الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من الشراكة إلى المواجهة.. نهاية العصر الذهبي لطلاب الصين في أمريكا

  • مشاركة :
post-title
نهاية العصر الذهبي للطلاب الصينيين في أمريكا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب عزمها البدء "بقوة" في إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين، في خطوة تضع الجامعات الأمريكية أمام تهديد مالي وأكاديمي حقيقي، كما أن هذا القرار، الذي كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال"، يأتي ضمن حملة أوسع تشمل منع جامعة هارفارد من قبول الطلاب الدوليين وإيقاف مقابلات التأشيرات الجديدة مؤقتًا؛ لإعداد إجراءات جديدة لفحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للمتقدمين.

اعتماد مالي حيوي

تشير "وول ستريت جورنال" إلى أن الجامعات الأمريكية زادت بشكل كبير من قبول الطلاب الصينيين في السنوات التي تلت الأزمة المالية لعامي 2008-2009، عندما عانت من عجز في الميزانيات، إذ يدفع الطلاب الصينيون الجامعيون عادة الرسوم الدراسية كاملة، ما يجعلهم مصدرًا حيويًا للإيرادات.

تكشف الأرقام حجم هذا الاعتماد المالي، إذ تشكِّل الصين أكبر مشترٍ للخدمات التعليمية الأمريكية بإنفاق قدره 14.3 مليار دولار في عام 2023، متجاوزة بنسبة 21% الـ 11.8 مليار دولار التي أنفقها الطلاب الهنود، وأكثر من 6 أضعاف ما أنفقه الطلاب من كوريا الجنوبية.

وتمثل الخدمات التعليمية 31% من إجمالي صادرات الخدمات الأمريكية للصين، مقارنة بـ5% فقط من إجمالي صادرات الخدمات الأمريكية للعالم.

رغم أن الهند أصبحت حاليًا أكبر مورد للطلاب الدوليين، إلا أن الصين لا تزال ترسل أكبر عدد من الطلاب الجامعيين، كما أن واحدًا من كل أربعة طلاب دوليين يأتي من الصين، ويشكل الطلاب الصينيون نسبة كبيرة بشكل خاص في أفضل الجامعات الأمريكية.

صراع العلوم والتكنولوجيا

تتركز الشكوك بشكل خاص حول الطلاب الصينيين الذين يدرسون العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والذين يمثلون أكبر مجموعة من الطلاب الواردين من الدولة الآسيوية في الولايات المتحدة، وسط المنافسة المتصاعدة بين البلدين في المجالات التقنية والجيوسياسية.

أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو، الأربعاء الماضي، أن الولايات المتحدة ستلغي تأشيرات الطلاب، بما في ذلك أولئك الذين لديهم صلات بالحزب الشيوعي الصيني أو يدرسون في مجالات حرجة، كما وصل الأمر بالسيناتور جيم ريش، من ولاية أيداهو، في يناير الماضي، إلى وصف كل طالب صيني في تخصصات العلوم والتكنولوجيا بأنه "عميل للحزب الشيوعي الصيني".

طالبت لجنة متخصصة في شؤون الصين مختارة في مجلس النواب، 6 جامعات بتقديم معلومات عن طلابها الصينيين في برامج العلوم والتكنولوجيا، مثل جامعاتهم السابقة ومصادر التمويل، وشككت في مشاركتهم في البحوث الممولة فيدراليًا.

من بين أفضل 15 جامعة أمريكية في برامج العلوم والتكنولوجيا، يشكل الطلاب الصينيون أكبر مجموعة طلابية أجنبية في جميع الجامعات باستثناء واحدة، ويمثلون ما يقرب من النصف في 6 جامعات.

التكلفة الحقيقية

يحذر الخبراء من أن انخفاضًا كبيرًا في أعداد الطلاب الصينيين قد يضر بشدة بالقدرة التنافسية الأمريكية، إذ تقول الدكتورة ينجي ما، عالمة الاجتماع في جامعة سيراكيوز: "التكاليف الاقتصادية واضحة، لكن تكلفة المواهب لها عواقب أكثر خطورة".

تدعم الأبحاث التاريخية هذا التحذير، إذ أظهرت دراسة لأساتذة من جامعة نيويورك نُشرت في 2020 أن تعليق التأشيرات للأجانب يقوِّض الابتكار الأمريكي، ففي عشرينيات القرن الماضي، عندما قلل الكونجرس الهجرة بأكثر من 80% عبر نظام الحصص، انخفض عدد العلماء الأجانب، ما أدى إلى تراجع حاد في الاختراعات استمر حتى الستينيات.

وعبر ستيفن كيفلسون، الفيزيائي النظري في جامعة ستانفورد، عن هذا القلق قائلًا في فعالية افتراضية في أبريل: "الصين هي أهم مصدر واحد للمواهب، كل هذا معرض للخطر الآن بشدة".

البحث عن البدائل

تدحض مجموعات الطلاب ادعاءات المشرعين بأن طلاب العلوم والتكنولوجيا الصينيين يسارعون لأخذ معرفتهم إلى الصين بعد التخرج، إذ تظهر الإحصائيات أن 83% من خريجي العلوم والتكنولوجيا الصينيين الحاصلين على درجة الدكتوراه بين عامي 2017 و2019 كانوا لا يزالون في الولايات المتحدة في عام 2023، وهو معدل أعلى بكثير من المتوسط العام.

وردَّت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية بإدانة إجراءات واشنطن ووصفتها بأنها مدفوعة سياسيًا وتمييزية.

وكشف تقرير حديث لمجموعة "نيو أورينتال للتعليم والتكنولوجيا" أن المملكة المتحدة أصبحت الوجهة الأكثر شعبية للدراسة في الخارج بالنسبة للطلاب الصينيين خلال السنوات الست الماضية، وبالفعل بدأ العديد من الطلاب الصينيين في البحث عن وجهات أخرى.