبلوماسي لتفادي الانفجار الإقليمي.

(*) الأردن: أدان الأردن على لسان وزير خارجيته الهجوم الإسرائيلي واعتبره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، كما أعلن الجيش الأردني اعتراضه لصواريخ ومُسيَّرات دخلت مجاله الجوي خلال التصعيد. 

ويعكس هذا الموقف خشية عَمَان من تداعيات أمنية مباشرة على أراضيها، كما يعكس رغبة أردنية في منع توسع نطاق الحرب باتجاه الجوار العربي.

ختامًا، تكشف مواقف الدول سواء الإقليمية أو الدولية عن إدراك جماعي لخطر الانزلاق نحو صراع شامل لا يمكن احتواؤه، فرغم تنوع اللهجات وتباين درجات الإدانة إلا أن القاسم المشترك بين معظم البيانات كان التأكيد على أن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران يُهدد استقرار الإقليم، ويقوّض ما تبقى من فرص الحلول السلمية. فالواقع يشير إلى أن المنطقة باتت أمام مفترق حرج، إذ إن الكلمة العليا الآن تُصاغ بلغة الصواريخ لا البيانات، حتى باتت المنطقة عالقة في لحظة انفجار محتمل لا يمكن التنبؤ بحدوده ولا بمآلاته.