الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"استراتيجية القنفذ".. كيف تستعد تايوان لمواجهة محتملة مع الصين؟

  • مشاركة :
post-title
المواجهة العسكرية المحتملة بين الصين وتايوان

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

استعدادًا لما يرون أنه احتمال وقوع غزو صيني بحلول عام 2027، شرع زعماء تايوان في إجراء إصلاح عاجل لدفاعات الجزيرة، من أجل "الصمود لفترة كافية حتى تأتي الولايات المتحدة لإنقاذهم"، حسب تعبير صحيفة "وول ستريت جورنال".

كثيرون يشككون في أن الجزيرة، التي تتمتع بالحكم الذاتي عن بكين، يمكن أن تكون جاهزة في غضون عامين فقط، نظرًا للتغييرات الجذرية التي تسعى إليها، حيث تريد تايوان التخلي عن تركيزها القديم على تجهيز الجزيرة لحرب تقليدية.

يلفت التقرير إلى أن تايبيه "تُسارع إلى بناء دفاعات جديدة غير متكافئة تهدف إلى جعل الجيش الصيني -الأكثر قوة- يُفكّر مليًا قبل الهجوم، وإذا لم يتحقق ذلك، فإنها تهدف إلى إلحاق ضرر كافٍ بالصين، بينما تسعى للحصول على مساعدة من واشنطن".

في الوقت نفسه، فإن السرعة التي تطور بها تايوان جيشها قد تحدد ما إذا كانت بكين ستقرر غزوها من عدمه، وما إذا كانت ستنجح في الاستيلاء على الجزيرة.

وتنقل الصحيفة عن مارك مونتجومري (لواء بحري متقاعد يعمل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن): "إنهم (التايوانيين) يُحسّنون جاهزيتهم العسكرية في جميع المجالات الثلاثة، السياسة، والمشتريات، والأفراد".

وأضاف: "لكن هذه عملية تستغرق خمس أو ست سنوات، وعليهم العمل على كل منها بأسرع ما يمكن".

وتشير "وول ستريت جورنال" إلى بعض الأدوات التي تستخدمها تايوان للكشف عن الغزو الصيني وردعه وصده.

الرادار والمسيّرات ومضادات الطائرات

من أجل رصد التهديدات الصاروخية من الصين، طوّرت تايوان أنظمة الإنذار المبكر بمساعدة من الولايات المتحدة.

ويُعّد نظام الرادار Pave Paws، المتمركز في جبال تايوان على ارتفاع نحو 8500 قدم فوق مستوى سطح البحر، قادر على اكتشاف التهديدات على مسافة تصل إلى ما يقرب من 3500 ميل.

كما تهدف الدفاعات الجوية، باستخدام تقنيات أمريكية الصنع ومحلية الصنع، إلى مواجهة تهديدات الصواريخ بعيدة المدى والطائرات والمروحيات والطائرات المسيّرة.

وتمتلك تايوان قاذفات صواريخ باتريوت، وتستعد لشراء نظام NASAMS أمريكي الصنع متوسط ​​المدى، إضافة إلى زيادة إنتاج الصواريخ، بما في ذلك سلسلة صواريخ Sky Bow.

كما تقوم تايوان بتخزين طائرات بدون طيار هجومية وصواريخ Javelin التي يمكن أن تكون مفيدة في ضرب الدبابات الصينية إذا تمكنت من تنفيذ عملية إنزال.

صواريخ وألغام مضادة للسفن

استثمرت تايوان في الصواريخ، بما في ذلك سلسلة Hsiung Feng الخاصة بها، لتتمكن من إيقاف عمليات الإنزال البرمائية وتدمير الأهداف البحرية.

وتمتلك البحرية التايوانية لواءين صاروخيين مضادين للسفن وعدة وحدات متنقلة، ومن الإضافات القادمة صاروخ كروز Harpoon للدفاع الساحلي الأمريكي الصنع، وهو جزء من صفقة أسلحة لعام 2020.

ومن الطرق الاقتصادية لجعل أي هجوم برمائي أكثر إيلامًا استخدام الألغام البحرية. ومنذ عام 2016، التزمت البحرية التايوانية بالاستثمار في آليات زرع الألغام القادرة على نشر المتفجرات بسرعة في الموانئ للمساعدة في ردع أي غزو.

نوع مختلف من الحرب

ينقل التقرير عن العديد من الخبراء العسكريين أن الصين ليست مستعدة بعد للتغلب على العقبات الجغرافية والعسكرية التي تحول دون غزوها.

ومع ذلك، أثارت التدريبات الصينية الأخيرة، التي تحاكي حصارًا للجزيرة، قلق تايوان، التي تخشى أن تكون هذه التدريبات مقدمة لهجوم.

في هذه الأثناء، يريد زعماء تايوان إظهار أنهم يبذلون ما يكفي من الجهد للرئيس دونالد ترامب لاستحقاق التدخل العسكري الأمريكي في حالة وقوع هجوم صيني، بعد أن قال إن تايوان بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد في الدفاع عن نفسها.

وفي وقت سابق، صرّحت وزارة الدفاع التايوانية بأن المساعدات العسكرية الأجنبية تُعدّ إحدى الوسائل العديدة التي تستخدمها لتسريع بناء قدراتها الدفاعية، وليست الخيار الوحيد. وأضافت: "إنها بلادنا، وسندافع عنها بأنفسنا".

الآن، يتمثل هدف تايوان في بناء طبقات من الدفاعات الساحلية لصد أي غزو برمائي. يتضمن ذلك تكديس أسلحة جديدة وتوسيع وتدريب جيش قادر على استخدامها.

كما تعمل البحرية التايوانية على إنشاء قيادة ساحلية، وهو ما يمثل تحولًا من التركيز على السيطرة على البحر إلى التركيز على صد الهجمات.

كل هذا ضمن نهج شامل يُعرف باسم "استراتيجية القنفذ"، حيث يتم إنشاء نقاط مقاومة في جميع أنحاء الجزيرة لردع وإلحاق الألم بخصم أكبر.

وفي مخطط دفاعي نُشر في مارس الماضي، كتب وزير الدفاع التايواني ويلينجتون كو: "من خلال هذا البناء العسكري القوي الذي يُستخدم من خلال أساليب غير متكافئة، ستتعلم (الصين) أن أي محاولة لغزو تايوان لن تنطوي على تكاليف باهظة فحسب، بل ستثبت أيضًا أنها غير مجدية".

درس أوكرانيا

تأثر نهج تايوان جزئيًا بنجاحات أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، حيث تخطط لشراء أكثر من 3200 طائرة بدون طيار من شركات محلية خلال خمس سنوات لتعزيز الإنتاج المحلي -على غرار شركات كييف المحلية المصنعة للطائرات بدون طيار- في صناعة تهيمن عليها الصين حاليًا. كما افتتح الجيش أكاديمية العام الماضي لتعليم الجنود كيفية تشغيلها.

من الدروس الأخرى المستفادة من أوكرانيا أن الأسلحة والذخائر قابلة للنفاد بسرعة، وجغرافية تايوان ستجعل إعادة الإمداد تحديًا إذا حاصرتها الصين.

قبل توليه منصبه الحالي، قال نائب وزير الخارجية تشين مينج تشي، في ديسمبر الماضي: "نحن بالتأكيد بحاجة إلى زيادة مخزوننا من الصواريخ المضادة للسفن والدفاع الجوي".

ومن أكبر العوائق التي تواجه الجيش التايواني مشكلةُ تعداده، فقد حددت هدفًا يتمثل في أن يبلغ تعداد جيشها نحو 215 ألف جندي، وهو عددٌ ضئيلٌ مقارنةً بقوة الصين البالغة مليوني جندي.

وبنهاية العام الماضي، لم تُشغَل سوى 78% من المناصب العسكرية في تايوان، وفقًا لوزارة الدفاع.

وبينما من الصعب استقطاب مجندين من جيل الشباب المتعلم الذي نشأ في عصر النمو الاقتصادي ونزع السلاح، يتقلص في الوقت نفسه حجم التجنيد الإجباري في تايوان، التي لديها أحد أدنى معدلات المواليد في العالم.

وتضاعفت مدة الخدمة العسكرية الإلزامية ثلاث مرات العام الماضي لتصل إلى 12 شهرًا، ولجعل التجنيد أكثر جاذبية، رفع الجيش الرواتب بنسبة 3%، أي ما يصل إلى 400 دولار شهريًا، كما أُعيد توجيه التدريب بما يتماشى مع التغيرات الاستراتيجية.

وتجري الآن حملة تجنيد، حيث يتم وضع إعلانات على الحافلات التي تمر عبر قلب تايبيه تظهر ثلاثة طلاب يرتدون الزي العسكري مع شعار: "حماية الوطن، وخلق حياة غير عادية"؛ حيث يسعى الجيش إلى تطوير قواته الاحتياطية، وخاصة من خلال تحسين قدرته على تعبئة قوات الاحتياط بسرعة.