الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ملاجئ الموت.. قصف مدارس غزة استراتيجية إسرائيلية ممنهجة

  • مشاركة :
post-title
قصف مدارس غزة خطة إسرائيلية ممنهجة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في قلب غزة تحوّلت المدارس من ساحات للتعليم إلى ملاجئ تأوي الفارين من نيران الحرب، وبينما يُفترض أن تكون المدارس "مساحات آمنة" إلا أنها تنهار واحدة تلو الأخرى على أجساد النازحين الباحثين عن مأوى، بعدما أضحت أهدافًا مباشرة لصواريخ الاحتلال المُسلّحة باستراتيجية لا تعرف الرحمة.

وحسب تقرير استقصائي لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية يكشف عن ملامح خطة إسرائيلية منظمة لقصف مبانٍ مدرسية في القطاع، ويكشف النقاب عن ضوء أخضر عسكري لاستهداف منشآت تضم مدنيين، بحجة "الضرورة الأمنية".

استهداف المدارس

حسب صحيفة "ذا جارديان"، نقلًا عن مصادر مطلعة على العمليات العسكرية الإسرائيلية، فإن سلسلة الغارات الجوية الأخيرة التي استهدفت مدارس تُستخدم كملاجئ في قطاع غزة لم تكن نتيجة أخطاء أو معلومات استخباراتية خاطئة، بل جاءت ضمن "استراتيجية قصف متعمدة" أقرّها الجيش الإسرائيلي.

ووفقًا للمصادر ذاتها، تم قصف ما لا يقل عن ستة مبانٍ مدرسية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 120 شخصًا خلال الأشهر الماضية، في ظل تخفيف للقيود المفروضة على استهداف مواقع يُعتقد بوجود عناصر من حركة حماس فيها، حتى إن كانت مأهولة بالمدنيين.

في دير البلح وسط قطاع غزة، استُشهد أربعة أشخاص، أمس الاثنين، في غارة جوية استهدفت مدرسة العائشة، التي كانت قد تحوّلت إلى ملجأ للنازحين، وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل آثار الدمار الذي لحق بالموقع، بينما أعلنت القوات الإسرائيلية عن تنفيذ الضربة دون تسمية المدرسة، مكتفية بالإشارة إلى أنها قصفت "موقعًا يستخدمه الإرهابيون".

وأكدت المصادر العسكرية لـ"ذا جارديان" أن المدرسة كانت واحدة من عدة مدارس حُددت كأهداف في الأسابيع الأخيرة، ضمن حملة موسّعة تستهدف مباني مدرسية يُعتقد أن مسلحين يستخدمونها.

أهداف قيد التنفيذ

بحسب ما أفادت به المصادر ذاتها، فقد تم تحديد أربع مدارس أخرى كأهداف محتملة للقصف، وهي "حلاوة، والرفاعي، ونسيبة، وحليمة السعدية" وجميعها تقع في أو بالقرب من جباليا شمال غزة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المدارس تؤوي نازحين أيضًا، إلا أن اثنتين منها قد تضررتا خلال غارات سابقة.

وبينما تزعم إسرائيل أن استهدافها يقتصر على "مواقع إرهابية"، تشير الوقائع إلى أن هذه المدارس كانت ملاذًا للفارين من ويلات الحرب، لا قواعد عسكرية.

في 25 مايو المنقضي، سُجلت واحدة من أكثر الهجمات دموية، حين قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة فهمي الجرجاوي، ما أسفر عن مقتل 54 شخصًا على الأقل، وفق ما أفاد به مسؤولون محليون لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وشهد الموقع مشاهد مروعة، إذ انتُشلت جثث متفحمة، بينها أطفال، من الفصول الدراسية التي التهمتها النيران.

ورغم هذه المأساة، زعم الجيش الإسرائيلي أن الضربة استهدفت مركز قيادة تابعًا لحماس والجهاد الإسلامي، كان يتم تشغيله من داخل المدرسة.

تصنيف جديد للأهداف

تشير معلومات حصلت عليها "ذا جارديان" إلى أن الجيش الإسرائيلي صنّف، خلال الشهرين الماضيين، مباني المدارس والمستشفيات والمباني البلدية كـ"مراكز ثقيلة"، يُعتقد أن مسلحي حماس يستخدمونها جنبًا إلى جنب مع المدنيين.

وتؤكد ثلاثة مصادر عسكرية أن الغارات الجوية نُفّذت على هذه المواقع رغم غياب أهداف عالية القيمة، حيث غالبًا ما كان المسلحون المستهدفون من ذوي الرتب المتدنية، في حين أُخذ في الاعتبار أن الهجوم قد يؤدي إلى مقتل مدنيين.

وأعربت جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، عن قلقها العميق قائلة: "المدارس يجب أن تحظى بالحماية دائمًا ويجب ألا تُستخدم لأغراض عسكرية أو قتالية. للأسف، تم قصفها مرارًا وتكرارًا خلال الأشهر العشرين الماضية. إنه انتهاك صارخ للقانون الدولي وحقوق الطفل".

ووفقًا لأحدث تقييمات الأمم المتحدة، تعرضت 95% من مدارس غزة لأضرار طفيفة أو جسيمة، فيما صُنّفت نحو 400 مدرسة بأنها "تعرضت لضربات مباشرة".

الرد الإسرائيلي

ردًا على الأسئلة حول هذه العمليات، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن: "الجيش يعمل حصريًا على أسس الضرورة العسكرية وبما يتوافق مع القانون الدولي"، وزعم أن حركة حماس "تستخدم المدارس بشكل غير قانوني في أنشطتها العسكرية، من خلال بناء شبكات عسكرية تحتها، وشن هجمات على قوات الدفاع منها، وحتى سجن الرهائن داخلها".

غير أن المزاعم الإسرائيلية لم تُعزز بأي أدلة ملموسة، مما يثير تساؤلات متجددة حول مشروعية هذه الضربات، خاصة حين تُقارن بحجم الخسائر البشرية بين المدنيين.