رغم ادعاءات وزارة الدفاع الأمريكية بخلاف ذلك، لا تزال الفرق القانونية التي تمثل حكومتي الولايات المتحدة وقطر لم تنته بعد من وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لنقل طائرة "بوينج 747-8" الفاخرة التي يريدها الرئيس دونالد ترامب لتحل محل طائرة الرئاسة الأمريكية.
ولفت تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن هناك "طلبات معلقة" من قطر لواشنطن لتوضيح شروط الصفقة، بحسب مسؤولين مطلعين على الأمر.
وتصر قطر على أن مذكرة التفاهم بين واشنطن والدوحة تنص على أن نقل الطائرة "تم بمبادرة من إدارة ترامب وأن قطر ليست مسؤولة عن أي عمليات نقل مستقبلية لملكية الطائرة"، حسب التقرير.
تقول الصحيفة: "يعكس التأخير المخاوف المستمرة بشأن المسؤولية القانونية الناجمة عن مناورة البيت الأبيض لتحويل ما كان في الأصل عملية بيع بين بلدين إلى "هدية" يواصل ترامب الترويج لها باعتبارها أحد النتائج الرئيسية لرحلته الأخيرة إلى الشرق الأوسط".
وبينما قال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي يوم الأربعاء: "حصلتُ على طائرة رائعة وكبيرة مجانًا للقوات الجوية الأمريكية. أنا فخور جدًا بذلك"؛ أشار المسؤولون إلى أن "العمل القانوني المعلق لا يتوقع أن يؤدي إلى إفشال الصفقة، لكن التوضيحات من المرجح أن تدعو إلى مزيد من التدقيق في ادعاءات الإدارة حول كيفية نشوء الصفقة".
بلا مقابل
في البداية، صرّح ترامب أن قطر هي من تواصلت معه وعرضت عليه الطائرة الفاخرة مجانًا. لكن في الواقع، كانت إدارة ترامب هي أول من تواصل مع قطر هذا الشتاء بشأن شراء الطائرة عبر عملية بيع، بعد أن أوضح الرئيس لمساعديه استياءه من تأخير طائرتي "بوينج" اشتراهما خلال ولايته الأولى مقابل 3.9 مليار دولار، وفقًا لمسؤولين.
بعدها، تطور النقاش حول البيع لاحقًا إلى موافقة قطر على تقديم الطائرة كهدية، وهو تطور سبق أن أوردته شبكة CNN وصحيفة "نيويورك تايمز"؛ بينما أكد مسؤول في البيت الأبيض لـ "واشنطن بوست" أن تفاصيل نقل الطائرة لا تزال قيد الانتهاء.
ونقلت الصحيفة عن آنا كيلي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إنه ليس هناك شك في أن الطائرة ستُمنح للولايات المتحدة مجانًا "كما قال الرئيس، ستكون هذه هدية سيادية للقوات الجوية الأمريكية".
وقدم الديمقراطيون في مجلس النواب، بقيادة النائب جريجوري دبليو ميكس (ديمقراطي من نيويورك) تشريعات خاصة التي من شأنها منع استخدام الأموال الفيدرالية لنقل طائرة دولة أجنبية إلى الحكومة الأمريكية أو إلى مكتبة ترامب الرئاسية، كما اقترح مسؤولون في الإدارة أنه سيفعل عند مغادرته منصبه.
وبينما أبدى الديمقراطيون غضبهم الشديد من خطط نقل الطائرة -المُقدرة قيمتها بنحو 180 مليون دولار- إلى مكتبة ترامب الرئاسية، ألمح الرئيس الأمريكي، الأربعاء، إلى أن منتقديه مخطئون في قلقهم بشأن ذلك، مشيرًا إلى أن الطائرة الضخمة ستكون أكبر بكثير من أن تُستخدم للاستخدام الشخصي.
معوقات قانونية
في أوائل مارس، كتب مستشار البيت الأبيض ديفيد وارينجتون مذكرة تفيد بأن وزارة الدفاع الأمريكية قد تقبل هدية الطائرة من قطر على مرحلتين، في البداية إلى الحكومة الأمريكية ثم لاحقًا إلى مؤسسة مكتبة ترامب الرئاسية بمجرد مغادرة ترامب منصبه، حسبما نقلت "واشنطن بوست" عن شخصان مطلعان على الأمر.
وبدا أن العمل القانوني قد اكتمل الأسبوع الماضي بعد أن صرّح المتحدث باسم البنتاجون، شون بارنيل، في بيان بأن "وزير الدفاع قد تسلّم طائرة "بوينج 747" من قطر وفقًا لجميع القواعد واللوائح الفيدرالية".
لكن مسؤولين قالوا إن آخر اتصال بين الفريقين القانونيين كان في 9 مايو، ولم يُنهيا عملهما بعد.
ونقل التقرير عن مسؤولين إن تصميم ترامب على إتمام الصفقة كان واضحًا لمساعديه منذ أن تفقّد الطائرة في 15 فبراير في مطار "بالم بيتش" الدولي، وأبدى إعجابه بمقصورتها الداخلية.
وقتها، علّق ترامب على من حوله قائلًا: "إنهم يُسلمونها لي".
وقال مسؤول ثان في البيت الأبيض إن ترامب "أحبها" عندما رأى الطائرة بنفسه، ووجدها أكثر تحديثًا وحداثة واتساعًا من الطائرات الحالية المستخدمة في طائرة الرئاسة، وأعرب عن تقديره لوجود "محطات عمل أكثر" متاحة على متن الطائرة الجديدة ليستخدمها هو ومساعدوه.
وأضاف أن التدقيق في صفقة الطائرات منذ الإعلان عنها، قبيل زيارة ترامب لقطر، لم يثنِ الرئيس أو فريقه.
وقال: "سيُعجب بها الجميع، وستُعجب بها الصحافة أيضًا".
تحديث رئاسي
كلفت إدارة ترامب شركة L3Harris، وهي شركة مقاولات دفاعية، بتحديث الطائرة القطرية وجعلها متوافقة مع معايير السلامة والأمان الصارمة للنقل الرئاسي، ومن المقرر أن يتم العمل في تكساس منذ الاستلام.
وحسب "واشنطن بوست"، بعد أن تجوّل ترامب في الطائرة، استعرضها مسؤولو القوات الجوية ووجدوا أنها "في حالة سيئة للغاية" وستتطلب ملايين الدولارات لمجرد صيانتها بشكل مرضٍ، وفقًا لما ذكره مصدر مطلع على الأمر.
وخلصت القوات الجوية -آنذاك- إلى أنه لا يمكن للطائرة نقل الرئيس في حالتها الحالية؛ وقدرت تكلفة تلبية هذه المتطلبات بـ 1.5 مليار دولار.
ونقلت الصحيفة عن شخصان مطلعان إن إزالة المعدات العسكرية وتحويلها للاستخدام المدني بعد مغادرة ترامب منصبه قد يكلف ما يُقدر بـ 500 مليون دولار. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه التقديرات لا تزال صحيحة، لأن الرئيس لديه السلطة للتنازل عن بعض المتطلبات، حسبما قال مسؤولون أمريكيون سابقون.
وقال فرانك كيندال، السكرتير السابق للقوات الجوية الأمريكية: "إذا قال الرئيس: أريد هذا خلال عام ونصف، ولا يهمني ما هي قدراته طالما أنه قصرٌ فاخرٌ يحمل أعلامي، فيمكن القيام بذلك".
وأضاف: "لكن سيتعين عليه التنازل عن بعض المتطلبات الأمنية، وهو قادرٌ على ذلك. إنه القائد الأعلى، لن يُجبره أحدٌ على امتلاك هذه الميزات".