من الحقن البسيطة إلى روبوتات الجراحة، ألقت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بظلالها على مستقبل صناعة الأجهزة الطبية في الولايات المتحدة، إذ إنها تعتمد على عشرات الموردين من حول العالم، بما يعني أنها ستتأثر فعليا وفي النهاية ستتحمل تكلفتها على الأمريكيين أنفسهم.
وناشدت صناعة التكنولوجيا الطبية، مسؤولي إدارة ترامب وأعضاء الكونجرس إعفاء منتجاتهم، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن الأجهزة الطبية المتطورة، بما فيها تلك التي تُصنّعها الشركات الأمريكية، عُرضةً للخطر بشكل خاص، لأن العديد منها تحتوي على من مكونات من عشرات الموردين حول العالم.
ولفتت إلى أن أجهزة المسح الضوئي تُكلّف ملايين الدولارات، وهي مُتطورة للغاية لدرجة أن المستشفيات تُصدر بيانًا صحفيًا عند وصولها.
ويرى الخبراء أن الرسوم الجمركية واسعة للغاية ومتهورة، مؤكدين أن الجهاز الطبي ليس كالسيارة، بل هو شيء ضروري لسلامة الإنسان.
مع ذلك، يواصل الرئيس الأمريكي الترويج بقوة لحربه التجارية، واصفًا إياها بإستراتيجية لإعادة وظائف التصنيع إلى الولايات المتحدة، لكن في المقابل يرى أكثر من نصف الأمريكيين أن فرض الرسوم الجمركية كان له تأثير سلبي على وضعهم المالي، بحسب استطلاع للرأي أجرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية.
وقال 56% من البالغين في الولايات المتحدة، إن "ميزانية أسرهم كانت ستكون أفضل لو لم تُفرض رسوم ترامب الجمركية"، وتوقع 69% ارتفاع أسعار السلع اليومية بسببها.
بالإضافة إلى ذلك، قال 52% من المشاركين إن الفوائد الموعودة من الرسوم الجمركية لا تستحق التكاليف الاقتصادية التي تكبدتها الولايات المتحدة الأمريكية.
أُجري الاستطلاع في الفترة من 8 إلى 10 مايو على 2100 بالغ أمريكي، بنسبة خطأ 2.5 نقطة مئوية.
يأتي هذا التقييم بعد أن مثّلت سلسلة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في "يوم التحرير" أكبر إجراء حمائي أمريكي منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ما ساعد في دفع الضرائب الأمريكية على الواردات إلى أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من قرن.
وتسبب هذا الإجراء باضطرابات في الأسواق المالية ومخاوف جديدة بشأن احتمال انزلاق الولايات المتحدة إلى حالة ركود.
في 2 أبريل، وقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا بفرض رسوم جمركية "متبادلة" على الواردات من دول أخرى. معدلها الأساسي 10%، وفي 9 أبريل، طُبقت معدلات متزايدة على 57 دولة، لكن في نفس اليوم قرر ترامب تعليق تطبيق الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا، لأكثر من 75 دولة لم تتخذ إجراءات انتقامية.
وكتب ترامب، على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، إنه "أذن بتعليق لمدة 90 يومًا، وتخفيض كبير في التعريفات الجمركية المتبادلة خلال هذه الفترة، بنسبة 10٪، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ فورًا".
في غصون ذلك، أعلن ترامب أنه رفع معدلات التعريفات الجمركية على الصين إلى 125%، في تصعيد للإجراءات الانتقامية المتبادلة بين الجانبين.
وكتب: "بناءً على عدم احترام الصين للأسواق العالمية، أرفع بالتالي الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على الصين إلى 125%، بفعالية فورية".
كان من المقرر أن ينتهي التوقف في بداية يوليو. لكن يوم الجمعة، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على جميع السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي، اعتبارًا من 1 يونيو، معربًا عن استيائه من أن المفاوضات التجارية مع الاتحاد "لا تُحرز أي تقدم".