الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

15 دقيقة انتهت بتهديد لبوتين.. رسائل حملها لقاء ترامب وزيلينسكي

  • مشاركة :
post-title
لقاء زيلينسكي وترامب على هامش جنازة البابا فرنسيس

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

مع صخب الأحداث الراهنة وسط ظلال الحرب الروسية الأوكرانية، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مشهد رمزي حافل بالرسائل الدبلوماسية، وعلى هامش جنازة البابا فرنسيس الذي طالما ناشد بوقف الحروب.

وبينما كانت قبة كاتدرائية القديس بطرس تلقي بظلالها على اللقاء القصير الأول من نوعه منذ خلافهما العاصف في واشنطن، والذي حمل بين طياته بوادر أمل وشكوكًا عميقة في آن واحد، وأعاد رسم ملامح المشهد السياسي وسط تهديدات ترامب بفرض عقوبات جديدة على الكرملين.

رسائل حاسمة

في روما، اجتمع الرئيسان دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي اليوم، على هامش جنازة البابا فرنسيس، في أول لقاء بينهما منذ الأزمة الدبلوماسية الكبرى التي اندلعت بينهما إثر لقائهما العاصف بالبيت الأبيض في فبراير الماضي.

وقد وصف البيت الأبيض اللقاء الذي جرى داخل كاتدرائية القديس بطرس بأنه "مثمر للغاية"، بينما اعتبره زيلينسكي "رمزيًا للغاية وقد يصبح تاريخيًا إذا أسفر عن نتائج مشتركة"، وفق ما نشره عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس".

التقى الزعيمان أولًا لبضع دقائق برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، قبل أن يعقدا اجتماعًا فرديًا دام نحو 15 دقيقة داخل أروقة الفاتيكان.

نوايا بوتين

في أعقاب اللقاء، جدّد ترامب دعوته إلى عقد قمة "رفيعة المستوى للغاية" بين روسيا وأوكرانيا، هدفها إنهاء الحرب التي بدأت منذ فبراير 2022، إلا أن نبرة التفاؤل سرعان ما خفُتت مع انتقادات لاذعة وجهها ترامب إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إثر الهجمات الصاروخية الأخيرة على الأراضي الأوكرانية.

وكتب ترامب عبر منصة Truth Social خلال عودته إلى الولايات المتحدة: "لم يكن هناك سبب يدعو بوتين لإطلاق الصواريخ على المدن والمناطق المدنية خلال الأيام الأخيرة، هذا يجعلني أفكر أنه ربما لا يريد وقف الحرب، بل يستغلني، ويجب التعامل معه بشكل مختلف، من خلال المعاملات المصرفية أو العقوبات الثانوية، الكثير من الناس يموتون!!!".

كانت هذه التصريحات بمثابة تراجع عن تقييمه الإيجابي السابق الذي أعلنه قبل يوم واحد فقط، حين قال إن "روسيا وأوكرانيا قريبتان جدًا من التوصل إلى اتفاق".

العرض رفضته أوكرانيا

لم تكن تحركات ترامب عشوائية، فقد عرض الأسبوع الماضي خطة لإنهاء الحرب تتضمن اعتراف الولايات المتحدة بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا، وقبول شبه رسمي بسيطرة روسيا على معظم الأراضي التي احتلتها منذ الغزو.

ورغم أن بعض مستشاري ترامب ضغطوا باتجاه تنفيذ هذه الخطة، فإن كييف رفضت العرض الأمريكي جملةً وتفصيلًا، واقترحت بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا خطة مضادة، تشترط وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط كخطوة أولى قبل البدء في أي مفاوضات بشأن اتفاق السلام النهائي، بحسب ما أفاد به دبلوماسيون أوروبيون.

في سياق الجهود الدبلوماسية المكثفة، اجتمع مبعوث البيت الأبيض الخاص، ستيف ويتكوف، مع الرئيس الروسي في الكرملين الجمعة، في لقاء استمر ثلاث ساعات لمناقشة سبل إنهاء النزاع.

وعلى الرغم من إشارات البيت الأبيض إلى أن اللقاء كان "مهمًا للغاية"، فإن القصف الروسي العنيف على كييف ومدن أخرى ألقت بظلال قاتمة على فرص السلام، وسط استمرار موسكو في استهداف مواقع مدنية.

ضغوط الداخل الأمريكي

لم تتوقف الضغوط على ترامب عند حدود التصريحات الإعلامية، إذ طالب السيناتور الجمهوري تشاك جراسلي بفرض "أشد العقوبات على بوتين"، محذرًا من أن بوتين "يستخدم الولايات المتحدة ككبش فداء".

وقد سبق لترامب أن أعلن عن فرض رسوم جمركية عالمية جديدة هذا الشهر، لكنه لم يدرج روسيا ضمن قائمة الدول المستهدفة، ما أثار انتقادات داخلية حتى من بعض أنصاره.

وكان لقاء ترامب وزيلينسكي في الفاتيكان قصيرًا لكنه محوري، إذ جرى في أجواء يغلفها طابع رمزي عميق، فجلوسهما على كراسي بسيطة فوق الرخام البارد في قاعة جنازة البابا كان أشبه برسالة خفية تحث على السلام في زمن يعج بالحروب.

ورغم أن ترتيبات لقاء آخر كانت جارية، بحسب مكتب زيلينسكي، فإن جدول أعمال ترامب المزدحم حال دون انعقاد لقاء إضافي، إذ غادر مباشرة إلى مطار روما لرحلة العودة إلى واشنطن.

مستقبل أوكرانيا

في مقابل سعي زيلينسكي لاستعادة كل الأراضي المحتلة بما فيها شبه جزيرة القرم، بدا ترامب متشائمًا حيال هذا الهدف، معتبرًا خلال مقابلة مع مجلة "تايم" نُشرت الجمعة أن "القرم ستبقى جزءًا من روسيا".

وأضاف ترامب خلال المقابلة نفسها: "الجميع يعرفون أنها كانت مع روسيا منذ وقت طويل".

تصريحات ترامب عكست رؤية براغماتية تغلّب الواقعية السياسية على الطموحات الوطنية الأوكرانية، وهو توجه قد يؤثر على أي مفاوضات مستقبلية بين واشنطن وموسكو.

رغم تصاعد الضغوط الدولية، فإن طريق إنهاء الحرب لا يبدو ممهدًا، فبينما قبل زيلينسكي مبدئيًا خطة أمريكية لوقف الأعمال العدائية لمدة 30 يومًا، رفضت موسكو التوقيع عليها، واستمرت في قصف المدن الأوكرانية.

نجاح الدبلوماسية بات مرهونًا بقدرة الولايات المتحدة وأوروبا على الضغط الحقيقي على روسيا، سواء عبر التلويح بعقوبات جديدة أو عبر مبادرات سياسية أكثر جدية تضع حدًا لسفك الدماء المستمر.