الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كيف نجح ترامب في اختراق صفوف "جيل زد"؟.. استطلاعات رأي تجيب

  • مشاركة :
post-title
الشباب يدعمون ترامب رغم عشوائية الإدارة

القاهرة الإخبارية - نادر عيسى

رغم أن الشباب الأمريكيين كانوا يُعدّون لفترة طويلة من أكثر الفئات دعمًا للحزب الديمقراطي، إلّا أن استطلاعات الرأي الأخيرة في الولايات المتحدة تشير إلى تحوّل لافت، ألا وهو الدعم المتزايد من الشباب للرئيس دونالد ترامب في ولايته الثانية، رغم عشوائية قراراته.

هذا التحوّل، وفقًا لخبراء تحدّثوا لمجلة "نيوزويك" الأمريكية، لا يعود بالضرورة إلى تأييد قوي لسياسات ترامب، بقدر ما يعكس حالة من الإحباط العام لدى الشباب من الوضع الاقتصادي، وانعدام الثقة في المؤسسات السياسية، والقلق من المستقبل.

3 استطلاعات

عدة استطلاعات حديثة أظهرت ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة تأييد الشباب لترامب. ففي استطلاع أجرته شركة "جاي. إل" بالتعاون مع صحيفة "ديلي ميل" في منتصف مايو، أظهر أن تأييد ترامب لدى الفئة العمرية من 18 إلى 29 عامًا ارتفع بمقدار 6 نقاط، ليصل إلى 50%، بعد أن كان 44%.

أما استطلاعYouGov بالتعاون مع مجلة "ذا إيكونوميست"، فشهد زيادة أكبر في التأييد بين جيل "زد" – مواليد أواخر التسعينيات وبداية الألفية – حيث ارتفعت نسبة التأييد من 28% إلى 35% في أسبوع واحد، مع تراجع نسبة الرفض له بـ11 نقطة.

واستطلاع ثالث أجرته "إنسايدر أدفانتيدج" (InsiderAdvantage) بالتعاون مع "مجموعة ترافلجار" (Trafalgar Group) كشف أن 52% من الفئة العمرية 18–39 عامًا، التي تشمل أيضًا جيل الألفية، يوافقون على أداء ترامب، وهو ارتفاع طفيف لكنه مهم في سياق التوجّه العام.

إحباط اقتصادي

يرى المحللون أن هذا التوجّه لا يعني بالضرورة أن الشباب الأمريكي أصبحوا من أنصار ترامب، بل إن كثيرين منهم يشعرون بخيبة أمل من أداء الحزب الديمقراطي، خصوصًا في الملفات الاقتصادية.

ميليسا ديكمان، رئيسة معهد الأبحاث الدينية العامة(PRRI)، أوضحت أن جيل "زد" تحديدًا أقل ثقة في المؤسسات السياسية من كبار السن، وأضافت: "في ظل عجزهم عن تحمّل تكاليف الإيجار وسداد قروض التعليم، أصبح العامل الاقتصادي هو الحاسم في قرار التصويت لدى كثير من الشباب."

وما بين عامي 2020 و2024، ارتفعت أسعار الإيجارات في أمريكا بنسبة تُقدّر بـ22.6%، بحسب مكتب الإحصاء الأمريكي، فيما تشير بيانات موقع "زيلو" العقاري إلى أن بعض المناطق شهدت ارتفاعًا يصل إلى 43%. أما ديون التعليم الجامعي، فبلغت نحو 1.78 تريليون دولار في 2024، بزيادة 5.1% عن عام 2020.

الغضب من بايدن

ترامب استغل هذه الحالة في خطاباته السياسية، متهمًا الرئيس السابق جو بايدن بأنه "دمّر الاقتصاد"، مرجعًا التضخّم وغلاء المعيشة إلى سياسات الديمقراطيين.

وبحسب ميليسا ديكمان، فإن هذه الرسائل السياسية ساعدت في ترسيخ حالة من عدم الثقة في الحزب الديمقراطي لدى الشباب. ومنذ فوز ترامب بفترته الثانية، أظهرت استطلاعات متعددة أن شعبية الديمقراطيين بين الشباب في تراجع حاد.

استطلاع "هارفارد" السنوي أوضح أن تأييد الشباب للديمقراطيين في الكونغرس انخفض إلى 23% فقط، مقارنة بـ42% في عام 2017. كما وصف 70% من الشباب الديمقراطيين بأنهم "مبالغون في الحساسية السياسية"، و51% رأوا أنهم "نخبويون"، و54% شعروا بأنهم يهتمّون بقضايا الآخرين أكثر من قضايا الشباب.

حب ترامب ليس السبب

استطلاع أجرته جامعة "ييل" على عينة واسعة من الشباب أظهر ميلًا متزايدًا نحو الجمهوريين، خصوصًا بين من تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عامًا، الذين فضّلوا الجمهوريين بفارق 11.7 نقطة في انتخابات الكونغرس المقبلة.

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة "موناش" الأسترالية، لوكاس وولش، أشار إلى أن هذه التوجّهات تعكس "نفورًا من المؤسسات السياسية" أكثر من كونها دعمًا حقيقيًا لترامب، وقال: "ربما الصورة التي يرسمها ترامب عن كونه شخصًا خارقًا للتقاليد السياسية هي ما يجذب هؤلاء الشباب."

دور وسائل التواصل

من جانب آخر، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك ويوتيوب وإنستغرام، في تعزيز هذا التوجّه، خاصة بين الشباب الذكور. فهؤلاء يعتمدون على هذه المنصات كمصادر للأخبار، حيث يتم تضخيم المحتوى السلبي، مما يزيد من فقدان الثقة في السياسيين.

ترامب استغل هذه الظاهرة بحنكة، فشارك في برامج بودكاست مشهورة يتابعها ملايين من الشباب، أبرزها: The Joe Rogan Experience، Shawn Ryan Show، بودكاستTheo Von، وبرنامجLex Fridman، وهي برامج تستقطب جمهورًا من الذكور في العشرينيات والثلاثينيات.

ميليسا ديكمان وصفت هذا التحرّك بأنه "استراتيجي وذكي"، وقالت: "جيل زد يرفض الإعلام التقليدي، وكان من الحكمة أن يتوجّه ترامب إليهم مباشرة عبر المنصات الرقمية المؤثرة."

في المقابل، رفضت المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس الظهور في بودكاست جو روجان، وهو ما وصفه مراقبون بأنه "فرصة ضائعة" للتواصل مع فئة الشباب.

رغم هذا الدعم المتصاعد، لا يرى بعض الخبراء أنه دائم. ميليسا ديكمان قالت: "إذا أثّرت التعريفات الجمركية على الأسعار وبدأت شركات مثل وولمارت في رفع الأسعار، فمن المرجّح أن تتراجع شعبية ترامب مجددًا، حتى بين الشباب."