الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

استقطاب الجواسيس يتباطأ.. التكنولوجيا تعقد مهمة "CIA" الاستخباراتية

  • مشاركة :
post-title
شعار وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية - CIA

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) تحديًا إستراتيجيًا غير مسبوق في عصر التكنولوجيا الحديثة، بعدما تراجعت قدرتها على تجنيد الجواسيس بنسب مئوية كبيرة منذ عام 2019.

ويتزامن ذلك مع سعي مدير الوكالة جون راتكليف لإعادة بناء شبكات التجسس البشرية التي تضررت بشدة وسط تزايد التحديات التقنية والأمنية العالمية، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست".

إستراتيجية لاستقطاب الجواسيس

كشفت "واشنطن بوست" عن إطلاق CIA إستراتيجية مبتكرة لاستقطاب المسؤولين المستائين في الصين وروسيا، من خلال إنتاج مقاطع فيديو بجودة هوليوودية تُبث على وسائل التواصل الاجتماعي.

تسلط الفيديوهات، المعروضة بالماندرين (اللغة الصينية)، الضوء على التفاوت الاقتصادي الشاسع بين الطبقة العاملة ونخبة الحزب الشيوعي، بالإضافة إلى تصوير كيفية اختفاء كبار المسؤولين فجأة في حملات مكافحة الفساد التي يقودها الرئيس شي جين بينج.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الإستراتيجية حققت نجاحًا أوليًا مع روسيا، بعدما أطلقت الوكالة فيديوهات مماثلة في عام 2023 تستهدف الروس المستائين من حرب أوكرانيا، ما أدى إلى تواصل أشخاص مع CIA، وفقًا لما ذكره مسؤولون استخباراتيون للصحيفة الأمريكية.

كما أكد مسؤولو الوكالة وجود أدلة على مشاهدة رسائلهم الموجهة للصين رغم الرقابة الشديدة على الإنترنت هناك.

إقرار رسمي بالأزمة

اعترف "راتكليف" بالأزمة، خلال جلسة تأكيد تعيينه في مجلس الشيوخ في يناير الماضي، قائلًا: "نحن جميعًا نعلم أن جمع المعلومات الاستخبارية البشرية ليس بالمستوى المطلوب"، وفقًا لما نقلته "واشنطن بوست".

وكشف مسؤول سابق في الوكالة، للصحيفة الأمريكية، عن انخفاض معدلات تجنيد العملاء الجدد بنسب كبيرة منذ عام 2019، وإن كانت الأرقام الدقيقة تبقى سرية للغاية.

وأوضح مسؤولون حاليون وسابقون أن هناك فجوات استخباراتية لا تحظى بتقدير واسع خارج الدوائر الأمنية الحكومية، مشيرين إلى أن ما يقف على المحك هو عمق معرفة الحكومة الأمريكية بالتهديدات الأمنية العاجلة، مثل احتمال سعي إيران للحصول على سلاح نووي، وخطوات روسيا التالية في أوكرانيا، واحتمال غزو الصين تايوان أو خنقها اقتصاديًا.

ميدان البوابة السماوية في الصين
التحدي التكنولوجي الأكبر

يواجه عملاء CIA اليوم تحديًا جديدًا يُعرف باسم "المراقبة التقنية الشاملة"، إذ يتعين عليهم وعملائهم الأجانب التنقل وسط شبكة إلكترونية معقدة من أجهزة المراقبة والرصد.

وقال جلين تشافيتز، وهو ضابط سابق في CIA شغل منصب أول رئيس للحرف التشغيلية والتكنولوجيا في الوكالة، لـ"واشنطن بوست": "يجب أن تكون مثاليًا الآن حتى لا تنكشف هويتك.. مثاليًا إلى الأبد، قبل أي عملية وأثناءها وإلى الأبد بعدها".

وتشير التقديرات إلى أن بكين وحدها تضم أكثر من مليون كاميرا مراقبة مقترنة ببرامج تقنية متطورة للتعرف على الوجوه، يمكنها تتبع ملايين الأفراد في آن واحد.

وأضاف "تشافيتز": "يمكن لجهاز استخبارات معادٍ، مثل الجهاز الصيني، أن يكتشف بعد أيام، أو حتى أشهر، أن خائنًا في صفوفه التقى بضابط في وكالة المخابرات المركزية، وذلك من خلال تشغيل بيانات ضخمة من كاميرات في جميع أنحاء البلاد عبر مرشحات ذكاء اصطناعي متطورة".

ووصف مسؤول أمريكي سابق -زار المدينة مؤخرًا- الوضع بقوله إن "كثرة الكاميرات في الشوارع تجعل المرء يشعر وكأنه في استوديو تلفزيوني".

أخطاء إدارية كارثية

أدت جائحة كورونا إلى تفاقم مشكلات التجسس لجميع الأجهزة الاستخباراتية، إذ تسببت في إلغاء اللقاءات الشخصية والتجمعات الاجتماعية، ما قيَّد قدرة ضباط CIA على استهداف وتجنيد مصادر جديدة.

وقالت سوزان ميلر، رئيسة سابقة في CIA تقاعدت العام الماضي بعد 39 عامًا في الوكالة، لـ"واشنطن بوست": "هذا شيء لا نزال نتعافى منه".

وفاقمت إدارة ترامب الوضع بأخطاء كارثية، بعد أن أرسلت CIA بريدًا إلكترونيًا غير مصنف في فبراير الماضي، استجابة لأمر تنفيذي بتقليص القوى العاملة الفيدرالية، إلى مكتب إدارة شؤون الموظفين يحتوي على الاسم الأول والحرف الأول من اسم العائلة لكل موظف تم توظيفه خلال العامين الماضيين.

ووصف مسؤولون سابقون هذه الزلة بأنها كارثة استخباراتية، قد تكشف هوية عشرات الضباط الشباب.

خطة الإنقاذ

رغم عدم إفصاح راتكليف عن تفاصيل خططه العلنية، إلا أن شخصًا التقاه مؤخرًا وصفه بأنه "منزعج" من حالة قدرات التجسس البشري في الوكالة، وفقًا لـ"واشنطن بوست".

وقال متحدث باسم الوكالة للصحيفة: "تحت قيادة راتكليف، تركز CIA بشكل مكثف على مهمتها الأساسية في تجنيد الجواسيس وجمع المعلومات الاستخبارية الأجنبية لضمان حصول الرئيس ترامب وفريقه الأمني على ميزة حاسمة".

واختار راتكليف، مؤخرًا، ضابطًا متمرسًا في CIA، يتمتع بخبرة في جولات أجنبية متعددة، ليكون نائب مدير العمليات، وهو منصب قوي يدير الأعمال السرية والخفية للوكالة.

وأضاف مسؤول استخباراتي كبير أن جمع المعلومات الاستخبارية البشرية ضد الصين، التي قال راتكليف إنها الهدف الأول لـCIA، قد "تحسن بشكل كبير".