الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

معركة ثلاثية الأبعاد.. ترامب ينشر المارينز ونيوسوم يرفض والشارع يحتج

  • مشاركة :
post-title
قوات المارينز في شوارع لوس أنجلوس

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا استثنائيًا بنشر 700 من قوات المارينز النشطة في لوس أنجلوس، إلى جانب أكثر من 2000 من أفراد الحرس الوطني، وذلك لحماية المباني والموظفين الفيدراليين وسط تصاعد الاحتجاجات ضد عمليات إنفاذ قوانين الهجرة. 

القرار، الذي جاء دون طلب من حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم، أثار مخاوف دستورية جدية وانتقادات واسعة من خبراء القانون والمسؤولين المحليين، الذين اعتبروه انتهاكًا وتدخلًا في سيادة الولايات، ما قوبل بمعارضة شديدة من حاكم كاليفورنيا، الذي رفع دعوى قضائية ضد الإدارة الفيدرالية، بينما وصف مسؤولون دفاعيون الخطوة بأنها "استفزاز" مصمم لخلق "أزمة مصطنعة".

تفاصيل النشر العسكري

كشفت القيادة الشمالية الأمريكية أن قوات المارينز المنتشرة تنتمي إلى الكتيبة الثانية، فوج المارينز السابع، الفرقة الأولى للمارينز، المتمركزة في قاعدة توينتي ناين بالمز بكاليفورنيا.

وحسب "وول ستريت جورنال"، فإن هذه القوات، البالغ عددها 700 مارينز، تم إرسالها لدعم فرقة العمل 51، وهي وحدة قيادة قابلة للنشر تُستخدم في الاستجابة للأزمات، وستكون مهامها الرئيسية "حماية الموظفين الفيدراليين والممتلكات الفيدرالية في لوس أنجلوس".

وأوضحت القيادة الشمالية أن "فرقة العمل 51 تتكون الآن من حوالي 2100 جندي من الحرس الوطني و700 من قوات المارينز النشطة"، مضيفة أنهم "تم تدريبهم على تهدئة التصعيد والسيطرة على الحشود وقواعد استخدام القوة".

وحسب الصحيفة، فإن القوات "لن تتعامل مع المتظاهرين"، وستقتصر مهامها على حماية المباني والموظفين الفيدراليين، وقال مسؤول إداري كبير إن هذه الخطوة جاءت "في ضوء تزايد التهديدات ضد الضباط الفيدراليين والمباني الفيدرالية".

مواجهات الشرطة والمتظاهرين في لوس أنجلوس
خلاف قانوني

وفي سياق ذي صلة، لفتت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن نشر قوات المارينز يثير تساؤلات قانونية معقدة حول السلطة المستخدمة لتبرير هذا النشر، فبينما استند ترامب في أمره الرئاسي إلى "البند 10 من قانون الولايات المتحدة 12406"، وهو نص يسمح بالنشر الفيدرالي لقوات الحرس الوطني في حالة "وجود تمرد أو خطر تمرد ضد سلطة حكومة الولايات المتحدة"، فإن خبراء القانون يشككون في إمكانية تطبيق هذا البند على قوات المارينز النشطة.

وتقول إليزابيث جويتين، المديرة الأولى لبرنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان، لـ"ذا إنترسيبت": "قانونيًا، لا يمكنهم الاعتماد على نفس السلطة، إنهم ليسوا في نفس الوضع القانوني، فالبند 10 من قانون الولايات المتحدة 12406 ينطبق على الحرس الوطني وليس على القوات المسلحة النشطة".

وأضاف مسؤول دفاعي آخر، تحدث لـ"ذا إنترسيبت"، أن قوات المارينز "لديها نفس المهمة والغرض مثل الحرس الوطني، يمكنك اعتبارهم قوة إضافية للقيام بنفس الشيء، لكنهم صُدفة أن يكونوا قوات مارينز نشطة، لكن جميع القوات إجمالًا التي تقوم بهذا العمل مفعّلة تحت الباب العاشر".

معارضة ودعوى قضائية

واجه قرار ترامب معارضة شديدة من السلطات المحلية في كاليفورنيا، إذ عارضه حاكم كاليفورنيا الديمقراطي بشدة، ووصفه بأنه "تدخل في سيادة الولاية".

وأكد مكتب نيوسوم في بيان نقله "ذا إنترسيبت" أن "مستوى التصعيد غير مبرر تمامًا، ولا داعي له، وغير مسبوق، وهو حشد لأفضل فروع الجيش الأمريكي ضد مواطنيه".

وأوضحت تارا جاليجوس، المتحدثة باسم نيوسوم، أن "الوجود العسكري غير مطلوب، حيث تعمل الولاية بالفعل مع الشركاء المحليين لإرسال أكثر من 800 ضابط إنفاذ قانون إضافي من الولاية والمحليين إلى لوس أنجلوس لتنظيف فوضى الرئيس ترامب".

وتبع هذه المعارضة إجراء قانوني رسمي، حيث رفعت كاليفورنيا دعوى قضائية ضد إدارة ترامب.

وفي السياق ذاته، قال المدعي العام للولاية، روب بونتا، في مؤتمر صحفي، إن الدعوى "ستطلب من المحكمة اعتبار أمر ترامب غير قانوني وإلغاءه"، مضيفًا: "نحن لا نأخذ الأمر بخفة عندما يسيء الرئيس استخدام سلطته وينشر بشكل غير قانوني قوات الحرس الوطني الكاليفورني".

وأشار بونتا إلى أن إرسال الحرس الوطني للولاية كان غير قانوني؛ لأن ترامب تجاوز نيوسوم وانتهك التعديل العاشر الذي يحمي حقوق الولايات.

مواجهات مشتعلة في لوس أنجلوس
سوابق تاريخية

يُعتبر قرار ترامب الأول من نوعه منذ حوالي 60 عامًا، حيث أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن "خطوة الرئيس الأمريكي كانت المرة الأولى منذ الواقعة التاريخية لمقاومة حكام الولايات أوامر المحاكم بإلغاء الفصل العنصري في المدارس العامة".

أما آخر مرة نُشرت فيها قوات المارينز لقمع الاضطرابات المدنية، فكانت خلال أعمال شغب لوس أنجلوس عام 1992، بعد تبرئة الضباط المتهمين بضرب رودني كينج.

"وول ستريت جورنال" أوضحت أن "الرئيس جورج بوش الأب تصرّف بعد أن تلقى طلبًا من حاكم كاليفورنيا، بيت ويلسون، للمساعدة في احتواء العنف الذي اندلع بعد تبرئة ضباط الشرطة، واستخدم بوش قانون التمرد، ونشر حوالي 2000 جندي من الجيش من فورت أورد القريبة، و1500 من المارينز من كامب بندلتون".

وانتقد النائب الديمقراطي سيث مولتون، الذي خدم كضابط مارينز في العراق، هذا القرار بشدة، قائلًا لـ"وول ستريت جورنال": "هذا حلم ترامب، هذا بالضبط ما أراد فعله، استخدام الجيش ضد الشعب الأمريكي، دونالد ترامب لم يحترم قط ما يفعله المارينز في الخارج، لكنه أراد دائمًا استخدامهم لفرض أجندته السياسية في الداخل".

ردود فعل ميدانية

على أرض الواقع، عبّر المتظاهرون والمحاربون القدامى عن رفضهم لهذا النشر، ففي شوارع لوس أنجلوس، قال ستيف هيل، وهو متظاهر ومحارب قديم في سلاح المارينز، لـ"ذا إنترسيبت": "أيًّا كان الضابط القائد، يجب أن يعرف أننا لا نتبع الأوامر غير القانونية، نحن نتبع الأوامر القانونية، المارينز ليسوا لشوارع أمريكا".

وحذّرت سارا هاجدوستي، المديرة التنفيذية لمنظمة "النصر بدون حرب"، في تصريحات لـ"ذا إنترسيبت"، من أن "حشد المارينز تصعيد خطير للغاية، هذا النشر غير قانوني بوضوح، وهو يشير إلى السبب وراء وجود قوانين ضد هذه الانتشارات في المقام الأول، إنه ليس فقط استيلاء استبدادي على السلطة، بل يهدد أيضًا الصحة الجسدية للأشخاص الذين يمارسون حقوقهم الدستورية في الاحتجاج، والصحة المعنوية للمارينز المأمورين الآن بقمع تلك الحقوق".