الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خلاف أخفته المصالح.. "ترامب – ماسك" صراع نفوذ سياسي وكبرياء اقتصادي

  • مشاركة :
post-title
إيلون ماسك والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تشهد الساحة السياسية الأمريكية صراعًا استثنائيًا يتجاوز حدود الخلافات التقليدية ليصل إلى تصادم مباشر بين الرئيس دونالد ترامب وأغنى رجل في العالم إيلون ماسك، يمس كبرياء شخصيتين نافذتين ومصالح اقتصادية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات. وعلى الرغم من المحاولات المتكررة لاحتواء هذا النزاع، فإن جهود الوساطة فشلت في تحقيق حل دائم بسبب تعقيدات الأنا والمصالح المتضاربة.

هدنة هشة

كشفت مصادر في البيت الأبيض، لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، أن الهدنة الحالية بين الرجلين تحققت بعد مكالمة هاتفية تمت، الجمعة الماضي، بين ممثلين عن الطرفين، لكنها تبقى هشة وغير مضمونة الاستمرار.

وأوضح أحد المسؤولين في البيت الأبيض، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "ترامب توقف عن النشر، لكن هذا لا يعني أنه سعيد"، في إشارة إلى صمت الرئيس النسبي على منصة "تروث سوشيال" بعد فترة من تبادل الاتهامات.

وأضاف المسؤول ذاته أن "مستقبل علاقتهما غير مؤكد تمامًا"، مشيرًا إلى أن كلا الرجلين أوقف الحرب الكلامية التي شملت اقتراح ماسك بضرورة عزل الرئيس وتهديد ترامب بقطع العقود الفيدرالية عن شركات الملياردير.

ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن توقف المعركة الإعلامية لا يعني انتهاء الخلافات الجوهرية، حيث إن "لا أحد منهما أراد هذا التوقف حقًا".

جروح الكبرياء

تعمّقت "بوليتيكو" في الأسباب الحقيقية وراء غضب ترامب الشديد، إذ أشارت إلى أن الرئيس شعر بالاستياء البالغ من تلميحات ماسك بأنه مرتبط بالمجرم جيفري إبستاين، حيث ادعى مالك منصة "إكس" أن اسم ترامب "موجود في ملفات إبستاين" وتورط في جرائمه.

وبحسب المصادر الرسمية في البيت الأبيض، فإن هذه الإشارة المباشرة إلى فضيحة إبستاين أثارت حفيظة ترامب بشكل خاص، رغم أن وثائق المحكمة تشير فعلًا إلى ذكر الرئيس وشخصيات بارزة أخرى في قضايا إبستاين دون توجيه اتهامات رسمية.

ما أشعل نار الغضب حقًا، وفقًا لمسؤولين في البيت الأبيض تحدثوا لصحيفة "بوليتيكو"، كان تفاخر ماسك بأن ترامب لم يكن ليفوز بالانتخابات الرئاسية لولا دعمه المالي والإعلامي.

وقد انتشر تعليق لماسك على منصة "إكس"، قال فيه: "يا لهذا الجحود"، بعد أن نسب لنفسه الفضل في انتصار ترامب في نوفمبر الماضي"، مشيرًا إلى مساهماته السياسية التي تجاوزت ربع مليار دولار، ما مثّل ضربة مباشرة لكبرياء ترامب الذي يعتبر فوزه إنجازًاً شخصيًا.

المصالح تُعقّد المعادلة

يتداخل البُعد الاقتصادي بقوة في هذا الصراع، إذ تمتلك شركات ماسك عقودًا فيدرالية ضخمة مع الحكومة الأمريكية، بينما يملك ترامب سلطة التأثير على هذه العقود أو إلغائها.

وقد جاء النزاع في توقيت حساس حيث يحاول ترامب والقادة الجمهوريون تمرير حزمة تشريعية ضخمة للسياسة الداخلية، التي وصفتها المصادر الرسمية بأنها قد تكون "أكبر إنجاز تشريعي في فترة ترامب الرئاسية الثانية".

وقد عقّد "ماسك" الأمور بانتقاده الحاد لما أسماه "المشروع الضخم" على منصة "إكس"، واصفًا الحزمة التشريعية بأنها تحتوي على "جبل من لحم الخنزير المقزز".

هذا الانتقاد العلني للأجندة التشريعية الرئاسية زاد من حدة التوتر وأظهر كيف تؤثر الخلافات الشخصية على القرارات السياسية والاقتصادية الكبرى.

وردّت المتحدثة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت على استفسارات "بوليتيكو" بالقول: "كما قال الرئيس ترامب نفسه، إنه يتقدم بتركيز على تمرير مشروع القانون الكبير الجميل الواحد".

صراع النفوذ

تشير "بوليتيكو" إلى أن العلاقة بدأت في التدهور قبل اندلاع الحرب الكلامية بوقت طويل، إذ انزعج ترامب من ما اعتبره مبالغة من "ماسك" حول قدرات إدارة الكفاءة الحكومية، التي كان يرأسها، على إجراء تخفيضات جذرية في البيروقراطية الفيدرالية.

وتفاقمت الأزمة عندما سحب البيت الأبيض ترشيح جاريد إيزاكمان، المرشح المفضّل لماسك لقيادة وكالة ناسا، في خطوة مثّلت قطع أحد آخر الروابط في تحالف كان متوترًا بالفعل.

وكشفت المصادر في البيت الأبيض أن مدير شؤون الموظفين سيرجيو جور، الذي كان وراء قرار سحب ترشيح إيزاكمان، يعيش توترًا مستمرًا مع ماسك منذ فترة طويلة.

وقد رفض الملياردير التعاون مع "جور" بعد اجتماع مجلس الوزراء في مارس الماضي، حيث أخبر ترامب رؤساء الوكالات الفيدرالية أنهم المسؤولون الحقيقيون عن إداراتهم وليس ماسك، في رسالة واضحة للملياردير الذي كان حاضرًا في الغرفة نفسها.

وأدى هذا الاجتماع إلى تصعيد جديد، حيث أطلق ماسك حملة من التصريحات الجماعية والتحذيرات للموظفين الحكوميين، ما أثار دعاوى قضائية وانتقادات من المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، وفقًا لما ذكرته "بوليتيكو".

خصم من نوع جديد

يؤكد معظم المشرّعين والمحللين السياسيين الجمهوريين، بحسب "بوليتيكو"، أن ترامب يملك اليد العليا في حال تجدد الصراع بحكم منصبه الرئاسي وسلطاته التنفيذية، إلا أنهم يشيرون إلى أن "ماسك" يمثّل خصمًا استثنائيًا لم تشهد الساحة الأمريكية مثيلًا له من قبل، إذ إنه أغنى رجل في العالم يملك منبرًا إعلاميًا رقميًا (منصة إكس) ينافس في تأثيره المنبر الرئاسي نفسه.