يرى مختصون في الشؤون الإقليمية أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على إيران تهدف إلى أكثر من مجرد تدمير البرنامج النووي الإيراني، وهو إسقاط النظام في طهران بالكامل.
وبحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، تثير العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق تساؤلات حول إمكانية تحقيق "تغيير النظام" في إيران.
الهدف الحقيقي
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تصريحاته حول الضربات المبكرة اليوم الجمعة، أن العملية ضد إيران "ستستمر لأكبر عدد من الأيام اللازمة لإزالة هذا التهديد"، دون أن يحصر تعريف التهديد في البرنامج النووي الإيراني فحسب.
وأوضحت "بوليتيكو" أن الحكومة الإسرائيلية ترى النظام الإيراني نفسه، وليس مجرد بنيته التحتية النووية والعسكرية، كالخطر الأساسي، نظرًا لتهديدات القادة الإيرانيين المتكررة بإبادة إسرائيل.
وشنّت إسرائيل هجومًا جويًا غير مسبوق على إيران فجر اليوم، باستخدام 200 طائرة مقاتلة أسقطت 330 ذخيرة متنوعة على أكثر من 100 هدف في جميع أنحاء إيران، وفقًا لما ذكرته المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إيفي ديفرين.
وشاركت في الغارات طائرات مقاتلات أمريكية الصنع من طراز إف-35 وإف-15 وإف-16، حسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية.
تغيير النظام الإيراني
ولفتت "بوليتيكو" إلى أن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين من كلا الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) لم يستبعدوا احتمالية أن يكون الهدف الإسرائيلي الحقيقي هو تغيير النظام في إيران.
وعلق أحد المسؤولين الأمريكيين السابقين الذين تعاملوا مع قضايا الشرق الأوسط خلال إدارة بايدن قائلاً: "لماذا لا؟ بالطبع، ألن يكون ذلك رائعًا؟".
وأكد بهنام بن طالبلو، المحلل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن الضربات الإسرائيلية تجاوزت مجرد استهداف البنية التحتية وطالت القيادة والسيطرة الإيرانية، ما يعني أن العملية لا يمكن تعريفها فقط كجهود لمنع الانتشار النووي.
وأسفرت الضربات عن مقتل قادة كبار وعلماء على رأسهم القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي، بجانب وفاة العالمين النوويين محمد مهدي طهرانجي وفريدون عباسي، ونائب رئيس الأركان الإيراني الجنرال غلام علي رشيد.
آمال المعارضة الإيرانية
دعا رضا بهلوي، ولي العهد السابق لإيران والذي أطاح الثوار الإسلاميون بوالده الشاه في أواخر السبعينيات، الإيرانيين العاديين لاغتنام الفرصة وقوات الأمن الإيرانية للانفصال عن القيادة الدينية.
وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "النظام ضعيف ومنقسم.. يمكن أن يسقط.. كما قلت لمواطني: إيران ملككم وملككم لاستردادها.. أنا معكم. ابقوا أقوياء وسننتصر".
الدعم الأمريكي
رغم هذه التوقعات، حذَّر خبراء من وجود تحديات كبيرة، إذ إنه وفقًا لـ"بوليتيكو"، يتفق المحللون العسكريون عمومًا على أن إسرائيل تحتاج مساعدة أمريكية للقضاء على جميع البنية التحتية النووية الإيرانية المدفونة عميقًا تحت الأرض، لكن إذا واصلت إسرائيل المزيد من الاغتيالات، بما في ذلك القادة السياسيين الإيرانيين، فإن انهيار النظام ليس خارج نطاق الإمكان.
وحذر مايكل سينج، الذي خدم في مجلس الأمن القومي خلال إدارة جورج دبليو بوش، من أن "الضربات المحصورة على الأهداف العسكرية والنووية ستوجه ضربة لهيبة النظام، بينما الضربات التي تسبب ضررًا اقتصاديًا ومدنيًا أوسع قد تحفِّز نوعًا مختلفًا من الاستجابة الشعبية".
موقف ترامب
أكدت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ظل حذرًا طويلًا من التورط في حروب الشرق الأوسط، استخدم في منشوراته الأخيرة على وسائل التواصل تهديد المزيد من الضربات الإسرائيلية لحث الإيرانيين على إبرام صفقة تقيد برنامجهم النووي، وكتب: "يجب على إيران أن تبرم صفقة، قبل ألا يتبقى شيء، وتنقذ ما كان يُعرف بالإمبراطورية الإيرانية".
ورغم الدعوات من عواصم العالم لتجنب التصعيد بين إسرائيل وإيران، أشارت "بوليتيكو" إلى أن إسرائيل قد لا تستجيب لهذه المطالب، خاصة أن بعض الدعوات تأتي من دول عربية ستكون سعيدة لرؤية سقوط النظام الإيراني.
ما بعد انهيار النظام
حذر مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون من أنه حتى لو سقط النظام، فلا يوجد سبب للتأكد من أن شيئًا أفضل سيحل محله، إذ يمكن أن تصبح الدولة الإيرانية عديمة القيادة أرضًا خصبة لجميع أنواع المشكلات الجديدة، أو قد تتولى قيادة عسكرية أكثر تشددًا مصممة على الحصول على سلاح نووي.
وكتب جوناثان بانيكوف، ضابط المخابرات الأمريكي السابق، في تحليل عبر الإنترنت: "التاريخ يخبرنا أن الأمور يمكن أن تكون أسوأ دائمًا. قد تجد إسرائيل نفسها في حرب دائمة ومستمرة وأكثر كثافة لم تعد في الظل، كما كانت لسنوات".