فيما وُصِف بأنه "كارثة استخباراتية"، أصدر البيت الأبيض أمرًا غير مسبوق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية "CIA" بإرسال قائمة غير مشفرة تتضمن أسماء موظفيها الجدد، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا وتساؤلات عن تداعياتها على الأمن القومي الأمريكي، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وحذر مسؤولون سابقون من المخاطر الجسيمة المترتبة على هذا القرار، إذ إن القائمة المطلوبة تشمل أسماء الموظفين خلال العامين الماضيين والحرف الأول من اسم العائلة، وهم في معظمهم محللون وعملاء شباب تم توظيفهم خصيصًا للتركيز على الملف الصيني.
وتكمن خطورة هذا الإجراء في أن القراصنة الصينيين يسعون باستمرار للكشف عن هويات هؤلاء العملاء، ووصل الأمر إلى حد وصف أحد ضباط الوكالة السابقين لهذه الخطوة بأنها "كارثة استخباراتية".
وتزداد المخاوف مع احتمالية وصول هذه المعلومات إلى فريق من خبراء البرمجيات الشباب الذين تم تعيينهم حديثًا للعمل مع إيلون ماسك وفريقه المعني بكفاءة العمل الحكومي.
تأثيرات سلبية
أحد الجوانب المقلقة في هذا القرار، وفقًا لنيويورك تايمز، هو تأثيره المحتمل في جهود التنوع بالوكالة، إذ إنه خلال فترة إدارة وليام بيرنز، ركزت الوكالة على توظيف مجموعة متنوعة من الضباط، مؤكدة أن عمليات التجسس الخارجية تتطلب أشخاصًا يمتلكون مهارات لغوية متنوعة ومعرفة ثقافية واسعة.
وبالتالي، فإن أي تقليص واسع النطاق للموظفين الجدد قد يؤثر بشكل غير متناسب على المتحدثين بلغة "الماندرين" وخبراء التكنولوجيا، إضافة إلى القوى العاملة من الأقليات في الوكالة.
حلول مقترحة
كشف الصحيفة عن تفاصيل برنامج "الاستقالة المؤجلة" الذي تقدمه الوكالة كجزء من جهود تقليص حجم القوى العاملة الفيدرالية، الذي يتيح للموظفين خيار الاستقالة مع الاستمرار في تلقي رواتبهم حتى سبتمبر.
وأوضح مساعد للمدير الجديد جون راتكليف، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته وفقًا لبروتوكولات الوكالة، أن هذه الجهود تهدف إلى تشجيع مجموعة كبيرة من الضباط الذين انضموا إلى الوكالة بعد هجمات 11 سبتمبر على التقاعد المبكر.
تطور كارثي
وعبر العديد من المسؤولين السياسيين عن قلقهم العميق من تداعيات هذا القرار، وكتب السيناتور مارك وارنر من ولاية فرجينيا، وهو كبير الديمقراطيين في لجنة المخابرات، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن مشاركة أسماء الضباط هي "تطور كارثي للأمن القومي".
وأضاف أن "كشف هويات المسؤولين الذين يقومون بعمل شديد الحساسية سيضع هدفًا مباشرًا على ظهورهم من قبل الصين".
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تواجه تحديًا مزدوجًا يتمثل في الحفاظ على سرية عملياتها وحماية موظفيها، مع الامتثال للمتطلبات الإدارية الجديدة، في حين أكدت المتحدثة باسم CIA أن هذه التغييرات تأتي ضمن "استراتيجية شاملة لضخ طاقة متجددة في الوكالة، وتوفير فرص لظهور قادة صاعدين وتحسين موقع الوكالة لتنفيذ مهمتها".
التركيز على الصين
ويفسر هذا القلق ما شهدته وكالة المخابرات المركزية من تحول استراتيجي ملحوظ بشأن ملف الصين، إذ نوهت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى زيادة كبيرة في الميزانية المخصصة للتحليل والتجسس المتعلق بهذا الملف، إذ ارتفعت النسبة من 9% عند تولي وليام بيرنز إدارة الوكالة في 2021 إلى ما يقارب 20% حاليًا.
وتجلى هذا التوجه في إنشاء مركز متخصص للشؤون الصينية في المقر الرئيسي للوكالة، يضم محللين وعملاء وخبراء في مختلف المجالات.
وإجمالًا، واستنادًا لهذا التركيز المتزايد على الصين، فإن تسريب أي معلومات عن العاملين في هذا الملف سيظل مصدر قلق استراتيجيًا كبيرًا.