الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

سباق التسلح بين الهند وباكستان.. هل تتجه الجارتان النوويتان لحرب شاملة؟

  • مشاركة :
post-title
الهند وباكستان

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

في جنوب آسيا، لا تقتصر المواجهة العسكرية المحتملة بين الهند وباكستان على التوترات الثنائية فحسب، بل أصبحت اليوم مرآةً للتنافس العالمي بين الولايات المتحدة والصين، خاصة فيما يتعلق بصفقات السلاح والدعم العسكري. وبالنظر إلى أن الدولتين تمتلكان أسلحة نووية فإن أي خطأ سيؤدى إلى انزلاق العالم نحو حافة الهاوية تنذر بحرب عالمية ثالثة.

الهند وأمريكا.. تحالف التكنولوجيا

على مدار العقود الماضية، كانت الهند تعتمد بشكل شبه حصري على روسيا في شراء السلاح، حيث شكّلت المعدات الروسية نحو 80% من وارداتها العسكرية بين 2006 و2010. لكن خلال السنوات الأربع الماضية، انخفضت هذه النسبة إلى 38% فقط، في حين صعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون مثل فرنسا وإسرائيل لتصبح المورد الرئيسي للهند، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

واستطاعت الهند بناء شراكة دفاعية استراتيجية مع الولايات المتحدة تجاوزت قيمتها 20 مليار دولار. لم تعد نيودلهي تعتمد على روسيا كمورد أساسي كما في الماضي، بل تنوعت وارداتها لتشمل منصات أمريكية متقدمة مثل طائرات C-130J، وC-17، ومروحيات أباتشي وشينوك، وطائرات الدورية البحرية P8I، بحسب بيان صدر عن السفارة الهندية في واشنطن.

ولتعزيز هذا التعاون، فعّلت الهند والولايات المتحدة سلسلة من الاتفاقيات، منها اتفاقية التبادل اللوجستي (2016)، واتفاقية توافق الاتصالات والأمن (2018)، واتفاقية الأمن الصناعي (2019)، واتفاقية التعاون الأساسية (2020). كل هذه الأطر القانونية فتحت الباب لمشاريع مشتركة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وفقًا للصحيفة. 

وفي خطوة لافتة، أُطلقت منظومة INDUS X، وهي شبكة تجمع الجامعات والشركات ومراكز الأبحاث في البلدين لتعزيز الابتكار العسكري المشترك. شهدت هذه المنظومة نشاطًا مكثفًا، حيث عقدت قمتها الثانية في نيودلهي في فبراير 2024، مما يعكس التصميم على بناء شراكة دفاعية تكنولوجية متقدمة.

الصين وباكستان.. شراكة بلا حدود

في المقابل، تقول الصحيفة الأمريكية، إن باكستان في السابق كانت حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة، حيث استحوذت على دعم عسكري هائل خاصة خلال الحرب الأمريكية على أفغانستان. غير أن أهمية إسلام أباد الاستراتيجية بالنسبة لواشنطن تراجعت بعد الانسحاب الأمريكي من كابول، فتحولت إسلام آباد تدريجيًا إلى بكين التي أصبحت، وفق معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، مصدرًا لنحو 80% من واردات السلاح الباكستانية خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، لم تكتفِ بكين بتصدير السلاح، بل ساهمت في إنشاء مصانع ذخيرة، وتقديم الدعم التقني، وتحديث المنشآت العسكرية الباكستانية. ولم يكن التعاون تقليديًا فقط؛ فالصين وباكستان دخلتا في شراكات استراتيجية لتطوير أسلحة متقدمة مثل المقاتلة JF-17 Thunder وطائرة التدريب المتقدمة K-8 Karakorum، بل وحتى دبابات الخالد المبنية بتصميمات صينية مخصصة.

وفي السباق الأخير على تحديث سلاح الجو الباكستاني، تفوقت المقاتلة الصينية Chengdu J-10C على نظيرتها الأمريكية المتطورة F-16 Block 52/60، بفضل تقنيات حديثة مثل الرادار المتطور، ونظام الاستهداف OLS، وتقنيات التخفي من الجيل الجديد. كل ذلك جعل من الجيش الباكستاني قوة أكثر صلابة لمواجهة خصمه التقليدي: الهند، وفقًا لـ"نيويوك تايمز". 

الأخطاء ممنوعة

تجربة الصدام الجوي في عام 2019، حين أسقطت باكستان طائرة هندية من طراز ميج-21 باستخدام مقاتلة F-16 أمريكية الصنع، كشفت مدى هشاشة الموقف. فالخطأ في التقدير أو تجاوز الأوامر في مثل هذه البيئة المشحونة قد يؤدي إلى تصعيد كارثي، لا سيما في ظل وجود أسلحة نووية لدى الطرفين، بحسب "نيويورك تايمز".

وتؤكد ليندسي فورد، المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع الأمريكية، أن مجرد حصول اشتباك محدود يشبه ما حدث في 2019 يحمل مخاطر تصعيد هائلة. ومع تنامي النزعة القومية في البلدين، يصبح احتمال الانزلاق إلى مواجهة شاملة أمرًا واقعيًا ومقلقًا للغاية.

في خضم هذه المعادلة المعقدة، استغلت الولايات المتحدة الهند كشريك في مواجهة الصين، بينما عززت الصين استثماراتها في دعم باكستان ورعايتها مع تزايد تقارب الهند مع الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تدهورت العلاقات بين الهند والصين في السنوات الأخيرة بسبب المطالبات الإقليمية المتنافسة، مع اندلاع اشتباكات بين الجيشين في بعض الأحيان. ووصلت العلاقات بين أكبر قوتين في العالم، الولايات المتحدة والصين، إلى أدنى مستوياتها مع شن الرئيس دونالد ترامب حربًا تجارية ضد بكين.

وبالتالي، ترى "نيويورك تايمز"، أن هذا المزيج القابل للاشتعال يُظهر مدى تعقيد وفوضى التحالفات مع تفكك النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية. يتفاقم هذا التقلب بسبب تاريخ جنوب آسيا الحافل بالمواجهات العسكرية المتكررة، حيث تكون القوات المسلحة على كلا الجانبين عرضة لارتكاب الأخطاء، مما يزيد من خطر خروج التصعيد عن السيطرة.