وسط الأزمة العسكرية الخطيرة بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، وتبادل الاتهامات والردود المتسارعة، طفت على السطح هذه المرة بصمة إسرائيلية واضحة في قلب المعركة، فبينما تحلق طائرات مُسيّرة فوق سماء باكستان، يعلو صوت إسرائيلي في نيودلهي مؤيدًا حق الرد، مُلمحًا إلى تقاطعات مع أحداث السابع من أكتوبر.
تكنولوجيا إسرائيلية في مرمى النار
وأفادت وسائل الإعلام الباكستانية، أمس الخميس، بإسقاط 25 طائرة مُسيّرة قالت إنها هندية، لكنها أكدت أن الطائرات في الأصل إسرائيلية الصنع، ونشرت صورًا تؤكد فيها أنها توثق بقايا هذه الطائرات داخل ما وصفته بـ"منطقة بركان الصناعية" في إسرائيل.
وحسب صحيفة معاريف الإسرائيلية، فإن الطائرات المسيرة التي أُشير إليها هي من طراز "هاروب"، والتي تنتجها شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وتُعد هذه الطائرة واحدة من أخطر الأدوات الفتاكة في ساحات القتال الحديثة، إذ تحمل رأسًا حربيًا يزن 23 كيلوجرامًا، وتستطيع الطيران لمسافة تزيد على 200 كيلومتر، ولفترة تصل إلى 6 ساعات متواصلة.
المتحدث باسم الجيش الباكستاني، اللواء أحمد شريف شودري، صرّح بأن الهند أرسلت هذه الطائرات إلى عدة مناطق داخل الأراضي الباكستانية، منها لاهور وكراتشي، وأن "الطائرات الهندية المسيّرة تستمر في اختراق الأجواء الباكستانية"، مضيفًا أن بلاده "ستجعل الهند تدفع ثمنًا باهظًا لهذا العدوان السافر".
هجوم يشعل الرد الهندي
تأتي هذه التطورات في سياق تصاعد التوتر بين البلدين، عقب هجوم دموي وقع داخل الهند، وأسفر عن مقتل 26 شخصًا، وحملت الحكومة الهندية باكستان المسؤولية عن هذا الهجوم، فيما نفت إسلام أباد ضلوعها ودعت إلى فتح تحقيق دولي في الحادث.
وبعد وقت قصير من الهجوم، نفّذت القوات الهندية ضربات جوية استهدفت ما وصفته بأنه مواقع "إرهابية" داخل الأراضي الباكستانية، بينما أكدت إسلام أباد أنها كانت أهدافًا مدنية، وأضافت أنها أسقطت 5 طائرات حربية هندية، ردًا على هذا الهجوم، فيما أكدت الهند في المقابل أن الأسلحة المستخدمة صُممت خصيصًا لتقليل الأضرار الجانبية وتجنب استهداف المدنيين.
إسرائيل تشبه الهجوم بـ7 أكتوبر
وسط هذا التصعيد، برز الدور الإسرائيلي بشكل صريح، فلم تكتفِ تل أبيب ببيع تقنياتها العسكرية، بل عبّرت رسميًا عن دعمها الكامل للهند، مؤكدة "حقها في الدفاع عن النفس"، إذ أدلى رؤوفين عيزر، سفير إسرائيل في الهند، بتصريحات لوسائل إعلام هندية أمس، قال فيها: "تدعم إسرائيل حق الهند في الدفاع عن نفسها.. يجب أن يعلم الإرهابيون أنه لا مكان لهم للاختباء من جرائمهم المروعة ضد الأبرياء"، حسب "معاريف".
وفي مقابلة متلفزة، شبّه السفير الهجوم الذي شهدته منطقة فالهالا في الهند بهجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حركة "حماس" ضد إسرائيل، قائلًا: "الهجوم يُشبه من حيث شدته هجوم 7 أكتوبر، لا خيار أمام الديمقراطيات سوى التحرك لمواجهة مثل هذه التهديدات الخطيرة لأمنها.. لقد مارست الهند حقها في الدفاع عن نفسها، ونحن على ثقة بأنها تقوم بذلك بمسؤولية تامة لحماية مواطنيها".
بصمات إسرائيلية في صراع نووي
تكشف هذه التصريحات عن تحول دراماتيكي في المشهد الإقليمي جنوب آسيا، حيث تبرز إسرائيل كلاعب عسكري وسياسي مؤثر في صراع تقليدي طالما اتسم بطابعه الثنائي الهندي-الباكستاني.
وفي حين ترى الهند في إسرائيل حليفًا إستراتيجيًا يمكن الوثوق به في معركتها ضد باكستان، ينظر كثيرون إلى هذا الانخراط الإسرائيلي بقلق بالغ، نظرًا لما يحمله من احتمالات تدويل صراع نووي الطابع، في واحدة من أكثر المناطق حساسية على الخارطة الجيوسياسية.