كشفت صحيفة "التليجراف" البريطانية، أن حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر تجري استعدادات سرية لمواجهة احتمالية شن روسيا هجومًا عسكريًا مباشرًا على المملكة المتحدة، وبحسب المصادر التي اطلعت عليها الصحيفة، تلقى المسؤولون البريطانيون تعليمات بتحديث خطط طوارئ يعود تاريخها إلى عشرين عامًا، من شأنها وضع البلاد في حالة تأهب قصوى للحرب.
كيفية استجابة الحكومة
وأشارت الصحيفة، إلى أنه يجري إعداد ملف سري يحدد كيفية استجابة الحكومة البريطانية في حال إعلان الحرب، ويشمل تجهيز ملاجئ محصّنة لحماية أعضاء مجلس الوزراء والعائلة الملكية، وخطط لبث إعلانات الخدمة العامة، وتخزين الموارد الأساسية، كما ستتضمن "خطة الدفاع عن الوطن" استراتيجية للأيام التي تلي مباشرة أي هجوم على الأراضي البريطانية.
مخاوف
يخشى الوزراء البريطانيون، حسبما أفادت "التليجراف"، من أن المملكة لن تكون متفوقة عسكريًا فقط أمام روسيا وحلفائها في ساحة المعركة، بل ستكون أيضًا غير مستعدة وضعيفة الدفاعات على أرضها.
وهددت موسكو مرارًا المملكة المتحدة بهجوم مباشر بسبب دعمها لأوكرانيا، الذي قد يشمل قريبًا نشر قوات بريطانية على الأرض الأوكرانية.
وكشف مسؤول رفيع في سلاح الجو الملكي البريطاني الشهر الماضي أنه لو حدثت الليلة الأولى من الصراع الأوكراني في المملكة المتحدة، لكانت الصواريخ الروسية قد اخترقت الدفاعات البريطانية ودمّرت أهدافًا في البنية التحتية، وفقًا للصحيفة.
يُذكر أن روسيا والصين وإيران تداوم على تطوير صواريخ فرط صوتية يمكن أن تسير بسرعة تصل إلى 10 أضعاف سرعة الصوت وتتجنب الدفاعات بسهولة أكبر من الصواريخ الباليستية التقليدية.
حماية البنية التحتية
وحذّر خبراء، لصحيفة "التليجراف"، من أن المملكة المتحدة معرّضة لهجمات على بنيتها التحتية الوطنية الحساسة، بما في ذلك محطات الغاز والكابلات البحرية ومحطات الطاقة النووية ومراكز النقل.
ويشعر المسؤولون البريطانيون بقلق خاص بشأن محطات الغاز ومحطات الطاقة النووية الخمس النشطة في البلاد، التي يمكن أن تُطلق مواد مشعة في جميع أنحاء البلاد وتسبب "آثارًا أمنية وصحية وبيئية واقتصادية كبيرة وطويلة الأمد" إذا تعرضت للهجوم، وفقًا لتقييم أجراه "وايت هول".
وللمرة الأولى، ستتناول خطة الطوارئ الجديدة مسألة الحرب السيبرانية، التي وصفها رؤساء أجهزة المخابرات بأنها أحد أخطر التهديدات التي تواجه المملكة المتحدة. وقد صرّح كين ماكالوم، مدير جهاز MI5، في أكتوبر الماضي، بأن عدد تهديدات الدول التي يحقق فيها الجهاز زاد بنسبة 48% في عام واحد، وأن روسيا زادت من هجماتها الإلكترونية بسبب الحرب في أوكرانيا.
تقييم المخاطر
أجرى مكتب مجلس الوزراء البريطاني بالفعل نموذجًا لسيناريو تقوم فيه دولة معادية بإطلاق صواريخ وشن هجمات إلكترونية على البنية التحتية الوطنية في وقت واحد، حسبما أوردت الصحيفة.
وخلص تقييم للمخاطر، نُشر في يناير الماضي، إلى أن هجومًا ناجحًا "من المرجّح أن يؤدي إلى وقوع ضحايا مدنيين وكذلك أفراد من خدمات الطوارئ"، وأن يتسبب في أضرار اقتصادية خطيرة وتعطيل الخدمات الأساسية.
ونقلت "التليجراف" عن مصادرها أن الحكومة أعدت نماذج لاحتمالية وتأثيرات هجوم بصواريخ نووية على المملكة المتحدة، لكن الاستنتاجات الرسمية لهذه المراجعة "لا تزال سرية".
استراتيجيات الحرب الباردة
تستند الخطة الجديدة التي كشفت عنها "التليجراف" إلى "كتاب الحرب"، وهو ملف سري من فترة الحرب الباردة يتضمن تعليمات حول كيفية استجابة الحكومة لهجوم نووي، الذي تم نشره لاحقًا في الأرشيف الوطني البريطاني.
وتضمن كتاب الحرب خططًا لإجلاء رئيس الوزراء وأعضاء رئيسيين في مجلس الوزراء إلى ملجأ في كوتسوولدز في حال تعرضت لندن للقصف.
كما كانت الملكة إليزابيث الثانية ستهرب إلى بر الأمان على متن اليخت الملكي.
وبموجب الخطة نفسها، كان سيتم تقسيم بريطانيا إلى 12 منطقة، تحت إدارة وزراء في الحكومة وكبار الضباط العسكريين ورؤساء الشرطة والقضاة المتمتعين بسلطات خاصة. وفي بعض السيناريوهات، كان سيتم تخزين الطعام ومواد البناء وتقنينها.
كانت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ستتلقى تعليمات ببث إعلانات خدمة عامة حول كيفية الاحتماء من الصواريخ، وكان سيتم نقل أهم الأعمال الفنية في البلاد من لندن إلى إسكتلندا للحفاظ عليها.
استمرار التهديدات
وفقاً لـ"التليجراف"، فإن التهديدات الروسية ضد المملكة المتحدة استمرت رغم خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في أوكرانيا، وفي الشهر الماضي، صنّف الوزراء البريطانيون روسيا رسميًا كتهديد للأمن القومي للمرة الأولى.
وفي تعليق رسمي، نقلت الصحيفة عن متحدث باسم الحكومة البريطانية قوله: "لدى المملكة المتحدة خطط قوية لمجموعة من حالات الطوارئ المحتملة تم تطويرها واختبارها على مدى سنوات عديدة".