في محاولة علمية جريئة، يعمل باحثون أستراليون على تسخير السم القاتل لعناكب "سيدني ذات الشبكة القمعية"، التي تعد من أخطر الأنواع عالميًا، لإنتاج مصل مضاد للسموم يُستخدم في إنقاذ الأرواح.
من المختبر إلى الميدان
وسط أدوات دقيقة وحذر بالغ، تمضي عالمة الأحياء البحرية إيما تيني ساعات يومها في مواجهة مباشرة مع هذه العناكب السامة داخل "غرفة حلب العناكب"، كما وصفتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
باستخدام ملقط وردي وماصة متصلة بخرطوم شفط، تُجري تيني عملية دقيقة لاستخراج كميات صغيرة من السم من أنياب العناكب، وهي عملية تتطلب خبرة وجرأة عالية.
تهديد مميت
عنكبوت سيدني القمعي لا يملك فقط واحدًا من أقوى السموم في عالم العناكب، بل يتميز بانتشاره في المناطق السكنية المزدحمة، ما يزيد من فرص مواجهته للبشر.
ووفقًا لـ"تيني"، فإن أسرع وفاة مُسجّلة بسبب لدغته تعود لطفل توفي بعد 13 دقيقة فقط. ومع ذلك، يمكن أن تُنقذ الإسعافات الأولية ومصل السموم الحياة إذا تم التدخل في الوقت المناسب.
برنامج وطني
منذ انطلاق برنامج مكافحة السموم التابع لحديقة الزواحف الأسترالية في عام 1981، لم تُسجل أي حالات وفاة ناتجة عن هذا النوع من العناكب، وهو إنجاز يعتمد إلى حد كبير على تعاون الجمهور.
يُشارك المواطنون الأستراليون بجمع العناكب أو أكياس بيضها وتسليمها في نقاط مخصصة، ليقوم فريق تيني بجمعها دوريًا في شاحنة صغيرة تجوب أرجاء سيدني.
تحذير مهم
رغم أهمية العناكب في البرنامج، تؤكد "تيني" أن فريقها لا يطلب من الناس تعريض أنفسهم للخطر، بل يكفي أن يحتجزوا العنكبوت بأمان ويسلموه إلى الجهات المختصة بدلًا من القضاء عليه.
ذكور العناكب
يتم فرز العناكب المُجمّعة حسب الجنس، حيث تُستخدم الذكور – التي تفوق الإناث سمّية بستة إلى سبعة أضعاف – في حلب السم كل أسبوعين، بينما تُخصّص الإناث لبرامج التكاثر بهدف الحفاظ على السلالة.
المهمة ليست سهلة
لإنتاج قارورة واحدة فقط من مصل مضاد السموم، يحتاج العلماء إلى حلب 200 عنكبوت، ما يُظهر مدى صعوبة العملية وأهميتها.
ورغم التركيز على العناكب، إلا أن حديقة الزواحف الأسترالية تؤدي دورًا أوسع، حيث تُنتج سم الثعابين أيضًا منذ خمسينيات القرن الماضي. وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن لدغات الثعابين تودي بحياة نحو 140 ألف شخص سنويًا، وتُسبب إعاقات لعدد أكبر بكثير.