قد يكون كلبك لطيفًا ومخلصًا وصديقًا حميمًا، لكن هل فكرت في يوم من الأيام أن رفقانا الأعزاء الذين يهزون ذيولهم ويستقبلوننا عند الباب يشكلون خطرًا بيئيًا خفيًا على نطاق لم يُفكر فيه سوى القليل.
ترسم دراسة من جامعة كيرتن الأسترالية صورةً مُقلقة لكيفية تسبب الكلاب الأليفة في أضرار بيئية واسعة النطاق، غالبًا ما تمر دون أن تُسلط عليها الأضواء في نقاشات الحفاظ على البيئة.
وفقًا لموقع "StudyFinds"، يرى العلماء أن الكلاب تتسبب بأضرار بيئية خفية، وكتب الباحثان بيل بيتمان ولورين جيلسون في مراجعتهما المُرسلة والمنشورة في مجلة "Pacific Conservation Biology"، إن "التأثير البيئي للكلاب المُملوكة أكبر بكثير، وأكثر خبثًا، وأكثر إثارة للقلق مما يُدركه الناس عمومًا".
بينما تواجه القطط البرية عادةً استهزاءً عامًا بسبب افتراسها للحياة البرية، تستحق تستحق الكلاب تدقيقًا مماثلًا، وفقًا للبحث.
يوجد أكثر من مليار كلب مملوك في جميع أنحاء العالم، ما يجعل الكلاب الأليفة أكثر آكلات اللحوم الكبيرة شيوعًا على هذا الكوكب، وتتراوح آثارها مجتمعة من القتل المباشر للحياة البرية إلى التلوث الكيميائي الناجم عن أدوية البراغيث.
لا يقدم الباحثون بيانات تجريبية جديدة، بل يجمعون بدلاً من ذلك الأبحاث الموجودة على عدة جبهات وهي هجمات الحياة البرية، واضطرابات السلوك، وتغيرات كيمياء التربة، وحتى البصمة الكربونية الهائلة لإنتاج أغذية الكلاب.
تسبب كلب أليف هارب (تم التعرف عليه من طوقه) في نفوق ما يُقدر بـ 500 طائر كيوي بني (طيور غير قادرة على الطيران موطنها نيوزيلندا) من أصل 900 طائر في غضون خمسة أسابيع فقط.
وفي ولاية تسمانيا الأسترالية، وثَّق الباحثون 887 حالة وفاة لطيور بطريق بسبب هجمات الكلاب بين عامي 1980 و2020، وهو ما كان كافيًا لانهيار مستعمرة بأكملها.
ويشير الباحثون إلى أن "السلوك المفترس المباشر قد يحدث حتى بالقرب من المنزل"، مستشهدين ببيانات إعادة تأهيل الحياة البرية التي تُظهر أن هجمات الكلاب تُمثل 9.2% من حالات الدخول، إذ يعاني الضحايا من أعلى معدلات الوفيات (72.7%).
وإلى جانب الهجمات الفعلية، يُسبب مجرد وجود كلب اضطرابًا في الحياة البرية، إذ تغادر الطيور التي تعشش على الشاطئ أعشاشها بنسبة تصل إلى 100% عند مرور الكلاب، مقارنةً بمعدلات أقل بكثير عند البشر وحدهم، وتعد هذه الحركة القسرية ليست مُزعجة فحسب، بل قد تكون قاتلة.
وتُظهر الدراسات أنه حتى الكلاب المقيّدة قلّلت بشكل كبير من وفرة الطيور وتنوعها في مناطق الغابات مقارنةً بالزوار البشر فقط.
أظهرت الغزلان والثدييات تجنّبًا أقوى عندما يكون البشر مع كلابهم، مقارنةً بالذين كانوا بمفردهم أو عند وجود حيوانات مفترسة برية مثل القيوط.
ووجد الباحثون أن "الكلب العادي يُنتج نحو 0.2 كجم من البراز و0.4 لتر من البول يوميًا؛ وعلى مدار 13 عامًا، يُنتج الكلب الواحد أكثر من 1000 كجم من البراز و2000 لتر من البول".
وتحمل هذه الفضلات طفيليات ومسببات أمراض تُصيب الحياة البرية والبشر على حد سواء.
كما يحمل علاج الكلاب الشهري للبراغيث مخاطره الخاصة، فعندما تدخل الكلاب البحيرات، تُغسل هذه المواد الكيميائية وتقتل اللافقاريات المائية.
ووجدت إحدى الدراسات أن ما يصل إلى 86% من دواء فيبرونيل، وهو دواء شائع للبراغيث والقراد، يُغسل بالماء ويبقى سامًا بتركيزات منخفضة للغاية.
ولعلّ أكثر ما يُثير الصدمة هو الأثر البيئي لما يُضاف إلى وعاء طعام كلبك، إذ تنتج أغذية الحيوانات الأليفة انبعاثات غازات دفيئة تُعادل ما تُصدره دول ضمن الأكثر انبعاثات عالميًا.
يشير الباحثون إلى أن إيجاد الحلول لن يكون سهلاً، فتوقع تخلي الناس عن كلابهم ليس واقعياً. ومع ذلك، حددوا مجالين رئيسيين يحتاجان إلى تحسين وهما تقليل العدد الإجمالي للكلاب حول العالم، وتغيير سلوك أصحابها.