الضربات الجوية المتبادلة بين الهند وباكستان، تلقي بظلالها على الجهود الدبلوماسية الدولية لاحتواء خطر اندلاع حرب شاملة بين الجارتين النوويتين.
وواصلت الهند شن هجمات بطائرات مسيرة على باكستان في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، وفقًا لمصدر حكومي باكستاني رفيع المستوى، الذي قال إنه تم إسقاط طائرة واحدة على الأقل.
وفي وقت سابق اليوم الجمعة، أعلن الجيش الهندي، أنه صد هجمات متعددة من طائرات مسيرة باكستانية و"ذخائر أخرى" على طول حدودهما المشتركة خلال الليل، وحذر من أنه سيرد بقوة على "جميع المخططات الخبيثة".
وتبادلت الهند وباكستان الاتهامات مرارًا وتكرارًا بشن هجمات جوية منذ تصاعد الصراع بينهما، يوم الأربعاء الماضي.
وبعد يوم من العنف يوم الأربعاء، بدأ بغارات جوية هندية، ومزاعم باكستانية بإسقاط طائرات، وتقارير عن عشرات القتلى من كل جانب، حث قادة العالم، بمن فيهم الولايات المتحدة، الجانبين على ضبط النفس مع تصاعد التوترات بينهما.
وأجرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اتصالًا هاتفيًا مع وزير الخارجية الهندي ورئيس الوزراء الباكستاني، أمس الخميس. وأعرب عن دعم الولايات المتحدة "للحوار المباشر" بين الهند وباكستان، وشجع على مواصلة الجهود لتحسين الاتصالات، وفقا لبيانات وزارة الخارجية الأمريكية حول الاتصالات، والتي أفادت بأنه لم يُجرَ حتى الآن أي اتصال مباشر بين باكستان والهند، مضيفًا أن "قنوات غير مباشرة" تنقل المعلومات بينهما.
لكن مسؤولين باكستانيين صرحوا بأن مسؤولين أمنيين من كلا البلدين أجروا اتصالات أولية لإعادة فتح قنوات الاتصال، وفق صحيفة" نيويورك تايمز" الأمريكية.
وذكرت الصحيفة، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعرب عن استعداده للمساعدة أيضا، في حين قال مسؤولون أمريكيون إنهم يتواصلون مع قيادات كل من الهند وباكستان للسعي إلى حل سلمي.
ولفتت الصحيفة إلى سلسلة من الاجتماعات الدبلوماسية جرت في نيودلهي وإسلام آباد. وحضر اجتماعات في نيودلهي كبار الدبلوماسيين من إيران والمملكة العربية السعودية، وهما فاعلان إقليميان محوريان تربطهما علاقات وثيقة بكلا البلدين المتحاربين.
وانفصلت الهند وباكستان عن بعضهما البعض في نهاية الحكم الاستعماري البريطاني عام 1947، وخاضتا عدة حروب، وكانت نقطة الاشتعال الرئيسية هي المطالبات المتنازع عليها بشأن منطقة كشمير الواقعة في جبال الهيمالايا، والتي تم تقسيمها بينهما.
وجاء التصعيد الأخير بعد هجوم إرهابي مروع على الجانب الهندي من كشمير الشهر الماضي، أسفر عن مقتل 26 مدنيًا. واتهمت الهند باكستان بالوقوف وراء الهجوم، وتوعدت بالرد العسكري. ونفت باكستان هذه الاتهامات، وحذرت من أنها سترد بالمثل إذا تعرضت لهجوم.
وكان الجهد الدبلوماسي هذا الأسبوع يرتكز على الأمل في إمكانية احتواء أعنف الاشتباكات العسكرية في إطار الإجراءات التي وقعت في وقت مبكر من يوم الأربعاء.
وصرح مسؤولون باكستانيون بأن مستشاري الأمن القومي في كلا البلدين تواصلوا بعد الضربات الأولى يوم الأربعاء. وكان وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار، أول من أشار إلى هذا التواصل في مقابلة مع قناة "تي آر تي" الإخبارية. وأكد مسؤول ثان هذا التواصل، لكنه قال إنه كان غير مباشر، مما يشير إلى وجود وسطاء.
ومع ذلك، كان من الواضح في كلتا العاصمتين أن خطر التصعيد لم ينته بعد. في نيودلهي، أطلعت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ممثلي أحزاب المعارضة على العمل العسكري الهندي، وأصدرت جميع الشخصيات السياسية بيانا داعما لتحرك الحكومة. وقال وزير الشؤون البرلمانية الهندي كيرين ريجيجو بعد الاجتماع "هذه عملية مستمرة".
وفي بداية اجتماعه مع نظيره الإيراني، قال وزير الخارجية الهندي س. جايشانكار، إن تصرفات بلاده ضد باكستان كانت "مستهدفة ومدروسة". وقال: "لا ننوي تصعيد الوضع. ومع ذلك، إذا تعرضنا لهجمات عسكرية، فلا شك في أنها ستُقابل برد حازم للغاية".
في باكستان، أظهرت قيادة البلاد جبهة موحدة. وتصدرت صور جنازة أُقيمت، الأربعاء الماضي، لصبي في السابعة من عمره قتل في الغارات الهندية، الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي. وحضر الجنازة كبار القادة الباكستانيين، بمن فيهم رئيس الوزراء والرئيس وقائد الجيش.
وبعد الجنازة، أدان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، تصرفات الهند ووصفها بأنها "جبن" وتعهد بالرد عليها "بإجراء حاسم".
وصرح مصدر حكومي باكستاني رفيع المستوى لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، بأن باكستان لا ترغب في الرد على هجوم الهند حتى يلجأ حلفاؤها إلى الدبلوماسية، في الوقت الذي تتواصل فيه الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ودول أخرى مع الجانبين لتهدئة التوترات.
وأضاف المصدر نافيًا، أن تكون باكستان قد وجهت ضربة للهند، أن "باكستان تفسح المجال للدبلوماسية".
وفي وقت سابق، صرح مسؤولون هنود بأن باكستان أطلقت صواريخ وطائرات مسيرة على مواقع عسكرية في الهند والشطر الخاضع لإدارة الهند من كشمير.
وأمس الخميس، اتهم الجيش الباكستاني الهند بإثارة "ضجة إعلامية" حول هجوم باكستاني على 15 موقعًا في الهند والشطر الخاضع لإدارة الهند من كشمير. وصرح المتحدث باسم الجيش، أحمد شريف شودري، للصحفيين: "إنها قصة خيالية ومختلقة. لا يسع المرء إلا أن يضحك عليها".