الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بين نسختيه 1.0 و2.0.. جيل "زد" المنقسم سيكون الأكثر يمينية في تاريخ أمريكا

  • مشاركة :
post-title
شباب من جيل زد يدعمون ترامب

القاهرة الإخبارية - نادر عيسى

يسود المعتقد أن الشباب الأصغر سنًا أميل إلى التحرر وتوجيه الانتقاد والمعارضة، لكن أحدث استطلاع رأي أجرته جامعة "ييل" الأمريكية بين أوساط الشباب من "جيل زد" أثبت عكس ذلك تمامًا، بل أحدث صدمة واسعة، بعد أن كشف عن انقسام سياسي واضح بين فئاته العمرية.

وجيل "زد" بحسب تعريف القائمين على استطلاع الرأي هم أولئك الذين ولدوا بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من الألفية الجديدة.

وفي استطلاع لنية التصويت في الانتخابات الأمريكية المقبلة في 2026، أظهرت النتائج أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عامًا يميلون لصالح الجمهوريين بفارق يقارب 12 نقطة مئوية، في حين أن الفئة الأكبر سنًا من الجيل نفسه (22-29 عامًا) فضّلت الديمقراطيين بهامش ست نقاط.

وبحسب "فوربس" فإن جيل زد قد يصبح أحد أكثر الأجيال محافظة، في تاريخ أمريكا، بحسب ما أظهرته بيانات، وهو ما يفسر سبب خسارة الديمقراطيين في عام 2024.

النتائج فاجأت المراقبين، لأنها تناقض الانطباع السائد بأن الأجيال الشابة تميل دائمًا نحو المواقف الليبرالية. على العكس، يبدو أن أصغر أفراد "جيل زد" يميلون أكثر نحو المحافظين.

ووفقًا للاستطلاع، فإن هذه الفئة أقل دعمًا لمشاركة الرياضيين المتحولين جنسيًا في المسابقات، وأقل تأييدًا لتقديم المساعدات لأوكرانيا، وأكثر قبولًا بالرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب. حيث أبدى 51% من الفئة العمرية 18-21 تأييدهم لترامب، مقارنة بـ46% فقط من الفئة العمرية 22-29.

هذا الانقسام ليس مفاجئًا بالكامل، بل يؤكد ظاهرة متنامية تشير إلى وجود "جيلين ضمن جيل واحد". فمن خلال جلسات استماع ونقاش مع مراهقين وشباب في مدارس وجامعات ومراكز شبابية في الولايات المتحدة، بات من الواضح وجود اختلافات جذرية في التجارب والتوجهات السياسية بين من يُطلق عليهم "جيل زد 1.0" و"جيل زد 2.0".

ما قبل الجائحة أم بعدها؟

الفئة الأكبر سنًا من "جيل زد" (1.0) عاشت سنوات مراهقتها قبل جائحة كورونا، وتزامن نضوجها السياسي مع فترة رئاسة ترامب الأولى، وما تلاها من حركات احتجاجية واسعة للعدالة العرقية والمساواة الجندرية. أما الفئة الأصغر سنًا (جيل زد 2.0)، فقد دخلت مرحلة النشأة والبلوغ خلال الجائحة أو بعدها، وتعرضت لتجربة تعليمية مضطربة سواء عبر التعليم عن بعد أو الحضور المحدود في جامعات غير مكتملة النشاط. ومع وجود جو سياسي أقل استقطابًا في عهد بايدن، بدا التيار المحافظ وكأنه حركة تمرد مضادة للتيار، لا سيما بين الشباب الذكور.

ولعل أبرز ما كشفته الدراسة هو الفجوة الجندرية، إذ أظهرت بيانات مؤسسة "بلو روز" أن الفرق في الدعم للحزب الديمقراطي بين الشباب الذكور والإناث ممن هم دون سن 25 وصل إلى 20 نقطة، وهو أكبر فرق مسجّل بين الجنسين في أي جيل حتى الآن.

وقالت إيلي مورتيل، مديرة البحوث في المؤسسة: "النساء دائمًا ما يملن أكثر للديمقراطيين، لكن الفارق بهذا الحجم بين الذكور والإناث أمر غير مسبوق".

الشابات أيضًا

لكن التركيز على الشباب الذكور وحدهم يغفل بعض التفاصيل المهمة، فحتى بين الشابات، خصوصًا من ذوات البشرة البيضاء، بدأت تظهر ميول أكثر تحفظًا. وبحسب مركز "سيركل" بجامعة "تافتس"، فإن الشابات البيض بين 18 و29 عامًا انقسمن بالتساوي بين تأييد ترامب ونائبته السابقة كمالا هاريس في الانتخابات الأخيرة، وهو تغير كبير مقارنة بعام 2020، حين صوّتت هذه الفئة لصالح بايدن بفارق 15 نقطة.

أثر الجائحة

العديد من هؤلاء الشباب أشاروا إلى أن القيود المفروضة خلال الجائحة شكّلت لديهم شعورًا بالتمرد تجاه السلطة، سواء من خلال القوانين الصحية أو من خلال ما وصفوه بثقافة "الرقابة الاجتماعية" و"الإلغاء" المنتشرة على الإنترنت. هذا المناخ، بحسب الكثيرين، ربطوه بالحزب الديمقراطي الذي كانوا يرونه مسؤولًا عن تلك السياسات، سواء في واشنطن أو عبر ثقافة الإعلام ووسائل التواصل.

في نقاشات أُجريت أخيرًا، عبّر كثير من الشباب عن استيائهم من ثقافة "الإلغاء" التي تمنع حرية التعبير وتدفع البعض نحو مواقف أكثر تطرفًا كرد فعل.

الذاكرة السياسية

الشباب الأصغر سنًا كانوا في سن الطفولة خلال رئاسة ترامب الأولى، ولم يعيشوا تأثيرها بشكل مباشر، الأمر الذي جعلهم أقل حذرًا من إعادة انتخابه. على النقيض، الشباب الأكبر سنًا يتذكرون جيدًا السياسات الترامبية وتأثيرها العالمي والمحلي.

تيك توك.. المصدر الأول

لكن ربما العامل الأكثر تأثيرًا هو التحوّل السريع في مصادر الأخبار. فوفقًا لخبراء، فإن منصة "تيك توك" أصبحت المصدر الأول للمعلومات السياسية لدى الجيل الجديد. ومراجعة لمحتوى تيك توك قبيل انتخابات 2024 أظهرت أن المنشورات الداعمة لترامب كانت ضعف تلك المؤيدة لبايدن. ويشير ذلك إلى تغير في المزاج العام داخل المنصة، وهو ما يؤثر بشدة على الفئة العمرية 18-21.

الشباب اليوم لا يتلقون معلوماتهم من مصادر تقليدية كالصحف أو حتى التلفاز، بل من صناع محتوى غير سياسيين على "تيك توك" و"إنستغرام". وهذا ما يجعل مواقفهم السياسية تتأثر بعوامل غير تقليدية، بل وحتى عاطفية وشخصية.

جيل يتغير أسرع

ما يميّز جيل "زد" ليس فقد التحولات الرئيسية التي تحدث له لكن الأهم هو السرعة التي تحدث بها هذه التغيرات، سواء من حيث التكنولوجيا أو الثقافة السياسية. وإذا أراد السياسيون، سواء في الولايات المتحدة أو في العالم فهم هذا الجيل والتفاعل معه، فعليهم أولًا أن يسألوا أنفسهم: أي جيل سنتحدث معه "1.0" أم "2.0".