أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن مؤشرات المجاعة والانهيار الإنساني تتفاقم بوتيرة مرعبة، وتهدد حياة أكثر من 2.4 مليون إنسان مدني في غزة المنكوب، في ظل استمرار الإبادة الجماعية والعدوان والحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على القطاع.
وذكر المكتب في بيان عبر قناته الرسمية بتطبيق "تليجرام"، اليوم الاثنين، أن الوقائع الميدانية والانهيار المتسارع في مختلف القطاعات تُظهر أن الحد الأدنى المطلوب يوميًا؛ لوقف الانهيار يتمثل في إدخال 500 شاحنة مساعدات إغاثية وطبية وغذائية عاجلة، إلى جانب 50 شاحنة وقود لتشغيل المخابز والمستشفيات ومحطات ضخ المياه والصرف الصحي.
وأضاف: "إننا أمام كارثة إنسانية متكاملة الأركان، حيث توقفت عشرات المخابز عن العمل، وتخرج المستشفيات عن الخدمة تباعًا، فيما يُحرم السكان من أبسط مقومات الحياة، من غذاء وماء وكهرباء ودواء. ويتسبب هذا الخنق المتعمد في تفشي الجوع وسوء التغذية، خاصة في أوساط الأطفال والمرضى وكبار السن، في مشهد يعيد إلى الأذهان أقسى فصول الحصار والإبادة الجماعية في التاريخ الحديث".
التجويع سلاح الاحتلال
وأشار المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيانه، إلى أن هذا الوضع الكارثي ليس نتيجة كوارث طبيعية، بل هو نتيجة مباشرة لسياسات ممنهجة يتبعها الاحتلال، تستهدف المدنيين في معيشتهم وأجسادهم، في انتهاك فاضح لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي تجرّم استخدام الغذاء والدواء كأدوات حرب.
وأكد أن استمرار هذا الوضع الإنساني الخطير يُعد جريمة ضد الإنسانية بكل المعايير، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية، قائلًا: "التلكؤ في التحرك لإنقاذ المدنيين من المجاعة والموت البطيء يمثل وصمة عار في جبين العالم أجمع".
وأدان بأشد العبارات الإجرام الذي يمارسه الاحتلال بحق المدنيين من قتل وتشريد وتهجير وإبادة جماعية، مُحملًا الاحتلال والدول المنخرطة في الإبادة، المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه الجرائم وعن تداعيات وآثارها الخطيرة.
ودعا إلى تمكين المنظمات الأممية والدولية الإغاثية من العمل بحرية وأمان داخل قطاع غزة، دون انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو تجاوز للمعايير الإنسانية العالمية.
كما طالب بمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جريمة استخدام الحصار والتجويع كأداة من أدوات الإبادة الجماعية، مختتمًا: "إن صمت العالم لم يُعد مقبولًا، والوقت ينفد. فإما أن يتحرك المجتمع الدولي الآن لإنقاذ ما تبقى من أرواح المدنيين، أو أن يسجّل نفسه شريكًا في واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث".
الصحة العالمية تحذر
من جانبه، حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، اليوم الاثنين، من خطر المجاعة في قطاع غزة حيث يوجد "مليونا شخص يتضورون جوعًا" هناك.
وقال تيدروس أدهانوم جبرييسوس في افتتاح الاجتماع السنوي للدول الأعضاء في المنظمة في جنيف: "يتزايد خطر المجاعة في غزة بسبب المنع المتعمد لدخول المساعدات الإنسانية، بينما هناك أطنان من الطعام عالقة عند الحدود على بُعد دقائق فقط".
كانت إسرائيل استأنفت عملياتها العسكرية في قطاع غزة بتاريخ 18 مارس الماضي، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية قطرية أمريكية في 19 يناير 2025، في ظل عدم التفاهم بين الطرفين بشأن بدء المرحلة الثانية أو تمديد الاتفاق.
تعنت إسرائيلي
وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال تصريحات أوردتها إذاعة جيش الاحتلال، أن إسرائيل ستسمح بإدخال "كمية أساسية" من الغذاء إلى القطاع، بهدف تجنب المجاعة، زاعمًا أن هذه الخطوة ضرورية لاستكمال ما وصفه بـ"النصر" على حماس.
يأتي هذا الإعلان في ظل انتقادات دولية متزايدة، أقر على أثرها نتنياهو بأن قرار استئناف إدخال المساعدات جاء نتيجة ضغوط من حلفاء إسرائيل، الذين أعربوا عن قلقهم إزاء الوضع الإنساني المتدهور في غزة، خاصة مع انتشار صور المجاعة بين المدنيين.
وقد أشار إلى أن كمية المساعدات ستفي بـ"الحد الأدنى" المطلوب لمنع المجاعة، دون تحديد جدول زمني واضح لتنفيذ ذلك.
وتابع: "منذ بداية الحرب، قلنا إنه لتحقيق النصر وإطلاق سراح جميع المحتجزين، كان هناك شرط واحد.. ألا نصل إلى حالة من الجوع. لن يدعمونا ولن نتمكن من إكمال مهمة النصر".