الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رغم ضغوط الحرب التجارية.. فرنسا تواصل صمودها في رفض اتفاقية "ميركوسور"

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

لا تزال فرنسا صامدة في موقفها الرافض لاتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول اتحاد "ميركوسور"، رغم الضغوط المتزايدة من بروكسل وبرلين والحاجة الملحة لإيجاد أسواق بديلة في ظل الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرضه أعلى رسوم جمركية منذ قرن على المنتجات الأوروبية.

و"ميركوسور" هو اتحاد تجاري إقليمي تأسس عام 1991، ويضم في عضويته الأرجنتين والبرازيل والأوروجواي وباراجواي، بينما تشارك فنزويلا كعضو معلق العضوية.

ووفقًا لـ"بوليتيكو"، تهدف اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي و"ميركوسور"، التي استغرقت مفاوضاتها أكثر من 20 عامًا، إلى إنشاء سوق مشتركة تضم نحو 800 مليون مستهلك من خلال إلغاء معظم الرسوم الجمركية، وتسهيل انسياب السلع والخدمات بين التكتلين، وتم التوصل إلى اتفاق مبدئي في ديسمبر الماضي، خلال قمة عقدت في مونتيفيديو عاصمة الأوروجواي.

صراع المواقف الأوروبية

وأشارت "بوليتيكو" إلى تصريح مثير للجدل أدلى به المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرز، منتصف أبريل الماضي، أكد فيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غيّر موقفه وأصبح "يميل الآن إلى المصادقة على اتفاقية ميركوسور"، إلا أن السلطات الفرنسية سارعت إلى نفي هذه المزاعم بشكل قاطع، وأكد مسؤول في وزارة الخارجية الفرنسية أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة "لا تغير شيئًا" من موقف باريس.

وأوضح مصدر رفيع في قصر الإليزيه، طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريحات لـ"بوليتيكو"، أن "فرنسا لم تغير موقفها من ميركوسور"، مشددًا على أن "محتوى الاتفاقية لم يتغير، خاصة فيما يتعلق بغياب الحماية الفعالة للقطاعات الزراعية الحساسة، ما يجعل الاتفاق غير مقبول في شكله الحالي".

شروط باريس

تعتبر فرنسا، المعارض الأشد في الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاقية مع دول ميركوسور، التي تضم قوى زراعية كبرى مثل الأرجنتين والبرازيل، إذ تخشى أن يؤدي تدفق واردات اللحوم البقرية والمنتجات الغذائية الأخرى إلى إضعاف المزارعين الفرنسيين، الذين يشكلون لوبي سياسيًا قوي في البلا، وفق "بوليتيكو".

وصرح لوران سان مارتان، وزير التجارة الخارجية الفرنسي، لمجلة "بوليتيكو"، بأن باريس لن تدعم الاتفاقية إلا إذا تضمنت بنودًا تفرض على الصادرات من أمريكا الجنوبية الالتزام بنفس معايير الإنتاج المطبقة على مزارعي الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب أحدثت "صحوة بشأن الاتفاقيات التجارية"، مشيرًا إلى أن المفوضية الأوروبية لا تزال تملك الوقت لتعديل الاتفاقية وجعلها أكثر قبولًا لفرنسا.

ضغوط واستياء

يثير الموقف الفرنسي المتشدد استياء مؤيدي التجارة الحرة في الاتحاد الأوروبي، الذين يرون، كما تشير "بوليتيكو"، موضحة أن اتفاقية تعزز صادرات المنتجات المصنعة إلى أمريكا الجنوبية هي بالضبط ما يحتاجه الاتحاد الأوروبي في وقت يبحث فيه عن شركاء تجاريين لتعويض فقدان السوق الأمريكية بسبب السياسات الحمائية، إذ إن الاتفاقية ستنشئ سوقًا مشتركة تضم قرابة 800 مليون شخص من خلال إلغاء معظم الرسوم الجمركية.

داخل فرنسا نفسها، تتزايد ضغوط القطاع الصناعي على الحكومة للموافقة على الاتفاقية، وصرح فابريس لو ساشيه، نائب رئيس منظمة أرباب العمل الفرنسية (MEDEF)، بأن الحكومة بدأت موقفها يلين بالفعل، مضيفاً أن "السياق الدولي يدعو إلى التسريع أكثر".

مستقبل غامض

تواجه فرنسا معركة صعبة في رفضها للاتفاقية، إذ تحتاج إلى تشكيل أقلية معطِّلة "أربع دول على الأقل تمثل 35% من سكان الاتحاد" لوقف التصويت المتوقع في الخريف المقبل.

وتعقيدًا للموقف الفرنسي، أشارت "بوليتيكو" إلى أن حلفاء محتملين مثل إيطاليا والنمسا تعهدوا الآن بدعم الاتفاقية.

وتتفق إلفير فابري، الخبيرة في التجارة الدولية بمعهد جاك ديلور، مع هذا التقييم، قائلة إن "فرنسا لا يمكنها القيام بانعطاف كامل بـ180 درجة دون الحصول على بعض التنازلات لتطوير النقاش العام في فرنسا".

من جهته، اعترف أرنو روسو، رئيس الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين (FNSEA)، في تصريحات لـ"بوليتيكو"، بأن تشكيل أقلية معطلة "قد يكون صعبًا"، لكنه علق آماله على البرلمان الأوروبي الذي سيكون له أيضًا كلمة في التصديق على الاتفاقية.

وختم بالقول: "بصراحة، إذا ذهبت فون دير لاين للتصويت وخسرت، فستكون نهاية ولايتها"، في إشارة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية التي تدفع بقوة نحو إقرار الاتفاقية.